خبر
أخبار ملهلبة

معنى عبارة: "اسكندرية ماريا وترابها زعفران"

 


معنى عبارة: "اسكندرية ماريا وترابها زعفران"

 

 

يشتمل التفسير على شِقّيْن: الأوّل هو تفسير "ماريا"، والثاني هو تفسير "زعفران":  

# تفسير "ماريا":

-       يقال أن بعض الأندلسيين حين زاروا "الأسكندريّة" قديماً أعجبتهم كثيراً فشبّهوها بمدينة "ماريا" “Maria” الجميلة التي تقع في مقاطعة "ألميريا" “Almeria” بجنوب شرق "الأندلس" ("إسبانيا" حالياً).

-       يقال أنها تعني "ميرت" باللغة الفرعونيّة وهي الميناء أو المدينة التي بها ميناء بحري.

-       يقال أنها تعني "ميريت" باللغة الفرعونيّة وهي الإبنة المحبوبة من أبيها (حبيبة أبوها).

-       يقال أنها تعني باللغة القبطية "ماري" “Mary” أي "العذراء مريم" تأسيساً على أن كنيسة "الأسكندرية" هي قصبة الكنيسة الارثوذكسية المصرية ورمز الأقباط المصريين.

-       يقال أنه اسم مرفأ قديم هو مرفأ "ماريا" على بحيرة "مريوط" جنوب "الاسكندرية" والذي اكتُشِف منذ حوالي نصف قرن وكان - في العصور القديمة - يعد المدخل التجاري لوادي النيل وقد بقي من معالمه القديمة رصيفٌ ومخازن للغلال وكنيسة بيزنطية صغيرة.

-       يقال أنها مشتقّة من الكلمة الإنجليزيّة “Merry” والتي تعني المرح والبهجة والسرور وتشير أيضاً إلى البركة.

-       يقال أنها نسبةً الى "الميرة وتعني الطعام الذي يمتاره (يجمعه ويعدّه)الإنسان ومنه قوْل العرب: "يمتار الناس لأنفسهم ويَـمْرون غيرهم ميْراً" .. وقوْل عوام المصريين: "مطرح ما يسري يمري" وهو مثل يقال على سبيل الدعاء بأن يكون الأكل غذاءً نافعاً للبدن .. وعبارة {"اسكندرية" مَريّة} بهذا المعنى يُقصَد بها أنها مدينة كثيرة الميرة أو كثيرة الطعام والغذاء ذو النفع والفائدة.

# تفسير "زعفران":

-       الزَّعفران: نبات قُرْمِي عِطري مُعمَّر من الفصيلة السَّوْسَنِيَّة (نفس فصيلة البصل) .. ومنه أَنواعٌ برّية تنمو وحدها ربّانيّاً بفعل المطر وتكثر في المدن الشاطئيّة وأنواعٌ زراعيّة يغرسها الإنسان بنفسه .. وأزهاره لونها أحمر يميل للصُفرة .. وتستخدم في الطب وفي تطييب الطعام وإكسابه لوناً جميلاً وفي صبغة الأقمشة وخلافها .. وبالمناسبة فإن زعفران الحديد هو صدؤه ذو الحُمرة المشوبة بالصفار .. وعليه فإن التراب الزعفران هنا هو التراب الأحمر المائل للصُفرة.

-       الزَّعفران: هو تراب الجنّة.

# وقد جمع "الشماخ بن ضرار" (شاعر مخضرم شهد الجاهليّة والإسلام) الكلمتيْن (ماريا والزعفران) معاً في بيْته الشهير الذي وصف فيه قوْسَ صيّادٍ مصنوعٌ يدويّاً بمهارةٍ وتفنّن:

"كَأَنَّ عَلَيْهَا زَعْفَرَانًا تُمِيرُهُ خَوَازِنُ عَطَّارٍ يَمَانٍ كَوَانِزُ".   

