خبر
أخبار ملهلبة

صورة واحد سايس سيارات (1) | صور مشقلبة | د. أحمد صادق



صورة واحد سايس سيّارات (1)

 

 

الأحد:

وصلتُ مكان عملي بالمَوْقَف الكبير بميدان "عبد المنعم رياض" فوجدتُ واحداً من صبيان الموْقَف يقول لي:

-       صباح الخير يا اسطى .. باين عليك نسيت إن النهار ده اجتماع رابطة السُيّاس عشان يناقشوا القانون الجديد بتاع السايس .. عموماً المعلِّمين الكُبار قاعدين مستنيّينك ف الأرض الفاضية اللي جنب عمارة "الفضالي".

تذكَّرتُ الاجتماع بعد أن نسيتُه تماماً، وهرولت ناحية أرض "الفضالي" فوجدتُ لافتةً كبيرةً مكتوبٌ عليها "P ندوة حوْل قانون السايس وأثره على مُستقبل المهنة P"، وقد وُضِع عنوان الندوة المكتوب على اللافتة بين حرفيْ "P" كبيريْن وهما رمز اختصار اسم الرابطة "Parking Persons"، ولأنني وصلتُ متأخِّراً فقد شُغِلَتْ كل الكراسي في الصف الأمامي ،ولأنني من كبار رجالات المهنة أخذتُ كُرسيّاً من الصفوف الخلفيّة واتّجهت به لأضعه وأجلس عليه بين كراسي الصف الأوّل، وما إن وصلت للصف الأمامي رافعاً كُرسيَّ لأعلى في الهواء حتى بدأ الجالسون في زحزحة كراسيهم لتوْسيع مساحةٍ تكفي لوضع كُرسيَّ وسطهم في حين وّجَّهني عم "رجب الركّين" قائلاً:

-       هات كُرسيك هنا يا عم الحاج "بَس" (اسمي ف الموْقف الحاج "متوَلّي بَس" لأنني عندما أنتهي من تركين أي سيّارةٍ أقول لسائقها: "بَس" .. بصوْتٍ آمِرٍ جهوريٍ عالٍ) .. أيوه هنا .. تعالى .. تعالى كمان شويّة .. تعالى ما تخافش .. ح تجيبك بمشيئة الله .. حضَّن يمينك حبّة .. لِم رِجلين الكُرسي شمال .. هات كُلّه .. أيوه كده .. إعدِل بقى .. تمام .. الله ينوَّر .. يلّا شِد البنطلون واقعُد.

وأمام الكراسي كان المعلِّم "نوفَل دريكسيون" رئيس الرابطة يستكمل قراءة نَص القانون الذي طبّقته مُحافظة "الجيزة" وجاري تطبيقه في "القاهرة" و"الأسكندريّة" بينما يُقاطِعه ويُعلِّق على بنود القانون أحد الحاضرين بين الفيْنة والأُخرى:

-       وقد تم – حسب القانون الجديد – تحديد رسوم انتظار السيّارات كالتالي: 10 جُنيْهاتٍ للانتظار المُؤقَّت للسيّارة الملاكي .. و20 جُنيْهاً للانتظار المُؤقَّت للسيّارة نصف النقل .. و30 جُنيْهاً للانتظار المُؤقَّت للحافلات الكبيرة .. و300 جُنيْهٍ شهريّاً للمبيت أسفل العقار.

-       هأْو .. إيه الفلوس دي كُلّها .. ده احنا بناخد فلوس أقل .. إيه ما فيش رحمة .. حتى اللي بيركن العربيّة قُدّام بيته ف الشارع عايزين يقلِّبوه ف فلوس .. ده ابتزاز يا جدع .. همَّ عايزين ينُطّوا ف أكل عيشنا ويشاركونا اللُقمة اللي بنطفحها بطلوع الروح .. مش كفاية عملوا كده مع بتوع الدليفري اللي عملوا عليهم ضرايب.

-       وبعدين ما همَّ شغّالين معانا م الباطن .. وبتوع المرور وبتوع الحي بيقِسموا معانا علشان يسيبونا نستفرد بالناس وعلشان ما ياخدوش العربيّات الراكنة عندنا مُخالفات صف تاني والزباين كلّها عارفة إنهم ف حمايتنا وما حدِّش من المرور ح يتعرَّض لهم طول ما هُمَّ راكنين عندنا .. ها .. المُهِم .. كمِّل يا معلِّم.

