خبر
أخبار ملهلبة

الأدلة المادية على وجود الله | محمد متولي الشعراوي | الفصل الخامس: الأدلة المادية (2)



الفصل الخامس (2)

 

 

ولمّا قيل للدكتور "كيث ل. مور": هل كان من الممكن أن يعرف رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - هذه التفصيلات عن أطوار الجنين؟ .. قال: مستحيل فالعالم كله في ذلك الوقت لم يكن يعرف أن الجنين يُخْلَق أطواراً فما بالكم بتحديد مراحل هذه الأطوار التي لم يستطِع العلم حتى الآن أن يحدّدها بهذه السهولة والدِقّة .. بل إن العلم لم يستطِع حتى الآن تسمية أطوار الجنين، بل أعطاها أرقـامـاً بشكلٍ مـعـقَّـدٍ غـيـر مـفـهـوم .. في حين جاءت في القرآن بأسماءٍ محدَّدةٍ وبسيطةٍ وغايةً في الدِقّة  .. ويتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لـ"محمّد" من عند الله .. وهذا يثبت لي أن "محمداً" هو بالفعل رسول الله .. فقيل له: بعد أن قلت ما قلت أفلا تُسْلِم؟ .. فـقـال: إنا مستعدٌ أن أضع في الطبعات القادمة من كتبي إشارةً إلى ما علمت.

ولقد قُرِىء معنى الآيات التي جاءت في القرآن الكريم على أكبر علماء الأجنّة في العالم .. فلم يجرؤ واحدٌ منهم أن يدّعى أن هناك تصادماً بيْن ما جاء في القرآن الكريم وأحدث ما وصل إليه العلم.

النُطْفة والوراثة

ولكن أحدهم أثار أن الوراثة أو البرنامج الوراثي للإنسان يوجد في نُطفة الرجل .. ويتحدَّد فيها تفاصيل الإنسان الذي سيولد أذكرٌ أم أنثى .. وما هو لوْن العيْنيْن ولوْن الجلد ولوْن الشعر إلى آخره .. أي أن الإنسان تكون صفات خلقه موجودةً في شفرةٍ خاصّةٍ في نُطفة الرجل .. فلمّا قُرئِت على الدكتور "كيث" الآية الكريمة: "قُتِلَ الإنسانُ ما أَكْفَرَه، مِنْ أَيِ شَيْءٍ خَلَقه، مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَه" (الآيات من 17 - 19 من سورة "عَبَسَ") .. قال: لا يمكن أن يكون هذا إلّا من عند الله.

هذه الأبحاث كلها التي ذكرتها وشهادات العلمـاء مـدوَّنة ومسجَّلة بالصوْت والصورة في المؤتمرات المتعاقبة عن الإعجاز في القرآن الكريم .. وهي مؤتمراتٌ عُقِدَت في الدول الإسلاميّة المختلفة .. ويستطيع كل مَن يريد التأكّد أن يرجع إلى هذه الأشرطة ويشاهد هؤلاء العلمـاء وهـم يـتـحـدّثون ويتكلّمون .. بل إن عالماً منهم شَهَر إسلامه وشهد أنه لا إله إلّا الله وأن "محمّداً" رسول الله أمام الحاضرين في أحد هذه المؤتمرات وهو البروفيسور التايلاندي "تاجـاثات تاجـاسون" .. وهـو مـن أكـبـر علمـاء العـالم في علم التشريح .. وذلك عندما كان يتحدّث عن الأعصاب .. وكيف أنها موجودةٌ تحت الجلد مباشرةً .. بحيث إذا احترق الجلد انتهى الإحساس بالألم تماماً .. والله _سبحانه وتعالى_ يقول عن أهل النار: "كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذَاب" (من الآية 56 من سورة "النساء") ذلك أن الحق - سـبـحـانه وتعالى - يريد أن يُلفتنا إلى أن عذاب النار عذابٌ دائمٌ ومـسـتـمـرٌ لا يُخَفَّف ولا يتوقّف .. ولمّا كان في علمـه - سبحانه وتعالى وهو الخالق - أن الجلود إذا احترقت انتهى إحساس الإنسان بالألم نبّهنا أن جلود أهل النار كلّما احترقت بدّلهم الله جلوداً غيرها ليستمر شعورهم بالعذاب.

قدرة القرآن في الحاضر والمستقبل

وعندما عرض بعض المسلمين معنى هذه الآيات على البروفيسور "تاجاثات تاجاسون" قال: أهذا الكلام قيل منذ أربعة عشر قرناً؟ .. قالوا: نعم .. قال: إن هذه الحقيقة لم يعرفها العلم إلّا حديثاً .. ولا يمكن أن يكون قائلها بشراً .. بل هي من الله سبحانه وتعالى .. حان الوقت لأن أشهد أن لا إله إلا الله وأن "محمّداً" رسول الله.

