خبر
أخبار ملهلبة

صورة واحد رئيس جمهورية (2) | صور مشقلبة | د. أحمد صادق


كاريكاتير لدورة حياة الحاكم العربي: كرسي السلطة ثم كرسي متحرك ثم القبر

صورة واحد رئيس جمهوريّة (2)

 

 

الجمعة:

طلعت من "بوروندي" على "الولايات المُتَّحِدة الأمريكيّة" لتقديم فروض الطاعة والولاء للكيان الأمريكي، رحلة طيران شاقّة للغاية بس كله يهون فداءً للوطن.

بصراحة الزيارة كانت مُفيدة جداً، حضرنا هناك مؤتمر "آفاق رأسيّة وحلول نهائيّة للدول النايمة في المهلبيّة"، كل واحد في الوفد أخد وجبة وحاجة ساقعة وخمسين دولار مصروف جيب، كما قُمتُ بزيارةٍ ميْدانيّةٍ هامّةٍ لمدينة "والت ديزني" حيث ركبت الزوحليقة اللوْلبيّة والمُرجيحة الشقيّة، لكن الزيارة انتهت نهايةً حزينةً على إثر إصابتي بنوْبةٍ شديدةٍ من الدوخة والقيء بعد ركوبي السفينة الدوّارة .. كانت فظيعة.

الثلاثاء:

عُدتُ – بسلامة الله – إلى حُضن الوطن، نِمت لي يوميْن لأستريح من إرهاق رحلة "أمريكا" ولأتغلّب على مشكلة فرق التوْقيت، وعندما استيْقظتُ كان أوّل قرارٍ لي هو إنشاء مدينة ملاهٍ عالميّةٍ جديدةٍ على أرض وطننا الغالي لأننا لسنا أقل من "أمريكا" في أيّتها حاجة، وأسندتُ هذا المشروع القوْمي الجبّار لمستر "سيْكلون" وشركته العملاقة، ومن أجل توْفير عربون بناء الملاهي اضطررتُ لزيادة الضرائب كمان مرّة.

الجمعة:

يوْمٌ حافلٌ لافتتاح عِدّة مشاريعٍ قوْميّةٍ هائلةٍ من أجل توْفير فُرَص العمل لقطاعٍ كبيرٍ من الشباب للقضاء على البطالة وكذلك من أجل تعظيم الاستفادة من الصناعة المحليّة لعُمّالنا المَهَرة بغرض التصدير للخارج وتوْفير عُملةٍ صعبةٍ للبلاد، بدأتُ الجوْلة بافتتاح الشركة الدوْليّة لتصنيع المشبِّك في "شرمساح" بـ"دمياط"، ثم المصنع العالمي للإنتاج المُشترك للعسليّة وبراغيت السِت في "شِرشابة" بـ"الغربيّة"، ثم المُفاعِل الذرّي للذُرة العويجة في "المتبول" بـ"كفر الشيخ"، والمصانع العربيّة الكُبرى للبان الدَكَر في "دمنهور" بـ"البحيرة"، وأخيراً المشروع النووي الإقليمي لطحن نوى البلح في "الشماسمة" بـ"رشيد"، ما شاء الله نهضةٌ صناعيّةٌ عظيمةٌ في البلد تتم في عهدي الميْمون. 

السبت:

تم اليوم الاستفتاء الشَعبي على تعديل دستورنا المُقدَّس لزيادة المُدّة الرئاسيّة لتُصبِح عشر سنواتٍ بدلاً من أربعة وبحدٍّ أقصى خمس فتراتٍ فقط لإعطاء الفُرصة للشباب للتحكُّم في مقاليد الأمور ولتجديد الدماء في الوطن.

بصراحة كُنتُ عايز اجيب م الآخِر فاقترحتُ إضافة نصٍّ للدستور يقول: "يتم التجديد لرئيس الجمهوريّة تلقائيّاً بعد انتهاءكل فترة رئاسيّة حتى انتهاء عُمر الرئيس أو عُمر الشعب .. أيُّهما أسبق"، أو إضافة نصٍ آخر يقول: " يحتفظ الرئيس الحالي بمنصبه مدى الحياة، على أن يتم تغيير الشعب كل أربع سنوات"، ولكن للأسف نصحني المقرَّبون باستبعاد هذيْن النصّيْن المُقتَرَحيْن حتي لا نُثير الرأي العام الخارجي ضدنا وحتى لا يتَّهمنا المعارضون الخوَنة بالديكتاتوريّة والعياذ بالله.

وفي المساء أصدرتْ اللجنة العُليا للانتخابات نتيجة الاستفتاء النزيه والنظيف كالتالي:

حضر الاستفتاء 27 مليوناً و513 ألفاً و940 مواطن من أصل 27 مليوناً و513 ألفاً و947 مواطن لهم حق التصويت، عدد الأصوات الباطلة 54 صوْتاً فقط، نسبة مَن قالوا "نعم" ووافقوا على التعديل بلغت 99.9998 %.

شعبٌ عظيمٌ فعلاً ومُقدِّرٌ لمجهوداتي الكبيرة وإنجازاتي المهولة.

