يوم الأب المنسي العالمي
رغم بدء الاحتفال به منذ 1909 (تخليداً لذكرى مصرع عدد كبير من العمّال الآباء الذين انهارت عليهم جدران أحد المناجم في "فيرجينيا" الأمريكية) إلا أن "عيد الأب" ما زال نسياً منسيّاً لا يتذكّره أحد حتى الأباء أنفسهم .. في حين أصبح "عيد الأم" عيداً قومياً يتم الاحتفال والاحتفاء والاحتفاظ به في القلب والذاكرة دوْماً (وهو أقل مما تستحقه الأم بالطبع) .. وها قد مضى على "عيد الأب" المزعوم هذا العام شهورٌ طويلة (كان في 21 يونيو) ولم يتذكّرنا – نحن الآباء - أحدٌ ولو بكلمة .. فالأبناء لا يذكرون لنا سوى لحظات ضربنا وتعنيفنا لهم بغرض تقويمهم وتنشئتهم رجال وسيدات صالحين وينسون ساعاتٍ من الفرح واللعب معهم كما يتناسون سنيناً من الشقاء والجهاد في سبيل إسعادهم والوفاء باحتياجاتهم .. والعجيب أنني تذكّرت تلك المسألة بصفتي أبٌ فقط إلى أن تنبّهت إنني كنت ابناً من قبل وكنت مقصّراً كذلك في حق أبي (رحمه الله رحمةً واسعة) فلم احتفل بعيده قط في هذا اليوم بل كنت اكتفي بإهدائه هديّة جانبيّة (جَبْر خواطِر ع الماشي كده) بجانب هدية أمي الرئيسية (رحمها الله رحمةً واسعة) في "عيد الأم" ولم اهتم بتخصيص يومٍ منفصلٍ للاحتفاء به في "عيد الأب".
قدرنا كآباء أن نقضي عمرنا كعمّال المناجم المنسيّين هؤلاء .. نشقى تحت الأرض وفوقها لاستخراج أجمل ما في فلذات أكبادنا من خصال وصقل أفضل ما في شخصيّاتهم من صفات دون أن يشعر أحد بضجيج عملنا حتى ينهال فوق رؤسنا التراب .. لنا الله .. إهئ إهئ إهئ.