-       ويقول المُستَشار السابق لوزير التنمية المحليّة أن القانون الجديد الخاص بتنظيم المَركبات يهدف في المقام الأوَّل ألّا يقع المُواطِن تحت سيْطرة بلطجيٍّ يُسمّي السايس أو ابتزازه أو تطاوله الذي يصل لحد الاشتباك بالأيْدي مع المواطنين.

-       دول همَّ اللي بلطجيّة .. بيبلطجوا ع الناس اللي معاها عربيّات .. مش كفاية بيدبحوهم ساعة تجديد رُخَص العربيّات؟! .. ده الواحد يروح يجدَّد يلاقي عليه ألفين تلاتة مُخالفات مرور ما تعرفش جات منين .. ده غير الضرايب والرسوم .. ده حتى الراديو اللي ف العربيّة بياخدوا عليه ضريبة .. فاكرين اصحاب العربيّات كُلّهم مليونيرات .. ده فيه منهم موظَّفين وسوّاقين تاكسي وغلابة .. العربيّات دي أكل عيشهم أو بتغنيهم عن المواصلات اللي سعرها بقى ف السَما .. شوف تذكرة المترو كانت بكام وبَقِت بكام .. وبعدين همَّ بيتكلِّموا عننا كده ليه؟! .. ده فيه مننا تعليم متوسِّط وتعليم عالي وناس متديّنين وحُجّاج بيت الله .. وبعدين يا عَم الكُل .. بيقولوا إيه تاني؟

-       وأشار المستشار إلى أن هدف القانون ليس الجِباية وجمع الأموال لصالح الدوْلة ولكن له أهدافٌ نبيلة  تصُب في مصلحة المُواطِن.

-       وحياة امّه .. خُش ف عِبّي خُش .. أومّال عاملينه ليه بروح أهله؟!! .. أهداف نبيلة!!! .. نبيلة دي تِبقى خالته .. قلبهم ع المُواطِن قوي؟!!! .. ثُمَّ إيه حكاية الحكومة مع مصلحة المُواطِن .. كُل ما تزوِّد الضرايب أو الرسوم أو تطلَّع قانون جديد يطلَّع بوز الناس تقول لك إنه بيصُب ف مصلحة المُواطِن؟!! .. هيَّ مصلحة المُواطِن ح تستحمل إيه ولّا إيه لا مؤاخذة؟!!! .. مصلحتنا ما بقِتش مستحملة صَبّات تانية اللي يخرب بيوتهم.

-       اسمعوا بقى دي كمان: كما حدَّد قانون السايس الجديد اشتراطاتٍ لا بُد من توافرها في الأشخاص السُيّاس الذين سيقومون بتنظيم المركبات من بينها: ألّا يقل عُمْره عن 21 عاماً .. وأن يُجيد القراءة والكتابة .. وأن يكون قد أدّى الخِدمة العسكريّة أو تم إعفاؤه منها .. وأن يكون حاصلًا على رخصة قيادةٍ سارية .. وألّا يكون قد حُكِم عليه بعقوبةٍ في جنايةٍ أو في جريمةٍ مُخلّةٍ بالشرف أو الأمانة .. كما يشترط القانون الجديد الحصول على شهادةٍ صحيّةٍ من معامل وزارة الصِحّة تُفيد بخلوُّه من تعاطي المخدرات ....

-       وزارة الصحَّة .. يا خي صِحّة .. هُمَّ ما لهم معرَّضينها ومكبَّرينها كده ليه؟! .. ما هم عارفين إن الشهادات دي كُلّها بتطلع مضروبة بميتيناية .. ما هو تلات ارباع سوّاقين التاكسيات والنقل بيضربوا مخدرات ومعاهم الشهادة دي .. منهم لله .. هيَّ مصاريف علينا وسبّوبة ليهم وخلاص!  

-       آخر حِتّة بقى ف القانون بتقول: على أن تكون هناك غرامة الحبس مُدّةً لا تتجاوز 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 1000 جنيه ولا تزيد عن 5000 جنيه للمُخالفين وسحب الرُخصة منهم .. بس خلاص.

وهُنا قامت عاصفةٌ من الاحتجاج والاستنكار والمُعارضة ضد هذا القانون المُجحِف، وانخرط كل اثنيْن أو ثلاثةٍ في حواراتٍ جدليّةٍ جانبيّة، وأخيراً اقترح المعلِّم "دريكسيون" أن يأخذ الأصوات لمعرفة عدد الموافقين أو المُعترضين على اقتراحه بإصدار بيانٍ من الرابطة لرفض القانون وعدم الاعتراف بالرُخص الجديدة ولفظ أي سائسٍ – يسير في إجراءاتها – من رابطة الـ"PP"، فرفع الجميع أيديهم بالموافقة على اقتراحه.



(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent