خبر
أخبار ملهلبة

صورة واحد صنايعي معمار (2) | صور مشقلبة | د. أحمد صادق



صورة واحد صنايعي مِعمار  (2)

 

 

الثُلاثاء:

بعد الاصطباحة ع القهوة والذهاب للشقّة المذكورة وتغيير الملابس وشُرب كوبّاية الشاي وسيجارتين ثم الإفطار والحبس بعد منه بشاي وسيجارتين كمان وسماع ما تيسّر من أغاني "أُم كلثوم" ثم المهرجانات قُلت ما بِدّهاش بقى وقُمت اشتغلت لي ساعة ونُص بحالهم، ولقيت العصر هَل علينا فتركت ما بيدي ولبيْتُ نداء الصلاة وأطعتُ كلام الله تعالي: "والعَصْر، إن الإنسانَ لَفي خُسْر"، ونزلتُ من العمارة ومشيتُ لجامع سيدي "المنزلاوي" البعيد ذو السِر الباتع حيث فكّيت ميّه (تبوَّلتُ ولا مؤاخذة) ثم توضّأتُ في ميضة المسجد التي تعوَّدتُ عليها وانتظرتُ حتى أُقيمت الصلاة، وبعد الانتهاء من الصلاة مُباشرةً وجدتُ أُناساً يدخلون علينا وهُم يحملون جُثمان رجُلٍ توفّاه الله فوقفتُ معهم لنُصلّي صلاة الجنازة ثم تناوبتُ معهم على حمله – عسى أن يُثيبني الله خير الجزاء عنه – حتى وصلنا به مشياً على الأقدام إلى مدافن "المنارة" بعد حوالي ساعةٍ ونِصفٍ فقط لإن الميّت شكله كان راجِل طيّب ونعشُه كان طاير بيه وبينا، ثم حضرت الدفن وعُدت لعملي ومعي بعض سندوتشات الكبده الاسكندراني والبطاطس المقليّة لتناول وجبة الغداء مع "بروة" و"فصعون".

وما إن انتهيْتُ من الغَداء حتى أصابني الوَخَم بعد أن فرهدت بسبب المشي (أو بمعنى أصح الجري) وراء الميّت، فأمرتُ صبياني بتغطية جرادل البوية وانصرفنا إلى بيوتنا، وفي الليْل طلبني الدكتور ليعرف آخر المُستجَدّات فطمأنتُه بأنني أنجزتُ جُزءاً كبيراً من عملي الشاق بشقّتُه حيث أنني قطعت فرط شوط طويل في سَحْب المعجون أوِّل سِكّينة في حُجرة النوم الكبيرة بحمد الله تعالى، ونبّهتُ عليه أن يترُك لي مع حارس العمارة مبلغاً جديداً من تحت الحساب لتقسيمه بين شراء بعض الدهانات ودفع إيجار السلالم الخشب ومُحاسبة الصبيان على يوميّاتهم والباقي أمشّي بيه نَفسي، وعدني بتنفيذ طلبي ولكنه استعطفني أن أُعجِّل بإتمام العمل لأن حماته قد أوْشكت على فسخ خطوبته بابنتها لتأخُّره في شراء الأثاث وفرش البيت بسبب انتظاره لانتهاء العمل بالشقّة أوّلاً، فوعدتُه خيْراً والله المُستعان .. الراجل ده لحوح قوي ومُتعجِّل زيادة عن اللزوم .. صدق الله العظيم حين قال: "وكانَ الإنسانُ عجولا".

الأربعاء:

بعد الاصطباحة ع القهوة والذهاب للشقّة المذكورة وتغيير الملابس وشُرب كوبّاية الشاي وسيجارتين ثم الإفطار والحبس بعد منه بشاي وسيجارتين كمان وسماع ما تيسّر من أغاني "أُم كلثوم" ثم المهرجانات بدأتُ العمل وأنا في كُل هِمّةٍ ونشاط، وقعدنا نشتغل أنا والواد "بَروة" واحنا بنتساير ف حكاية الحاج "عيّل" والاسطى "شبطان" اللي مسكوا ف خناق بعض امبارح بالليل ع القهوة بسبب خلافهم أثناء لعبهم عَشَرتين طاولة محبوسة ممّا أدى لنشوب عَرْكةٍ كبيرةٍ بعد تدخُّل صُبيان الطرفيْن لكن وِلاد الحلال لـمّوا الموْضوع على خير.

