خبر
أخبار ملهلبة

المثلبة (الرذيلة) الرابعة عشرة: الأَنانيَّةُ وحُبُ النَفْسِ وإعْلاءُ شِعارِ "أَنا ومِنْ بَعْدي الطوفان" وعَدَمُ إيثارِ مَصْلَحَةِ الوَطَن أَوْ الغَيْر | سخصية مصر


رجل أناني يحمل مظلة أو شمسية يحتمي بها من المطر ويترك زوجته دون حماية

أَحْمَدْ أَجْمَدْ

 


أَوْقَفَ الحاجُّ "أَحْمَدُ مُحِبُ أَحْمَدُ" - أُسْتاذُ اللُغَةِ العَرَبيَّةِ والتَرْبيَةِ الدينيَّةِ - سَيَّارَتَهُ في مَدْخَلِ الشارِعِ الجانِبي الذي تُطِلُّ عَلَيْهِ العِمارَةُ التي يَسْكُنُ بِها، ثُمَّ ترَجَّلَ عَلَى قَدَمَيْهِ وسَكَّرَ الأَبْوابَ وقَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ بَعيداً كانَ قَدْ لَحِقَهُ حارِسُ العِمارَةِ وبادَرَهُ بالقَوْل :

- حَمْدِ الله عَ السَلامَة يا حاج.. بَعْد إذْنَك إرْكِن العَرَبيَّة عَلَى جَنْب شويَّة عَلَشَان انْتَ كِدَه سادِد الزُقاق.

- ما هوَّ الزُقاق أَصْلاً سَدْ.. وما فيش عَرَبيّات بتْعَدِّي مِنُّه.

- أَيْوَه بَسْ فيه جيرانَك عايزين يِرْكِنوا جُوَّه الزُقاق وحَضْرِتَك كِدَه مانِعْهُم مِ الدُخول والطُلوع.

- ما يوْلَعوا.. انْ شا الله ما دَخَلوا ولا طَلَعوا.. وانا حَ اعْمِل لُهُم إيه؟.. وبَعْدين الحِتَّة دى بتاعْتى لوَحْدى وعامِل حَواليها جَنْزير مِنْ زَمان.. واللى يتْجَرَّأْ يرْكِن فيها بانَيِّم لُه الأَرْبَع فِرَدْ.

- حَضْرِتَك مُمْكِن تحَضَّن فوق الرَصيف شويَّة عَلَشَان توَسَّع مَكان لِغيرَك.

- يَعْني عايِزني أَزْنُق العَرَبيَّة جَنْب الحيطَة واطْلَع مِنْها بالعافْيَة؟.. دَه كِدَه مُمْكِن أَجَرَّح البويَة بتاعِة الباب.. ثُمَّ إنْ الطُلوع فوق الرَصيف مُمْكِن يبَوَّظ سوسَتْ العَفْشَة عَ المَدَى البِعيد.

- مِشْ للدرجة دي يا حاج.. الرصيف مِشْ عالي قوي كِدَه.. مَعْلِهش لازِم نِساع بَعْضينا.. إنْتَ عارِف ما فيش مَكان للرَكْن.

- بَسْ يا راجِل انْتَ.. إنْتَ مالَك؟.. إنْتَ يا دوبَك حِتِّة بَوَّاب.. حَ تِعْمِل لي فيها مُصْلِح إجْتِماعي ولّا إيه؟.. إنْجَّر انْدَه لي الواد "وَحيد" ابْني زَمانُه بيلْعَب كورَة فِ الشارِع اللي وَرا.. قول لُه ابوك بيقول لَك كِفايَة لِعْب وارْجَع البيت عَلَشَان تِتْغَدَّى.

وانْصَرَفَ الحارِسُ ليُنَفِّذَ الأَمْرَ وهوَ يِكْظِمُ غَيْظَه، وعِنْدَما أَصْبَحَ في الشارِع الخَلْفي أَلْفى "وحيداً" يتَشاجَرُ مَعَ صاحِبِهِ لأَنَّ الأَخيرَ وَبَّخَهُ لأَنّه لَمْ يُمَرِّرْ لَهُ الكُرَةَ وهوَ مُنْفَرِدٌ بالمَرْمَى ووَصَفَهُ بالفَرْدِيَّةِ وعَدَمِ اللَعِبِ بجَماعيَّة، فَفَصَلَ الحارِسُ بَيْنَهُما واصْطَحَبَ "وحيداً" وقَفَلا عائِدَيْنِ للمَنْزِل.

