كِده تَسليك .. كِده تَوْليع
تصدّرَ ذلك الموظّف
المُنافِق صفوفَ زُملائه في ديوان المحافظة أثناء حفل استقبال المُحافظ الجديد
شادياً بصوْتٍ رقيقٍ كالعندليب:
- كل العاملين في مبنى المُحافظة يُرحِّبون
بتعيين سيادتكم الميْمون وهم في مُنتهى السعادة والسرور .. واسمح لي يا فندم أن أُعبِّر
– بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن زُملائي – عن تقديرنا لمعاليك بهذه الأبيات
المُتواضعة من نَظْم العبد لله:
طَلَبـوا الذي نالوا
فما حُرِمـــوا..... رُفَعَــــتْ فَما حُطـَــــتْ لَهُـــم رُتــَبُ
وُهِبوا ومـا مُنَّتْ
لَـهُم خُلُـــــقُ..... سَلِمــــــوا فَما أُوديَ بِهِـــم عَطَــــبُ
جَلَبوا الذي
نَرْضَى فَما كَسَدوا..... حُمِدَتْ لَهُم شِيَمٌ فَـمـــا كُسِــــــبوا
غَضَبوا وما ساءَتْ
لهم خُـلُـقُ..... سُـتِروا فـما هُتِـكت لـهُم حُـجُـبُ
ذَهَــبوا وما يَمـضـي
لـهُـم أَثَـرُ..... رُحِـمـــوا فـلا حَـلَّـت بهـم نُـــوَبُ
حَسَبٌ لـهُم يزكو
فما سَقَطوا.....كَـلِـــمٌ لـهُم صَدَقَتْ فـمــا كَـذبــوا
عُصَبٌ بهم نُصِرَتْ
فما خَذلوا..... شَـــرفوا فـلا يَدنـو لـهُم حَـسَــبُ
(تصفيق حاد مُنقطع
النظير من الجميع)
- شُكراً .. أخجلتم تواضُعنا يا أستاذ....
- محسوبك: "عبد المسيح الجوخي" موظّف أرشيف بالدرجة الثالثة
بالإدارة العامّة للأنفاق ومُنتظر الترقية للدرجة الثانية .. وسيادتك كُلَّك نظر
بقى .. بَس اسمح لي كمان أقول أبيات عن المُحافِظ القديم اللي كان قارِفنا ومطلَّع
بوزنا الله لا يرجِع أيّامه:
رُتَبٌ لَهُم
حُــطّتْ فَمــــا رُفـِــعَتْ... حُرِموا فَما نَالوا الـــــذي طَـــلَبوا
عَطَبٌ بِهِم أُوديَ
فَمــــا سَـــــلِموا... خُلقٌ لَهُم مُنَّتْ ومــــــــا وُهِــــبوا
كُسِـــــبوا فَما
شِيَمٌ لَــهُم حُمِــــدَتْ... كَسَدوا فَما نَرْضَى الذي جَلَــــبوا
وأشار المُحافظ بالاكتفاء بهذا القدر، وبعد
انتهاء الحفل انفردَ أحد الموظّفين بزميله "عبد المسيح" ودار بينهما هذا
الحوار:
- هوَّ انت يا ابني كل مُحافظ ييجي علينا تمدح فيه .. وتشتِم ف
اللي قبله؟
- دي أصول الشُغل يا مُغفّل .. أومّال انا باخُد الترقيات
والعلاوات دي كلّها ازّاي!
- بَس انت باين عليك شاعر فصيح وخطيب مُفوّه.
- لا شاعر ولا بتنجان .. السبع أبيات اللي انا باقولهم دول بتوع شاعر قديم اسمه "اسماعيل ابن أبي بكر المقري" .. ولّا "المقريزي" مش فاكر .. لو قريتهم من اليمين للشمال يبقوا مدح .. ولو قريتهم هُمَّ نفسهم من الشمال لليمين يبقوا ذَم.