ولنا أن نتأمّل في هذه الآية الكريمة: "كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذَاب" .. ماذا كان يمكن أن يحدث لو أن الله - سبحانه وتعالى - لم يُلفتنا إلى أنه كلما احترقت جلود أهل النار بدّلهم غيرها .. أكان من الممكن أن نعرف كيف سيستمر عذاب أهل النار بلا توقّف وأن احساسهم بالعذاب دائم؟ .. الحقيقة العلميّة تقول: إن الأعصاب مـوجـودةٌ تحت الجلد .. فإذا احترق الجلد فلن يحس الإنسان بالألم .. وهذا ما بيّنه لنا القرآن الكريم عن كيفيّة استمرار العذاب .. كان الكفّار العاصون سيقولون سنُعَذَّب فترةً قصيرةً حتى تحترق جلودنا ثم بعد ذلك لا نحس بأي عذابٍ أو ألم .. ولكان هذا تشجيعاً للإنسان على الاستهانة بعذاب الله في الآخرة .. لأنه لن يستمر العذاب إلّا لفترةٍ قصيرةٍ يحترق فيها الجلد وتموت تحته الأعـصـاب وينتهى العذاب .. ولظهر هناك تـصـادمٌ بين القرآن الكريم والحقائق العلميّة .. في أن الكفّار سيخلدون في عذاب جهنّم .. وذلك في قوْله سبحانه وتعالى: "إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُون، لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فيهِ مُبْلِسُون" (الآيتان 74 و 75 من سورة "الزخرف") و"لا يُفَتَّر" معناها لا يُخَفَّف .. فكيف يقـول الله سبحانه وتعالى:إن أهل جـهـنـم سـيـُخَلَّدون في العـذاب .. وأنه لن يُخَـَّفـف عنهم مع أنهم إذا احترقت جلودهم فقدوا الإحساس بالعذاب والألم .. ومن الذي أبلغ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم بهذه الحقيقة العلميّة حوْل الإحساس بالألم . وهذا ما لم يعرفه البشر إلّا حديثاً .. ألَا يكفى هذا كدليلٍ ماديٍ على أن القرآن الكريم من عند الله؟ .. ألَا يكفى هذا أيضاً كدليلٍ ماديٍ على أن الذي خَلَق هو الذي قال؟ .. وإذا كان هذا قد دفع عالماً من أكبر علمـاء علم التشريح - وهـو العارف بأسـرار هذا العلم - أن يعلن إسـلامـه أمـام الناس في مؤتمرٍ عام وقـد بهـره الإعجاز الإلهي ووجد بيْن يديْه الدليل المادي على وجود الله فنطق بالشهادتين .. ألَا يكفي هذا ليؤمن العالم كله ويؤمن أهل الأرض جميعاً؟

الأصل الواحد للكوْن

ونحن نكتفي بهذا الجزء بالنسبة للإنسان .. ذلك أننا نريد أن نتحدّث عن آياتٍ أخرى في الكوْن بالنسبة لغير الإنسان .. بالنسبة للكوْن نفسه والأصل الواحد للكوْن.

يقول الله سبحانه وتعالى: "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُون" (الآية 30 من سورة "الأنبياء") .. لقد عُرِضَ معنى هذه الآية في مؤتمر الإعجاز القرآني في "السعوديّة" على الدكتور "ألفريد كرونر" .. وهو من أشهر علماء العالم في الجيولوچيا .. وعندما قرأ المعنى أخذ يصيح: مستحيل .. مستحيلٌ أن تكون هذه الحقائق قد ذُكِرَت في أي كتابٍ منذ أربعة عشر قرناً .. إننا لم نصل إلى هذه الحقيقة العلميّة إلّا منذ سنوات .. وباستخدام وسائلٍ علميّةٍ متقدّمةٍ جداً وبعد دراساتٍ معقَّدةٍ طويلةٍ خاصّةٍ بعلم الطبيعة النوويّة .. والأصل الواحد للكوْن لا يمكن أن يكون قد توصَّل إليه بشـرٌ منذ ألفٍ وأربعمائة سنة .. ولكن الوسائل العلميّة الحديثة الآن في وضعٍ تستطيع فيه أن تُثبِت ما قاله "محمد" منذ ألفٍ وأربعمائة سنة.

ولعلنا جميعاً ما زلنا نذكر تجربة صعود الإنسان إلى القمر .. وكيف كان العلماء يحلمـون قـبـل إتمام هذه التجربة بالعناصر النادرة التي سيجدونها على سطح القمر .. وبالمواد التي سيحضرونها .. وكيف أنه سيكون فيها موادٌ تُشفي أمراضاً لا يوجد لها دواءٌ على الأرض .. ومـوادٌ إذا أضيفت لعناصر الأرض نتجت عنها عناصرٌ جديدة لم تعرفها البشريّة وأخذت أحلامهم تزداد عمّا سيضيفونه إلى الكرة الأرضيّة من عناصرٍ غير موجودة .. واشتد الخيال وامتلأت الرؤوس بالأحلام.

وجدوا على القمر: لا إله إلا الله

ثم ماذا حدث؟ .. صعد الإنسان إلى القمر ومشى فوق سطحه .. وجاء بعيناتٍ من الصخور التي على السطح، ومن الصخور الموجودة تحت السطح وعادوا بها إلى الأرض .. وإذا بهم يكتشفون أن سطح القمر مكوّنٌ من نفس عناصر سطح الأرض، وأن صخور القمر في تركيباتها هي نفس صخور الأرض وأنهما من أصل واحد!.

ألم يكن هذا كافياً كدليلٍ مـاديٍ قويٍ لكي يؤمنوا؟ .. ألم يكن إثبات نظرية الأصل الواحد للسماوات والأرض .. الذي أخبرنا الله به – سبحانه وتعالى - في القرآن الكريم منذ أكثر من ألفٍ وأربعمائة سنةً دليلاً كافياً على وجود الله وعلى أنه هو الخالق؟ .. إن العالِم الذي قال: إن الوسائل العلميّة الحديثة الآن في وضعٍ تستطيع أن تُثبِت فيه ما قاله "محمدٌ" منذ ألفٍ وأربعمائة سنة - وهو البروفيسور "ألفريد كرونر" – هو عالِمٌ مراوغٌ جداً .. حتى إنه كان يحاول أن يتهرّب من الإجابة .. لكيلا يشهد بأن هذا العلم قد أُنزِل من الله سبحانه وتعالى .. حتى أنه في كل ما قاله كان يقول: "إن ما قاله محمد" .. فقالوا له: سنُثبِت لك أن "محمداً" لم يكن ينطق إلّا بوحيٍ من الله .. وأنه في عددٍ من الأحاديث النبـويّة إعـجـازٌ آخر نـرجـو أن تـفـسـره لنا .. قيل أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم في حديثٍ رواه "أبو هُريْرة" وجاء في "البُخاري" و"مُسلِم" - روى حديثاً يقول في جزءٍ منه: "لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً" .. أي مزارع وبساتين وأنهاراً .. ولمّا سُئِل الدكـتـور "كـرونر" هل كانت أرض العرب بساتين وأنهاراً كـمـا روى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال: نعم .. فقيل له: متى كان ذلك؟ .. قال في العصر الجليدي الأوّل الذي مر به العالم في عصوره الأولى.

وسُـئِـل "كرونر" مَن الذي أخـبـر رسـول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بهذه الحقيقة؟ .. قال: ربما عَلِمَ ذلك من الرومان الذين كانوا متقدّمين في هذه العلوم .. فسألوه: هل تعود بلاد العرب بساتين وأنهاراً مرّةً أخرى؟ .. قال: نعم هذه حقيقةٌ علميّة .. قالوا: كيف تقول على شيءٍ سيقع في المستقبل أنه حقيقةٌ علميّة؟ .. قال: لأن العصر الجليدي الثاني بدأ .. ومن مقدِّماته ذلك الشـتـاء القـارس والعواصف الثلجيّة التي بدأت تزحف على أوربا في السنوات الأخيرة وكل شتاءٍ سيأتي سيكون أقسى من الذي قبله، فكتلة الجليد في القطب الشمالي بدأت تزحف ببطءٍ نحو الجنوب .. وهي في كل عامٍ تقترب .. ولكن ببطءٍ جداً من المنطقة التي فيها بلاد العرب .. وعندما يزداد هذا الاقتراب بعد فترةٍ طويلةٍ من منطقة بلاد العرب ستعود بساتين وأنهاراً.

والعجيب أنه حدث أن غمرت الثلوج بعض أراضي "السعوديّة" لأوّل مرّة منذ قرونٍ طويلة .. ووصلت درجة الحرارة في بعض هذه المناطق إلى عدّة درجاتٍ تحت الصفر .. وعندما سُئِل الدكتور "كرونر": هل الرومان هم الذين أخبروا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بأن بلاد العرب ستعود بساتين وأنهاراً؟ .. قال: لا يمكن أن يحدث ذلك إلّا بوحيٍ من السماء.

 

 

(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent