خبر
أخبار ملهلبة

صورة واحد مدير شركة قطاع عام (2) | صور مشقلبة | د. أحمد صادق


كاريكاتير عن مدير شركة يختلس مع موظف تحت حماية الفساد

صورة مدير شركة قطاع عام (2)

 

 

-       وعليكم السلام .. أقعُد يا أستاذ "شَرْوَة" .. إنت بَعَت لي أوْراق المُناقصة بتاعة الشهر الجاي عشان أمضيها .. صح؟

-       تمام يا فندِم.

-       طب إزّاي المُناقصة دي معمولة علشان شراء 50 طِن فحم؟! .. مِش الشركة بتاعِتنا بتنتِج فحم وبتبيعه؟!! .. أومّال ح نشتريه ليه؟!!!

-       لا يا فندِم .. ده فحم ودوكهه فحم تاني.

-       نعم!!!

-       الفحم اللي احنا بنشتريه ده هوَّ الفحم الحجري الطبيعي الخام الرخيص اللي بيتم استخراجه من مناجم الفحم .. وده بيحتوي على شوائب كتيرة .. وعلشان نستخدمه كوقود بنحرقه زيْ ما هوَّ كده .. ولمّا بيتحرق بيطلَّع نسبة كبيرة جداً من الدُخّان والهباب والسُخام – اسم الله على مقامك يا فندِم – والانبعاثات الحراريّة الضارّة .. يعني بيبقى مصدر طاقة غير نظيف وبيلوِّث البيئة .. وعلشان يبقى وقود نظيف بنجيب الفحم الطبيعي ده عندنا في المصنع ونعمل له عمليّة تقطير أو انحلال حراري عن طريق تسخينه في أفران خاصّة عند درجات حرارة عالية حوالي ألف درجة مئويّة ولفترات طويلة حوالي يومين تلاتة .. وبعد عمليّة التكرير دي بيتحوِّل إلى فحم الكوك اللي بيكون خالي من الشوائب والملوِّثات ولمّا بيتحرق ما بيطلَّعش سُخام – اسم الله على مقام اخويَّ الكبير – واللي بيتم استخدامه كوقود نظيف غير ضار وذو كفاءة عالية في مصانع الحديد والبترول والمعادن والفلزّات وغيرها .. وفحم الكوك دوكهه هوَّ اللي احنا بننتجه وبنبيعه بالشيء الفُلاني.

-       آآآآه .. قُلت لي بقى .. أنا كده فهمت .. بَس فيه حاجة تانية أنا مِش فاهِمها.

-       خير؟

-       أنا من دراساتي الطويلة وخبراتي الواسعة في الإدارة عارف إننا لمّا نعوز نبيع حاجة من منتجات الشركة ممكن نعمل عليها مزاد علشان نوصل لأعلى سعر ليها ودي بيكون اسمها مُزايدة .. ولمّا بنعوز نشتري حاجة من متطلَّبات الشركة بنعمل العكس اللي هيَّ المُناقصة يعني بنعلن عن حاجتنا لشراء صنف مُعيَّن وبتتقدِّم لنا شركات عايزة تبيعهولنا واحنا بننقّي أرخصهم .. صح كده؟

-       تمام. 

-       فيه بقى كلام انا مش فاهمة ف ورق المُناقصة اللي انت باعِتهولي .. مكتوب: "طرح مُناقصة عامّة بنظام المظاريف المُغلَقة" .. إيه بقى حكاية المظاريف المُغلقة دي؟

-       ما هي كُل شِركة عايزة تبيع لنا فحم بتقدِّم عطاءها فـ....

-       عطاءها؟!! .. ويطلع إيه ده راخر .. ما خدناهوش ف المعهد.

-       (بصوْتٍ خفيض) آه ده انت ابيض بقى وما عندكش فكرة.

-       إيه؟!

-       باقول: ح ادّي لسيادتك فكرة .. العطاء ده يعني العرض بتاع الشركة اللي مكتوب فيه مواصفات الفحم وسعره .. وكل شركة بتقدِّم العطا أو العرض بتاعها في مظروف مُغلَق خاص بيها.

-       وهوَّ فيه مظاريف مُغلَقة ومظاريف مفتوحة؟!

-       المفروض تبقى كل المظاريف مُغلقة لضمان السِريّة والشفافيّة .. واحنا بنحدِّد جلسة لفتح المظاريف وتفريغ بيانات العطاءات ودراستها من جميع الجوانب من غير ما نعلن التفاصيل للشركات المُنافسة .. وف الآخر بنرسّي المُناقصة على أفضل العروض بأقل الأسعار .. بَس لوْ حضرتك عايزنا نفتح المظاريف قبل الجلسة ونتفق مع أي شركة ح تشوفنا بقرشين يبقى خلاص .. نفَّع واستنفع وشيّلني واشيّلك .. وتبقى جلسة فض المظاريف دي شكليّة قُدّام الشركات علشان ما حَدِّش يتكلِّم معانا .. ونِعمل نفسنا درسنا كل العروض ونِعلِن ف الآخر عن إرساء المُناقصة على الشركة اللي ادِّتنا الرشو.... قصدي اللي ادِّتنا العَربون.