وفي المَنْزِلِ إلْتَفَّتِ الأسْرَةُ حَوْلَ المائِدَةِ ودارَ بَيْنَهُمُ الحَديث :

- شُفْتي يا ماما.. صاحْبِتي "سَناء" اللي بِتْقولوا عَلَيها غَلْبانَة؟.. خاصْمِتْني عَلَشَان ما رضيتش أَدِّيها المُذكّرات بتاعِة دَرْس الرياضَة الخُصوصي اللي انا باخْدُه.. وانا ذَنْبي إيه إنْ ابوها مَيِّت وما تِقْدَرْش تاخُد دَرْس خُصوصي؟

- عَلَشَان تِسْمَعي كَلامي.. أَنا قُلْت لِك ما لكيش دَعْوَى بيها.. دي بتِعْرَفِك عَلَشَان مَصْلَحِتْها بَسْ.. وامَّها كَمان زَيَّها.. ما بيحِبُّوش الخـــير لِلناس.. دي امْبارِح فَتَحَت لي صـوتْها قَدْ كِدَه إكْمِنِّي كُنْت بانَضَّف البيت ورَميت كيسِة الزِبالَة فِ المَنْوَر زَي كُل يوم.. وِلِيَّه شَلَق.. ما لَك يا "احمد"؟.. سَرْحان فِ إيه؟

- أَبَداً.. سَرحان فِ الدِنيا.. الناس كُلّها بَقِت زِفْت.. تصَدَّقي أُسْتاذ "حازِم عَبْد الواحِد" مُوَجِّه العَرَبي بتاعي حَ يِنْزِل قُصادي فِ انتخابات نِقابِة المُعَلِّمين الفَرْعيَّة.. فالِح بَسْ يرَبّي لي دَقْنُه وما عَمَلْش حِساب إنّي أكْبَر مِنُّه سِنَّاً.. دَه انا كان زَماني دَه الوَقْت مُدير مَرْحَلَة عَ الأقَل.. لُولاش انا بَسْ اللي كُنْت بارْفُض التَرْقِيَّات عَلَشَان أَفْضَل مُدَرِّس وما اخْسَرش الدُروس الخُصوصِيَّة.. وآخِر المِتـَمَّـة ما يِرْضاش يتْنازِل لي ويعْمِل وَرَق دِعايَة عَليه صورْتُه ويلَزَّقُه عَلَى أَسْوار كُل مَدارِس "المُنوفيَّة" ويكْتِب بالخَط العَريض : "لازِم حازِم".. يَعْني إيه اللي لَزِّمُه يَعْني؟.. راخَر انا ما سكِتِّش واتَّفَقْت مَعَ المَطْبَعَة عَلَى طَبْع بوسْتَرات أكْتَر وأَكْبَر مِنُّه وحَ اكْتِب عَليها "أَحْمَد أَجْمَد".

- واللهِ انا ما كُنْت موافْقَة عَلَى دُخولَك الانتخابات دي.. خُصوصاً إنْ النَقيب بِتاعْ دَه الوَقْت اللي اسْمُه "الصِدِّيق رَفيق" دَه نازِل ضِدَّك.

- وهوَّ مين اللي حَ ينْتِخِب "رَفيق" تاني؟.. إنْتي ناسيَة إنّه خَرَب النِقابَة مِنْ ساعِة ما جَه.. دَه واخِد إشي فٌلوس قَدْ كِدَه مِنْ صَنْدوق النَقابَة وإشي أَراضي فِ مَصْيَف النَقابَة فِ الساحِل الشَمالي دَه غير الشُقَق اللي وَزَّعْها عَلَى قَرايْبُه.. المُدَرِّسين كُلّهم حَ يْختاروا بيني وبين "حازِم" وبَسْ.. دَه حَتَّى المُرَشَّـح الرابِع اللي اسْمُه "محمّد مَرْعي" ما حَدِّش يعْرَفُه ولا حَدْ حَ ينْتِخْبُه.. ما لهوش لا فِ الطور ولا فِ الطِحين.. دَه أَصْلاً كان مُرَشَّـح احْتياطي ونَزَل الانتخابات مَكان "عِصْمَت الشاعِر" بِتاعْ جَماعِة "الخِلاّن المُعَلِّمين".. آه بَسْ لَوْ كان الزِفْت "حازِم" دَه ينْسَحِب.

