خبر
أخبار ملهلبة

مصير صرصار | مسرحية من تأليف: توفيق الحكيم | الناشر: مكتبة مصر | 1966


لوحة فنية لرجل وامرأة وصرصار كغلاف مسرحية مصير صرصار

مصير صرصار

 

 

مقدمة

منذ أن كتبتُ عن الصراصير وهي تحوم حولي بالحجرة في ألفةٍ وبدون كلفة! .. ولست أدري ما سر اهتمامي بالحشرات؟ .. إلا أن يكون بي عرقٌ حي من قدماء المصريين، الذي كانوا يجمعون بين الحشرة والإنسان في هيكلٍ واحد؛ فهذا تمثالٌ له رأس جعران وجسم إنسان!

لا أستطيع تخيّل عملٍ فني تخيّلاً كاملاً .. لا بد لي من ركيزةٍ، ولتكن صغيرة، من حقيقةٍ أو واقع .. ولقد رأيتُ في الواقع صرصاراً يكافح للخروج من حوْض حمامي .. ما أروع منظر الإصرار على كفاحٍ لا أمل فيه.

لا أريد أن أُدخِل هذه المسرحية في نطاق المأساة أو الملهاة، إنها مجرد مسرحية وكفى .. ولكن «الإصرار على كفاحٍ لا أمل فيه» هو في مفهومي جوهر التراجيديا .. وهذا المفهوم يجعلني لا أتقيّد بالتعريفات المألوفة؛ فليس الحزن ولا الكوارث ولا موت البطل بشرط عنـدى للتراجيديا؛ إنما الشرط أن تكون نهاية البطل نتيجة لصراعه مع قوةٍ لا قِبَل له بها .. وعلى ذلك فإن «هاملت» تخرج عندي من نطاق التراجيديا لتدخل في نطاق الدراما؛ لأن نهاية «هاملت» جاءت نتيجة طعنةٍ من سيفٍ مسموم، خارجة عن جوهر مأساته، وكان من الممكن أن لا تصيبه، وأن يعيش، وأن يحكم بلاده الحكم الصالح .. في حين أن «عطیل» تدخل عندى في نطاق التراجيديا؛ لأن نهايته جاءت حتميّةً لجوهر المأساة، وللموقف الذي صار إليه .. هناك موضوعاتٌ يمكن معالجتها تراجيديّاً، ولكنها تعالَج على نحوٍ آخر .. مثال ذلك مسرحيتي «إيزيس» .. إني لم أجعل منها تراجيديا؛ بل مسرحيةً قد تكون سياسة .. في حين أن «مشلينيا» في أهل الكهف أراد أن يعيش حياةً جديدة مع مَن يحب، ولكن الزمن الجديد رفض .. رفض إرجاع عقاربه إلى الوراء .. إن المجتمع الجديد في رفضه وطرده لأشباح الماضي؛ له قوةٌ لا تقاوَم .. وعلى الرغم من إصرار «مشلينيا» ومجادلته فإنه أدرك أن الهوّة التي أمامه لا يمكن اجتيازها .. كذلك «أوديب» عندي، كانت نهايته محتومةً لموقفه .. كما هي عند «سفوكليس»، ولكني أضفت إليه سلاحاً من أسلحة عصرنا، وهو العقل الجدلي، زيادةً في تمكين البطل من مواجهة مصيره .. فجعلته يحاول جاهدا بالمنطق إقناع «جوكاستا» لتفادي الكارثة، ولكن كل كفاحٍ بشريٍ عديم الجدوى أمام تلك القوة التي لا قِبَل للإنسان بها .. ومع ذلك يكافح .. وهنا مأساة الإنسان وعظمته.


-       الفصل الأول.  

-       الفصل الثاني. 

-       الفصل الثالث.

google-playkhamsatmostaqltradent