ديمقراطيّة ديمقراطيّة .. ما فيش كلام
سمع حاكمٌ عربيٌ ديكتاتور إن الأمم المُتّحدة
سوف تمنح جائزةً كبيرةً لأكثر حاكمٍ ديمقراطيٍ في العالم بشرط أن يسمح هذا الحاكم
بحُريّة الاعتراض والتظاهُر في بلاده فقرّر أن يكسبها، وقام الحاكم باستدعاء نائبه
وقال له وقد تملَّك منه الحماس:
- أنا عايزك تخلّي شويّة من الشعب يعملوا مظاهرة صغنونة كده وتصوّرها
فيديو علشان نبعته للأمم المُتحدة .. أنا لزماً آخُد جايزة الدقروماطيّة دي.
- بس جنابك ما عندناش حَد ف البلد بيفتح بُقُّه إلّا عشان ياكُل
أو يتوجّع أو يعترف ف أمن الدوْلة.
- حاول تستفز الناس بأي قرار ظالم ما لهوش لازمة علشان يعترضوا
ويتظاهروا .. أقول لك: خلّي أهل البلد يدفعوا إتاوة كل ما واحد فيهم يطلع ع الجسر
الوسطاني فيثوروا ويعترضوا.
- ح احاول معاليك .. بس الشعب ده خلاص مات.
وبعد ساعة اتصل النائب برئيسه وقال له:
- الناس بتدفع الإتاوة من غير ما تفتح بُقّها .. أعمل إيه؟
- خلاص خلّي الإتاوة الدوبل .. اللي طالع الجسر يدفع واللي نازل
منه يدفع برضه.
وبعد ساعتيْن اتصل النائب يائساً وقال للرئيس:
- ما فيش فايدة .. الناس ما بقاش عندها نخوة .. برضه بيدفعوا من
غير ما يعارضوا.
- ما بِدّهاش أنا جاي لك ع الجسر .. وعلى بال ما آجي خلّي
المواطن يدفع الإتاوة قبل ما يطلع ع الجسر .. ولمّا يطلع خلّي عساكر الأمن المركزي
يغتصبوه قُدّام الناس كلها .. وامّا ينزل من ع الجسر دفّعوه الإتاوة تاني .. أكيد
بقى ما حدِّش ح يسكت.
وذهب الحاكم للجسر مُمسِكاً بكاميرا الفيديو
كي يلتقط مشاهد الاعتراض التي قد تحدُث من ذلك الشعب الخانع الخاضع الذي قد يثور
لكرامته وشرفه، ولكن دون جدوى فقد حلَّ العرقسوس البارد محل الدم في عروق ذلك
الشعب الذليل.
وبعد ساعاتٍ سمع الرئيس واحداً من المواطنين
يصرُخ بصوْتٍ عالٍ في الجنود، فهبَّ الرئيس واقفاً يصيح في نائبه:
- هات الراجل ده قوام علشان أصوّره وهو بيعارِض.
أُحضِرَ المُواطن ثائراً وهو يمشي ونصفه السُفلي
عارٍ بعد أن خلع سرواله فوْق الجِسر، ولكنه عندما فوجئ بالرئيس أمامه هدأت ثائرته
وقال وهو يرتعش:
- لا مؤاخذة يا ريّس ما اعرفش إن عظمتك هنا .. أنا بَس كُنت باقول لهم يا ريت تزوِّدوا عدد العساكر علشان يخلّصوا اغتصابنا بدري بدري ونلحق نشوف أشغالنا.