وقد جاء في كتاب "فضائل مصر المحروسة لابن الكِندي" (والذي ألّفت على غراره كتابي الساخر "فضائح مصر المهروسة لابن النكدي") وصفٌ بديع عن مدينة الأسكندرية إبّان العصور الغابرة .. هذا نصّه :

"وفي كل مدينةٍ من مدن مصر المحروسة آثارٌ عجيبة من الأبنية والصخور والرخام والبرابي، وتلك المدن كلها تأتي من السفن تحمل الطعام والمتاع والآلات إلى الفسطاط تحمل السفينة الواحدة ما يحمله خمسمائة بعير.
ومنها: الإسكندرية في أبنيتها وعجائبها وآثارها، وأجمع الناس أنه ليس في الدنيا مدينة على ثلاث طبقات غيرها، ولما دخلها عبد العزيز بن مروان وهو إذ ذاك أمير مصر، قال لعاملها حين رأى آثارها وعجائبها: أخبرني كم كان عدد أهلها في أيام الروم؟ قال: والله أيها الأمير ما أدرك علم هذا أحد من الملوك قط، ولكن أخبرك كم كان فيها من اليهود، فإن ملك الروم أمر بإحصائهم فكانوا ستمائة ألف. قال: فما هذا الخراب الذي في أطرافها؟ قال: بلغني عن بعض ملوك فارس حين ملكوا مصر، أنه أمر بفرض دينار على كل محتلم لعمران الإسكندرية، فأتاه كبراء أهلها وعلماؤهم، وقالوا: أيها الملك لا تتعب، فإن ذا القرنين الإسكندر أقام على بنائها ثلاثمائة سنة. ولقد أقام أهلها سبعين سنة لا يمشون فيها نهاراً إلا بخرقٍ سود في أيديهم، خوفاً على أبصارهم من شدة بياضها.
ومن فضائلها ما قاله المفسرون من أهل العلم: إنها المدينة التي وصفها الله تعالى في كتابه الكريم، فقال: "إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد". وقال أحمد بن صالح: قال لي سفيان بن عيينة: يا مصري، أين تسكن؟ قلت: أسكن الفسطاط، قال: أتأتي الإسكندرية؟ قلت: نعم، قال لي: تلك كنانة الله يحمل فيها خير سهامه. وقال عبد الله بن مرزوق الصدفي: لما نعى إلي ابن عمي خالد بن يزيد وكان توفي بالإسكندرية لقيني موسى بن علي بن رباح، وعبد الله بن لهيعة والليث بن سعد متفرقين، كلهم يقولون: أليس مات بالإسكندرية! فأقول: بلى فيقولون: هو حيٌ عند الله يرزق، ويجري عليه أجر رباطه ما قامت الدنيا، وله أجر شهيد حتى يحشر على ذلك.
ومن عجائبها المنارة، وطولها مائتان وثمانون ذراعاً، وكان لها مرآة ترى فيها من يمر بالقسطنطينية.
وفيها الملعب الذي كانوا يجتمعون فيه، لا يرى أحدهم شيئاً دون صاحبه ولا يتظالمون، ينظر وجه كل واحد منهم تلقاء وجه صاحبه، إن عمل أحدهم شيئاً أو تكلم أو قرأ كتاباً أو لعب لوناً من الألوان سمعه الباقون، ونظر إليه القريب والبعيد سواء. وفيه كانوا يترامون بالكرة، فمن دخلت كمه ولي مصر، وكان عمرو بن العاص قد دخل تاجراً في الجاهلية بالأدم والقطن، فشهد هذا الملعب فيمن ينظر، فدخلت الكرة كمه، فأنكروا ذلك، وقالوا: ما كذبتنا هذه الكرة قط! أنى لهذا الأعرابي بولاية مصر! فأعادوها، فعادت الكرة إلى كمه مرات فتعجبوا من ذلك، إلى أن جاء الله بالإسلام، وكان من أمره ما كان.
وبها السواري والمسلتان، وعجائبهما وآثارهما أكثر من أن تحصى، حتى إن خليجها مبلط بالرخام من أوله إلى آخره يوجد كذلك إلى اليوم.
وقال الذين ينظرون في الأعمار والأهوية والبلدان بمريوط من كورة الإسكندرية، ووادي فرغانة.
وذكر أهل العلم أن المنارة كانت في وسط الإسكندرية حتى غلب عليه البحر، فصارت في جوفه، ترى الأبنية والأساسات في البحر عياناً إلى يوم القيامة".

الأسكندرية الآن في القرن الحادي والعشرين ما زالت جميلة ولكنها مهمَلة غير نظيفة كسائر مدن مصر فقد قسوْنا عليها بسوء طباعنا وفظاظة إهمالنا .. ندعو الله أن يمن عليها بمَن يعرف عظيم قيمتها وحسن جمالها وسمو مكانتها بين المدن الأخرى بمصر والعالم.

google-playkhamsatmostaqltradent