خبر
أخبار ملهلبة

صورة واحد مُرشَّح لرئاسة جمهوريّة | صور مشقلبة | د. أحمد صادق


صورة ذئب مرشح نفسه لانتخابات الرئاسة معلقة على شجرة وسط الخرفان

صورة واحد مُرشَّح لرئاسة جمهوريّة

 

 

السبت:

أعلنت اليوْم "اللجنة العُليا للانتخابات" عن فتح باب الترشُّح لخوْض الانتخابات الرئاسيّة القادمة لشغل منصب "رئيس الجمهوريّة" لفترة الأربع سنوات القادمة، فقرَّرتُ التقدُّم بأوْراق ترشيحي لنيْل هذا الشرف الرفيع.

أنا – والحمد لله – تنطبق عليَّ جميع الشروط الرئيسيّة المُعلَن عنها في الدستور، فأنا – وأعوذ بالله من كلمة "أنا" – أحمل جنسيّة بلادي فقط دون غيرها كوالديَّ وجدودي وأسلافي رحمهم الله جميعاً، ومتمتِّعٌ بجميع حقوقي المدنيّة والإنسانيّة والاجتماعيّة والسياسيّة (طبعاً على الورق فقط وفي حدود ما يسمح به سيادة رئيس الجمهوريّة الحالي)، ولم يتم الحُكم عليَّ في أي جناية أو جريمة تمس الشرف أو الأمانة أو مُعارضة النظام (فأنا – طول عُمري وكأي مواطنٍ شريف – مُهاوِدٌ ومُطيعٌ وباسمع الكلام وبامشي جنب الحيط وأحياناً داخل الحيط ولا أفتح فمي إلّا عند طبيب الأسنان أو أمام حضرة الضابط النوبتجي أو بالعاميّة حظّابط النبطشي)، ولا أُعاني من أي مرضٍ يؤثِّر على أدائي لوظيفة الرئيس (فيما عدا بعض الأمراض النفسيّة السيْكوباتيّة العاديّة التي لا يتم علاج أي رئيسٍ منها: مثل بارانويا جنون العَظَمة والساديّة الفُصاميّة ومُتلازمة "هوبريس" وبعض الهلاوِس المُختلِفة)، كما أنني حاصلٌ على مؤهِّلٍ عالٍ من النوع الفاخر، وتجاوزتُ الأربعين عاماً، وأديْتُ الخِدمة العسكريّة أيضاً. 

وأنا – والشُكر لله وحده – تنطبق عليَّ أيضاً جميع الشروط الفرعيّة غير المُعلَنة، فأنا – وما يشكُر في نفسه غير "إبليس" – من أصلٍ عسكريٍ ابن عسكري، فجوز خالة ابن عم اللي جابوا أُمّي كان عُضواً بارزاً في تشكيل "الضُبّاط الأحرار" (وقد تم تسميتهم "أحراراً" لأنهم كانوا أحراراً فيما يفعلونه بالبلاد والعباد دون أن يعارضهم أحد)، ويُمكِنني أن أرتدي أي بدلةٍ رجالي غير عسكريّة لأصير رئيساً مدنيّاً كمَن سبقوني، وأنا – وحاشا لله من الأنانيّة – اتمتَّع بقدرٍ كبيرٍ من الذكاء والألمعيّة التي تجعلني أُدير دفّة سفينة الوطن بكل مهارةٍ وسط الأنواء الدوْليّة والمحليّة العاصفة، ولي خبرةٌ عظيمةٌ في الحُكم بين الناس بكل حكمةٍ ودبلوماسيّة، فقد سبق لي أن حكمتُ على جوز بنتي بأن يبوس راسها عندما ضربته بالشبشب ذات مرّة، كما حكمتُ بين جارنا "أبو آية" وبين الحاج "عطيّة" البقّال عندما حمرق الأوّل في الحساب بينهما، أمّا عن شعبيّتي بين الناس فحدِّث ولا حرج، فيكفيني أنني عندما أدخل أي مكان وأقول: "السلام عليكم" يرد عليَّ أغلب المتواجدين به قائلين: "وعليكم السلام" رغم أنهم لا يعرفونني تأسيساً على مبدأ: "السلام لله"، ناهيك عن حصولي على أعلى الأصوات في آخر انتخاباتٍ اكتسحتُها بجدارةٍ عندما صوَّت لصالحي ثلاثة أشخاصٍ من أصل سِتّةٍ وثلاثون في انتخابات مجلس إدارة عمارتنا التي لم يحضرها سوى خمسة جيران بعد صلاة الجمعة الماضية والتي على إثرها تحمّلت تبعات منصب أمين صندوق بُرج "الشيْماء".

ولكل هذه المزايا العظيمة والسجايا القويمة والعطايا الكريمة رأيْت في نفسي خيْر رئيسٍ لخيْر أُمّة، فمن أعمالكم سُلِّطَ عليكم.