-       وهوَّ ينفع نِعمِل كده؟

-       طبعاً ينفع يا باشا .. كل حاجة ف إيدينا .. هوَّ حَد ح ينخرب ورانا .. وعلى فكرة: الحاج "نزيه عبد الحق" صاحب شركة "الاستقامة" كلِّمني وقال لي ألاغيك .. وقال كمان إنه مُستعِد يدفع لنا اتنين مليون جنيه إكراميّة علشان نرسّي المُناقصة عليه ونشتري منه الفحم بتاعه بسعر عالي شويّتين.

-       طب ما هو بكده مُمكِن الشركات اللي ح تقدِّم عطيّتها – اللي هوَّ عرضها يعني – بسعر أقل تعترض وتشتكينا للوزارة لمّا تعرف إننا رسّينا المُناقصة على سعر أعلى منها.

-       أوّلاً: احنا لينا حبايبنا اللي ف الوزارة اللي ح يطرمخوا علينا مُقابِل فتافيت م التورتة بتاعتنا .. ثانياً: ما حَدِّش له عندنا حاجة لإننا مُمكِن نقول إن المظروف المالي بتاع الحاج "نزيه" أعلى صحيح إنما المظروف الفنّي فيه مميّزات أحسن وهوَّ اللي رجَّح كفِّته.

-       هوَّ فيه كمان مظروف مالي ومظروف فنّي؟! .. دي غير المظاريف المُغلَقة إيّاها؟!!

-       أيوه يا فندم ما كل شركة بتقدِّم عطاءها في مظروف كبير مُغلَق جوّاه مظروفين صغيّرين: واحد مالي فيه سعر الصنف موْضوع المُناقصة اللي هوَّ الفحم الخام والتاني فنّي فيه المواصفات الفنيّة للصنف من حيث النوع والمواصفات ونسبة الشوائب والكثافة النوْعيّة وطريقة التوْريد وخلافه .. ومن حُسن حظِّنا إن لجنة فتح المظاريف واحدة في قانون قطاع الأعمال .. يعني ما فيش لجنة مُستقِلّة لفتح مظاريف العطاءات الماليّة ولجنة تانية مُستقِلّة لفتح مظاريف العطاءات الفنيّة.

-       إنت لخبطّتني خالص .. وما بقِتش فاهم حاجة.

-       معاليك ما توْجعش دماغك بالتفاصيل دي .. إنت بَس امضي على ورق المُناقصة زي الباشا ونصيبك ح يوْصلك لغاية عندك.

-       أمضي هنا؟

-       أيوه .. وهنا .. وهنا كمان .. تمام كده.

-       طب فين نصيبي بقى؟

-       هههههه .. لمّا المُناقصة تخلص على خير يا باشا .. قدِّم المشيئة.

-       إن شاء الله.      

الخميس:

مر حوالي عام على رئاستي لشركة "الفحم الفخم"، وبهذه المُناسبة السعيدة نشرت إدارة العلاقات العامّة بالشركة – بناءً على تعليماتي – تحقيقاً صحفيّاً مدفوع الثمن على رُبع صفحة بجميع الجرائد الحكوميّة عن نشاطات الشركة وإنجازاتها تحت إدارتي الحكيمة والتي أدّت إلى تحويل خسائر الشركة في العام المُنصرم والتي بلغت أكثر من 413.5 مليون جنيه إلى خسائر برضه في هذا العام ولكن بمبلغ 413.4 مليون جنيه فقط بعد أن نجحت في تقليص خسائر الشركة بمقدار مائة ألف جنيه بحالهم .. علماً بأن ثمن نشر هذا التحقيق الصحفي بلغ حوالي ثلاثة ملايين جنيه فقط لا غير.

الإثنيْن:

نظراً لنجاحاتي في إدارة شركة "الفحم الفخم" واستغلالاً لكفاءتي المهولة أصدر السيّد وزير قطاع الأعمال قراراً بانتدابي كرئيس لمجلس إدارة إحدى الشركات الخاسرة التي تهدف الدوْلة إلى تقليل خسائرها الضخمة وهي شركة "المصريّة العربيّة الدوْليّة لزخرفة الزُجاج وتفريخ الدجاج".

google-playkhamsatmostaqltradent