- طَبْ يا خويا ما تِتِّفْقوا وتُدْخُلوا الانتخابات مَعَ بَعْض.. واحِد يبْقَى النَقيب والتاني يبْقَى النائِب بِتاعُه.. أكيد حَ تَكْسَبوا سَوَا.. مِشْ كُل واحِد فيكُم دايِر يقول إنُّه مُسْتَعِد يمَوَّت نَفْسُه عَلَشَان خاطِر النِقابَة وأَعْضاء النِقابَة.. خَلاص بَلاش حَدْ فيكُم يموت وخَلِّيه يبْقَى نائِب بَسْ.. هوَّ مَرْكَز النائِب دَه شويَّة؟.. مِشْ أَحْسَن ما تِخْسَروا الجِلْد والسَقْط وتِطْلَعوا انتُم الاتْنين مِ المُولِد بَلا تِرْمِس زَي "البَرادْعي" و"أَبو الفُتُوح" و"عَمْرو مُوسَى" بُتوع مَدْرَسِة "الجَبْهَة" اللي ما اتَفَقوش مَعَ بَعْض وما رَضوش يشْتَغَلوا "صَبَاحي" وآديهُم بيْسِفُّوا التُراب "مَسائي".

- وهوَّ ما يتْنازِلِّيش ليه ويبْقَى النائِب بتاعي.. عَ الأَقَل انا أكْبَر مِنُّه.. وبَعْدين انا فيه فِ دماغي حاجات كِتيرَة عايِز اعْمِلْها فِ النِقابَة ومِشْ حَ ينْفَع اعْمِلْها إلّا وانا نَقيب.. يَعْني مِ الآخِر كِدَه عايِز امْشِي بِدماغي ما حَدِّش يقول لي انْتَ بتِعْمِل إيه.. وحِكايِة النائِب دي ما تِمْشِيش مَعايَّ.. عُموماً انا عامِل نَدْوَة بالليل فِ مَقَر النِقابَة عِنوانها: "أَدْرِكوا اللَحْظَة الفارِقَة" وحَ ابْقَى أَوَجِّه لُه نِداء أخير إنُّه يتْنازِل عَلَشَان انا الوَحيد اللي حَ احَقَّق مَطالِب المُعَلِّمين.. يِمْكِن يخْتِشي وينْكِسِف عَلَى دَمُّه ويعْرَف إنْ مَنْصِب النَقيب دَه عَمَل تَطَوُّعي ومَسْئوليَّة.. مِشْ لِعْب عِيال.

ومَرَّتْ عِدَّةُ أَسابيعٍ وجاءَ يَوْمُ الانتخاباتِ وانْهالَتْ أَعْدادٌ كَبيرَةٌ مِنَ المُعَلِّمين عَلَى مَقَرِ النِقابَةِ "بشِبينِ الكومِ" ليُدْلوا بأَصْواتِهِم في حينَ تفَرَّغ "أَحْمَدُ" الأَجْمَدُ لمُقابَلَةِ الناخِبينَ وإقْناعِهِم بأَنّه الأَحَقُّ والأَجْدَرُ بمَنْصِبِ النَقيبِ دونَ سِواه، وكانَ موقِناً مِنْ فَوْزِهِ بَعْدَ تأكيدِ كُلِ مَنْ قابَلَهُم عَلَى أَنَّهُم سَيَنْتَخِبونَهُ دونَ سِواه.

وفي اليَوْمِ التالي وقَبْلَ بُرَيْهَةٍ مِنْ إعْلانِ النَتيجَةِ الرَسْميَّةِ كانَ "أَحْمَدُ" جالِساً في إحْدَى قاعاتِ النِقابَةِ بَعْدَ أَنْ تَسَرَّبَ نَبَأُ فَوْزِهِ مُنْذُ الصَباح، وفي الوَقْتِ الذي كانَ فيهِ يتِلَقَّى التَهانيَ والتَباريكَ مِنْ مُؤيِّديهِ فوجِئَ بِدُخولِ "حازِمٍ" وهوَ يَقولُ لَهُ بحَسْرَةٍ وعِتاب :

- شُفْت المُصيبَة يا أُسْتاذ "أَحْمَد".. "محَمَّد مَرْعي" هوَّ اللي كَسَب.. للأَسَف ما أَدْرَكْناش اللَحْظَة الفارِقَة اللي بَقِت دَه الوَقْت لَحْظَة مارِقَة وفُرْصَة سابِقَة.

google-playkhamsatmostaqltradent