الأربعاء:

بعد أن جمعت أوراقي ولطعت عليها عدداً لا بأس به من الطوابع والدمغات الرسميّة (حتى نشف ريقي) ودفعت الرسوم المطلوبة تم قبول أوراقي مبدئيّاً ومنحي لقب "المُرشَّح المُحتَمَل لرئاسة الجمهوريّة" على أن تظهر النتيجة النهائيّة للمُتسابقين على المنصب بعد أسبوع، طِرت من الفرحة وغمرني السرور وبدأتْ تظهر عليَّ أعراض الفخر والفشخرة لإحساسي الأكيد بأنني الرئيس القادم بقوّة، فرجعت لبيْتي وأنا أسير بكل عنطظةٍ وتؤدّةٍ وخُيلاءٍ حتى أنني لم أرُد على سلام عم "خميس" العجلاتي اللي تحت العمارة والواد "حجازي" البوّاب بل اكتفيْتُ برفع حاجبيَّ وأنا أنظر لهما بعيْنيْن ناعستيْن دليل العظمة والغطرسة. 

وعلى مائدة الغداء نالت زوْجتي من الحب جانباً عندما قُمت بشتمها هي وأهلها ولعنت سنسفيل جدودها ورزعتُ طبق البصارة البايتة في وجهها احتجاجاً مني على مناداتها لي باسمي المُجرَّد وعدم معاملتها اللائقة لي كرئيسٍ مُقبِلٍ للجمهوريّة، وعندما اعترض أوْلادي على إهانة أمهم وسبّي لها أظهرت لهم العيْن الحمراء وبدأتُ في التلطيش لهم مع ما تيسَّر من الشلاليت والأقلام مُرفَقٌ معها ما قلَّ ودلَّ من الشتائم حتى انتهى بهم الحال محبوسين في أوضة الفئران كأي مُعارِضين أوْغاد.

الأربعاء:

ذهبتُ لمقر "لجنة الانتخابات" وفوجئت بأنه تم القبول النهائي لترشُّحي للمنصب وترقيْتُ إلى رُتبة "رئيسٍ مُحتَمَل" مع مرتبة الشرف دون قرف، ويبدو لي أن اللجنة – بعد عمل التحريّات اللازمة – تأكَّدت بأنني شخصٌ تافهٌ لا خوْف مني في منافسة الرئيس الحالي بدليل أنهم رفضوا أوراق مُرَشَّحين آخرين لهم من الشُهرة والنفوذ ما يستطيعون به تهديد الرئيس الحالي في أكل عيشه بل قاموا بسجن بعضهم تحت مُسمّيات تُهَمٍ مُختلِفة، ويبدو أيضاً أنهم يُريدون وجودي في السباق الرئاسي لاستكمال الديكور الديموقراطي أمام الرأي العام العالمي والمحلّي، حينئذٍ قرَّرت أن أُنافس بقوّة وأنجح في الانتخابات المُقرَّر عقدها بعد شهر لأجعلهم يندمون على نظرتهم الدونيّة لي ولأُثبِت للجميع جدارتي بالمنصب.

السبت:

شهرٌ كاملٌ حضرت خلاله العديد من المؤتمرات والمناظرات الانتخابيّة الساخنة، ورغم اعترافي للجميع بعدم امتلاكي لأي برنامجٍ انتخابيٍ أو مشروعٍ قوْميٍ إلّا أنني أطلقتُ حُزمةً من الوعود البرّاقة والآمال الواهية فاكتسبتُ أرضيّةً شعبيّةً واسعةً خصوصاً بعد أن تعهَّدت بمنح كل مواطنٍ منزلٍ كبيرٍ وسيّارةٍ فارهةٍ ومبلغٍ هائلٍ عقب نجاحي المؤكَّد في الانتخابات وإن شا الله ما حد حوِّش وزغرطي يا اللي انتي مش غرمانة.

الأحد:

ظهرت اليوْم نتيجة الانتخابات مُعلنةً نجاح الرئيس الحالي لشغل المنصب لفترةٍ رئاسيّةٍ جديدة، مُقابل حصولي على 17 صوت على مستوى الجمهوريّة، وبعد اجتياز الصدمة كان رد فِعلي معروفٌ للجميع عندما قُمتُ بتدشين العديد من التصريحات الصحفيّة والإعلاميّة الكلاشيهيّة التي أُعلِن من خلالها تقبُّلي للنتيجة وعدم اعتراضي عليها رغم أن العمليّة الانتخابيّة قد شابها بعض العوار في بعض اللجان ممّا أثَّر في النتيجة النهائيّة، ولكن لم يفُتني أيضاً – إيثاراً للسلامة ورغبةً في الحفاظ على حياتي – أن أُعلِن أن الرئيس قد فاز بجدارةٍ واستحقاق، وهنّأته كثيراً وتمنيْتُ له التوْفيق في المرحلة القادمة، وأوْضحتُ أنني من أشد المُعجبين به والمؤيّدين له بدليل أنني – شخصيّاً – انتخبته كما دعوْت كل من والاني من أتباعي لانتخابه هو لأنه الأحق بالمنصب نظراً لكفاءته وخبرته.

الخميس:

في أوّل خطابٍ رئاسيٍ له قام الرئيس بدعوتي، وشكرني سيادته على مُنافستي له بشرف، وتمنّى لي التوْفيق في المستقبل خصوصاً بعد أن علم أنني أنوي خوْض الانتخابات القادمة لمجلس إدارة بُرج "الشيْماء" على منصب الرئيس.

google-playkhamsatmostaqltradent