وأثناء إلقاء الواد "بَروة" لآخِر نُكتة جاءته مكالمةٌ من خطيبته، فانتحى جانباً ليُكلِّمها ثم طلع البلكونة ليستكمِل حديثه الغاضب الطويل معها، ثم عاد أخيراً وهو يستشيط غضباً فسألتُه:

-       خير ياد يا "بَروة"؟! .. فيه حاجة؟!!

-       البِت "دلّوعة" خطيبتي مضايقاني يا معلِّم.

-       ياض البِت دي شمال .. سيبَك منها .. دول مسمّينها ف الحِتّة "صديقة الطَلَبة".

-       لا يا معلِّم حرام .. دي بِت غلبانة بَس الناس ما بتسيبش حَد ف حاله .. بيطلَّعوا عليها إشاعات كتير إكمن امّها كانت رقّاصة وابوها طبّال.

-       ما هو العِرق دَسّاس يا ابني .. قالوا قبلينا: "أبوك البصل وامّك التوم منين تجيب الريحة الحلوة يا مشؤوم" .. المُهِم: قعدت ساعة تكلِّمها ف إيه؟!!! .. تلاقيها عملِت مُصيبة.

-       تصدَّق يا معلِّم .. أختي شافِتها امبارِح ماشية ف الحارة مش لابسة مِعصَم تحت كُم العباية.

-       عباية إيه يا ابني .. دي بتلبِس جلاليب بلدي ستان محزّقة عليها ومفسّرة كُل جِسمها.

-       بس طويلة ومغطّياها كُلّها وما فيش حِتّة باينة منها .. حتى شعرها متغطّي بالحجاب.

-       وده بتسمّيه حجاب برضُه .. دي طرحة شيفون شفّافة ومطلّعة منها القُصّة.

-       ف الآخر اسمه حجاب .. مش أحسن ما تسيّب شعرها.

-       وعملت معاها إيه بقى إن شاء الله؟

-       حَكَمت عليها ما تنزلش م البيت ولا تخطّي الشارع إلّا امّا تكون لابسة المِعصَم.

-       لأ حِمِش ياض .. إنت إيه رأيك يا "فصعون"؟ .. ما تحكي لنا عن نِسوان "سوريا".

ولم يُجيبني الزِفت ده إلّا بكلمتيْن:

-       ربّنا يهدي.

عيّل بارد ورِخِم .. ما لوش ف اللَت والعجن ومركِّز قوي ف الشُغل ابن الحرام، شكله مش ح يعمَّر معايَّ.

وبعد حوالي ساعتيْن من العمل المُتواصِل زهقت، فقُلت للواد "بَروة" يعمِل لنا دور شاي وقعدت انا ع التليفون أكمِّل لِعْب "المزرعة السعيدة"، وقبل أن أجمع محصول الخيار – ولامؤاخذة – اتَّصلَتْ بي زوجتي لتُخبِرني إن الواد "حمُكشة" ابننا مش عايز ينزل يجيب لها برُبع جنيه بقدونِس عشان تِفرشُه تحت الكُفتة بتاعة العَشا وطلبت مني آجي أشوف لي صِرفة معاه، سِبت اللي ف إيدي وقُمت غيَّرت هدومي فوْراً، وقبل أن أنصرف أمرت "بَروة" و"فصعون" أن يشطّبوا اللي ف إيديهم بسُرعة ويقفِلوا وراهم الشقّة ويتِّكلوا على الله يروّحوا لاضطراري للذهاب للمنزل لحل مُشكلةٍ عويصةٍ قد تؤدّي إلى وقوع حريقةٍ ف البيْت بسبب "حمُكشة" .. وقعته سودا ابن الكلب.



(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent