خبر
أخبار ملهلبة

رجعت ريما لعادتها القديمة | معنى وأصل وقصة أمثال شعبية (1)


امرأة محجبة تطهو الطعام في إناء وفي الخلفية قرية بها مسجد

رجعت ريما لعادتها القديمة

 

 

معنى ومناسبة المثل:

يقال هذا المثل الشعبي للشخص الذي يهجر عادته التي اعتادها ثم ينقلب حاله مرّةً أخرى فيعود لسيرته الأولى وسلوكه القديم.

جنسيّة المثل وأصل منشأه:

يختلف أصل نشأة المثل باختلاف قصته وروايته .. ويتأرجح بين ثلاثة بلاد:

-       "مصر" (وبالتحديد "القاهرة"): خصوصاً وأنه يحكي عن الغانية المصريّة "حليمة الزنّاريّة" (وبمرور العصور والأزمان تم تحريف "حليمة" إلى "ريما") كما جاء في الرواية الأولى.

-       "الجزيرة العربيّة" (وبالتحديد "نجد"): خصوصاً وأنه يحكي عن "حليمة" (التي تم تحريفها إلى "ريما") زوْجة "حاتم الطائي" وهو رمز الكرم والسخاء عند العرب وكان أمير وشاعر قبيلة "طيّء" بـ"السعوديّة" حالياً والذي عاش ومات قبل ظهور الإسلام مباشرةً (وكان ابنه "عُدَي بن حاتم" من صحابة رسول الله ﷺ) كما جاء في الرواية الثانية.

-       "لبنان" (وبالتحديد "بيروت"): خصوصاً وأنه يحكي عن السيّدة "ريما البيروتيّة" كما جاء في الرواية الثالثة.

قصة المثل:

كثرت الروايات والأقاويل التي تشرح قصّة المثل ولكن أهم ثلاث روايات كانت:

-       الرواية الأولى:

جاء في هامش كتاب "ثمرات الأوْراق" لـ"ابن حجّة الحموي": "حليمةٌ" هذه هي "حليمة الزنّاريّة" .. وهي بغيٌّ (عاهرة) عاشت في "قاهرة المعز" إبّان العصر الأيّوبي .. وكان الجُند والفلّاحين وصغار الكَسَبة (مَن يتكسّبون المال) يأتونها للفاحشة .. ثم تاب الله عليها فلبست الصوف وتسلّحت بمسبحةٍ أم تسعةٍ وتسعين حَبّةً من أجل الوِرد والأذكار بين قيام الليل ونوافل النهار بعد أن كسرت الطنبور (آلة العود الموسيقيّة) والبربط (آلة وترية تشبه السمسميّة الآن) وآلة النبيذ .. ويبدو أن توْبة "حليمة" وتُقاها لم يدوما طويلاً ففي أحد أيّام الربيع الجميلة تحرّك عِرْق (داء أو عادة) الدَمْن (الشيء السيء الكريه القديم) في تلك الخضراء (المرأة الحسناء ذات المنبت القذر والأصل الخبيث التي تبدو كالشجرة الجميلة الخضراء التي نبتت في تربةٍ مليئةٍ بالبراز والسماد وروَث البهائم) فتجمّرت (وضعت لوْناً أحمر على خديْها لتظهرا كالجمرة الحمراء) وتعطّرت وتبّخرت ولبست أفخر ثيابها ثم أسفرت (أصبحت سافرة غير محتشمة) لتعود للجلوس إلى شِلّة جَلْد "عُميْرة" (جماعةٍ من الناس المهووسين بالمرض النفسي الساديّة أو الماسوكيّة فيثار أحدهم عندما يمارس الجنس مع طرفٍ آخر ويقوم أحد الطرفيْن بجَلْد الآخر وضربه بالسوط أو الكرباج كما كان يحدث مع "عُميْرة" أحد العرب الغابرين الذي اشتهر بذلك الفِعْل) كما كانت تفعل أيّام عِزّها .. فقال الناس: "رجعت حليمة لعادتها القديمة".

-       الرواية الثانية:

جاء في كتاب "لئلّا تضيع" لـ"سلّام الراسي" (عن الموْروثات الشعبيّة) أن "حليمة" زوْجة "حاتم الطائي" كانت مشهورةً بالبُخل والتقتير فكانت تقتصد في استعمالها لكل شيء حتّى إنها كانت تضع السمن عند الطهي بأصغر معلقةٍ لديها  فينضج الطعام سيء الطعم وعديم المذاق .. وأراد زوجها - الذي اشتُهِر بالكرم والجود - إن يغيّر من سلوكها فزعم أنه جاء في الأثر (ذُكِر في قصص التراث) أن الأقدمين قالوا قديماً أنه مقابل كل ملعقة سمنٍ تضعها المرأة في طنجرة (حَلّة) الطهي يكافئها الله عليها بيوْمٍ زائدٍ في عمرها وأنه كلّما زادت في وضع السمن على الطعام زاد عمرها أيْضاً .. فأخذت "حليمة" تزيد ملاعق السمن في الإناء وتستخدمه بسخاءٍ عند الطهى حتّى تعوّدت على ذلك وأصبح طعامها طيّباً .. وذات يوْم شاء الله أن يفجعها بوفاة ابنها الوحيد الذي كانت تحبه أكثر من نفسها فجزعت حتى تمنّت الموْت لتلحق به .. وأخذت تقلّل من وضع السمن في الطبخ حتى ينقص عمرها وتموت بسرعة .. فقال الناس "عادت حليمة إلى عادتها القديمة".

-       الرواية الثالثة:

جاء في كتاب "الأمثلة البيروتية في سياق الأمثلة اللبنانية" لـ"سعد الدين فروخ" أن إحدى السيّدات اللبنانيّات وكانت تُدعى "ريما" وأنها كانت امرأةً طيّبة القلب ولكنها كسولةٌ وقليلة الهِمّة .. وكان زوجها يحضّها على العمل فكانت تستجيب إلى طلبه ثم يعاودها الكسل مرّةً أخرى .. ولما تكرّر إهمالها وتكرّر طلبه إليها من أجل أن تُقلِع عن كسلها قال ذات مرّة: "عادت ريما لعادتها القديمة" ثم أصبح يردّد هذه العبارة كثيراً فسمعها منه الأقارب والجيران وأصبحوا يقولونها في كل مناسبةٍ شبيهة حتّى توارثها الأبناء والأحفاد منهم.

تعليق "ابن أبي صادق":

أغلب الظن أن الرواية الثالثة هي الأصدق والأقرب إلى الحقيقة لأن اسم "ريما" (وهو مشتق من اسم "ريم" ويحمل ألِفاً زائدةً كنوْعٍ من التدليل والدلع ويعني: الظبي الرضيع الجميل ذو البياض الشديد) لم يكن ذائعاً في "مصر" و"السعوديّة" قديماً بل كان منتشراً بكثرة في بلاد "الشام" (ومنها "لبنان") .. كما أنه من المستبعد تماماً أن يتم تحريف اسم "حليمة" إلى "ريما" لأن الفرق بينهما كبير بل أن اسم "حليمة" هو الشائع واسم "ريما" هو النادر .. بالإضافة إلى أن "حاتم الطائي" كان متزوّجاً من ثلاث زوْجات هن: "ماوية الغسّانيّة" و"النوّار بنت ثرملة" و"العالية العنزيّة" ولم يُذكَر أبداً اسم "حليمة" بيْن نسائه .. والله أعلم.

google-playkhamsatmostaqltradent