الخميس:

اليوم ذِكرى جلوسي فوق كُرسي السُلطة، ياااااه .. مرِّت 43 سنة، واللهِ عدّوا هوا، ما حسّيتش بيهم خالص، أصل كلهم شُغل وزيارات وجوَلات وسفريّات واتفاقيّات ومؤتمرات وصفقات وإفتتاحات وإنجازات وخطابات وخطابات وخطابات برضُه.

صحيح وطننا العزيز ما زال يُعاني الأزمات، وما زال شعبنا الصبور المهاوِد محشوراً في عُنُق الزجاجة إلّا أنه ليس في الإمكان أفضل ولا أروع ممّا كان، كفاية اللي حقَّقتُه أنا للبلد في ظل المؤامرات التي تُحاك ضد الوطن من جميع دول العالم خوْفاً من أن تتقلّد البلد مكانتها المرموقة التي تستحقها فوْق سائر الأُمم، واللهِ لو واحد غيري ما عندهوش ذكائي وخبرتي وحِنكتي كان زمانه جاب دُرَفها من زمان، بس أعمل إيه؟!، قَدَري إن ربنا يجعلني سبباً في إنقاذ هذا الوطن، علشان كده بآجي على حساب نفسي وصحّتي وأُسرتي وقاعد على الكُرسي سنة ورا سنة وفترة ورا فترة من أجل خاطر هذا الشعب الغلبان دوكهوَّ لإنه من غيري كان لاص وراح ف ستّين داهية تاخدُه، على الله بس تقدّر الناس تضحيتي وتعبى معاهم. 

السبت:

أحسستُ – وأنا جالس في اجتماع مجلس الوزراء – بحَرَقان شديد أسفل منطقة الشرج، في بادئ الأمر ظننتُ أن هذا الحَرَقان بسبب بامبرز كبار السِن الذي أرتديه مُنذ الصباح حتى لا تظهر أعراض التبوُّل اللا إرادي الذي أصابني منذ تسع سنوات، لكن الحَرَقان زاد جداً وتحوَّل إلى حَرَقانٍ ونَغْزٍ حاد، شالوني هيلا بيلا ونقلوني للمستشفى الرئاسي حيث كشف عليَّ وزير الصحّة والاقتصاد والخارجيّة (لأني أدمجتُ وزارة الصحة في وزارة الاقتصاد ووزارة الخارجيّة توْفيراً لمرتّبات الوزراء الذين لا يفعلون شيئاً بالأساس فكل القرارات والسياسات أتّخذها أنا) وطلب مني إجراء تحليل بول وبراز.

فضَّلت عمل التحليليْن في الخارج (بالتحديد في "سويسرا") طلباً للدِقّة واتّقاءً للأخطاء لعدم اعترافي بأطباء الوطن ولا بمستشفيات الوطن لتردّي مستواهم الفنّي والتِقني، وأهو بالمرّة أعرف رصيدي السِرّي في البنوك السويسريّة وصل لحد كام مليار دولار.

الثلاثاء:

اكتشف الأطباء أنني أُعاني من سرطان في البروسطاطا، وأنني لن أعيش أكثر من شهريْن آخريْن، لا حوْل ولا قوّة إلّا بالله، اللهمَّ لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللُطف فيه.

قُمتُ بتحويل كل أموالي إلى ابني وفلذة كبدي وأنا مُفعَمٌ بالحُزن العميق والأسى الشديد، وقرّرتُ العوْدة إلى الوطن للاطمئنان على انتهاء الأعمال القائمة لبناء مقبرتي الواقعة خارج العاصمة على مساحة سبعين فدّاناً، ثم ألقاء خطاباً للأُمّة للاكتفاء بالفترة التي قضيْتُها في خِدمة الوطن، ثم الإشراف على نقل السُلطة إلى ابني وابن عُمري، وأخيراً الذهاب إلى "السعوديّة" لإجراء عُمرةٍ سريعةٍ فاخرةٍ عسى أن يتقبَّل الله مني صالح الأعمال إن وُجِدت.

الإثنيْن:

في الصباح وبعد تسليمي مقاليد الحُكم رسميّاً إلى ابني ونِن عيني من جوّه ذهبت لمتابعة العمل في المقبرة، هناك فاجئتني نوْبةٌ قلبيّةٌ وانتقلتُ إلى رحمة الله تعالى وسط نحيب المقرّبين مني وعويل المواطنين. 

قُبيْل العصر تم دفني على وجه السُرعة بأوامرٍ من ابني الغالي وخليفتي في رئاسة الجمهوريّة بحُـجّة أن إكرام الميّت دفنه.

في المساء هفهفت روحي فوْق قُبّة مجلس الشعب حيث يتلقّى ابني الحبيب وقُرّة عيْني العزاء في وفاتي ثم يُلقي خطاباً ينعاني فيه ويستهل به فترة رئاسته.

فوجئت بأن ابني اعتلى منبر المجلس وأمسك بالحديدة وصرّح للشعب بأن الوطن في مأزقٍ كبير وأن على الشعب أن يتحمّل ما سيجري لكي يعبر من عُنُق الزُجاجة لأنه استلم البلد خربانة بعد سنينٍ طويلة من الفساد الذي استشرى في العهد البائد الذي جعل الوطن ع الحديدة ..... يا ابن الكااااااالب!  

google-playkhamsatmostaqltradent