صورة واحد خاطِب واتجوِّز (1)
الجمعة:
ذهبتُ في المساء إلي القهوة لأُقابل صديقي
الصدوق وجاري القديم "أنيس المُغفّل" الذي جاء من "السعوديّة"
في أجازة، وبعد أن تصافحنا وأخذنا بعض بالأحضان طلبنا الشاي ودار بيننا هذا
الحوار:
-
حمد الله ع السلامة
يا "أنيس" .. والله زمان يا حبيبي .. بقى لنا سنتين ما اتقابلناش ولا
قعدنا مع بعض القَعدة الحلوة دي.
-
الله يسلّمك يا صاحبي .. واحشني كتير واللهِ.
-
الله يكرمك .. وقاعد
ف "مصر" قد إيه المرّة دي .. أوعى تسافر بعد يومين زَيْ أجازة السنة
اللي فاتت اللي ما لحقناش نشوف بعض فيها.
-
لأ اطمِّن يا
"ساذج" يا اخويا .. المرّة دي مطوِّل شويّة ويمكن أقطع إعارتي
للـ"السعوديّة" واقعُد هنا .. أصل فيه حاجة كده يمكن تكون فاتحة خير
ليَّ.
-
خير إن شاء الله؟
-
أصلي بافكّر أخطب
بنت عمّي ونتجوِّز قوام قوام واستقر هنا بقى.
-
يا ساتر يا رب ..
ليه يا ابني كده؟!
-
إيه يا عم .. ما لك
اتخضّيت كده زي ما اكون قُلت لك إني اتطوَّعت ف "داعش" وح اعمل عمليّة
انتحاريّة؟!!
-
أضل من
"داعش" وأوْسخ من الانتحار .. حَد يقع الوَقعة دي برضه!!!
-
وقعة إيه يا ابن
الحلال .. ما انت متجوِّز أهه وزَيْ الفُل.
-
فُل إيه يا غلبان ..
ده انا وقعت ف طرنش مجاري مرمي فيه كوم روبة مليانة جِلّة طريّة.
-
يا ساتر يا رب ..
هوَّ الجواز وِحش قوي كده.
-
ده نيلة إسألني انا
.. ده انت لو ما كُنتِش صاحبي الروح بالروح ماكُنتِش انصحك واقول لك الكلام ده.
-
يا عم ما انا كنت سايبك
مبسوط قبل ما اسافر.
-
صحيح .. قبل ما
تسافر كنت لِسّه خاطب قبل الجواز.
-
طب ما هو المفروض
تتبسِط أكتر بعد ما استقرّيت واتجوِّزت خطيبتك واتقفل عليكم باب بيت واحد.
-
يا ريتني كنت
استقرّيت جوّه تُربة مكشوفة ف مدافن "الغفير" أحسن لي.
-
ليه كده يا ابني؟!
.. قَد كده تعبان ف الجواز؟!! .. مع إنك كنت طاير م الفرحة أيّام الخطوبة.
-
الخطوبة حاجة والزِفت
الجواز ده حاجة تانية.
-
يا سلام .. إزّاي
بقى؟!!!
-
أقول لك يا سيدي ..
صلِّ ع النبي الأوِّل.
-
عليه الصلاة
والسلام.
-
ف الخطوبة يا ابني مشاعر
الحب والغرام والدلع والنحنحة بتتحوِّل بعد الجواز بقُدرة قادر إلى المجاهرة
بالزهق والملل ثم القرف والشكوى لخلق الله .. ف الخطوبة العروسة بتنادي عريسها: يا
روحي أو يا حبي أو يا كوكي وهوَّ يناديها: يا حبيبتي أو يا ملاكي أو يا عسليّة ..
وبعد الجواز بتناديه: يا راجل أو يا عم أو يا دّالعدي وهوَّ يناديها: يا وليّه أو
يا شيخة أو يا بعيدة .. ف الخطوبة العروسة بتسجّل اسم عريسها في الموبايل: عصفور
الحب وعريسها يكتب قُدّام نمرتها الحب كلّه .. إنما بعد الجواز بتسمّيه: غراب
البين وهوَّ بيسمّيها: الحكومة .. ف الخطوبة العريس بيختم مكالمته اليوْميّة
لعروسته بالسؤال السرمدي الخالد: "مش عايزة حاجة قبل ما اقفل السِكّة"
فترد عليه: "أيوه .. هات بوسة سريعة كده ع الماشي" .. بعد الجواز الراجل
بيسأل مراته السؤال المُعتاد: "مش عايزة حاجة قبل ما انزل؟" فتقول له:
"أيوه .. هات فينو وانت راجع".
-
ها؟ .. وإيه تاني؟
-
البنت المخطوبة
بتبقى في مُنتهى الرِقّة والأنوثة والخجل .. حتى لمّا بتضحك تلاقي ضحكتها ناعمة
ومُرهَفة وبصوت واطي مع وضع اليد على الفم استحياءً وأدباً .. وبعد الجواز
بتتحوِّل الضحكة لكركعة فاضحة بصوت عالي ويمكن كمان تصاحبها ضربة جامدة بكفّها على
ضهر كِتفك كأنك قاعد مع واحد صاحبك ف غُرزة شعبيّة .. ف الخطوبة ح تشبع حب وضحك
ومداعبة ودلع ورومانسية في إطار من الإهتمام والحنية .. وبعد الجواز تلاقي الزوجين
ما بيبطّلوش برطمة ونكد وهَم في إطار من الإهمال والقسوة وكل واحد فيهم بيدوّر ع النكد
بمنكاش على أتفه الأسباب .. مثلاً الراجل يمسك ف مراته لأنها ضيّعت فردة شرابه في
مثلث "برمودا" بتاع الغسّالة أثناء الغسيل .. وممكن هيَّ تتخانق معاه لإنه
نسي ذكرى يوم ما راحوا اتفسّحوا في "مقابر كوم الشُقافة" من خمناشر سنة
.. أو ساعات بيتعاركوا مع بعض لأنه عايز يتفرّج على ماتش الكورة وهيَّ عايزة تتابع
مسلسل "زوْجات بائسات" .. أو لأنه بعد ما اتفقوا يتفرّجوا على فيلم
"المتزوّجون المُعذّبون في الأرض" هوَّ عايز يفتّح الصورة ويعلي صوت
التليفزيون وهيَّ عايزة تغمّق الصورة وتوطّي الصوت .. أو لأن كل واحد منهم مش عايز
ينام على السرير من جوّه اللي جنب الحيطة وعايز
يتخمد على حرف السرير.