خبر
أخبار ملهلبة

صورة واحد رئيس جمهورية (1) | صور مشقلبة | د. أحمد صادق


رئيس جمهورية يرتمي في أحضان كرسي السلطة عشقاً وهياماً

صورة واحد رئيس جمهوريّة (1)

 

 

الأحد:

ترجَّلت عن سيّارة الرئاسة السوْداء الفخمة المضادّة للرصاص، وتابعتني كاميرات التصوير وأنا أدخُل مبنى مجلس الشعب لأُؤدّي اليمين الدستوريّة أمام الأعضاء ولأُلقي أوّل خطابٍ لي بعد تولّي منصب رئيس الجمهوريّة توْطِئةً لأداء مهامي في خِدمة الشعب.

ووسط عاصفةٍ من تصفيق النوّاب والهُتاف بحياتي أقسمت اليمين ثم أمسكت بالحديدة (الميكروفون) وبدأتُ أصدح قائلاً:

-       باسم الله .. باسم الشعب .. أتشرَّف أمامكم اليوْم بتولّي منصب رئيس الجمهوريّة الذي أعتبره تكليفاً وليس تشريفاً ابتداءً من اليوْم ولفترة أربع سنواتٍ قادمة .. وأُحيطكم عِلماً – من الآن – بأنني لا أنتوي الترشُّح لفتراتٍ أُخرى حسب دستور بلادنا الجليل .. وأدعو الله أن يوفِّقني لخدمة المواطنين ورِفعة وطننا الحبيب ورفع رايته خفّاقةً بين سائر الأُمم .. وأُعاهِدكم باحترام جميع السُلُطات والأحزاب والآراء والحقوق والحريّات وبتحقيق كل الإنجازات التي لم يستكملها الرئيس السابق – رحمه الله – الذي أُوجِّه له كل التحيّة والعرفان بالجميل على خدماته الجليلة طوال ثلاثون عاماً من العمل الدؤوب .. ودعوني أوّلاً أستـ......

هُنا قاطعني النوّاب بتصفيقٍ حادٍّ مصحوباً ببعض الهُتافات الفرديّة للرئيس السابق، ثم تحوَّلت تلك الهُتافات – بقُدرة قادر – إلى هُتافاتٍ جماعيّةٍ لي ولحياتي وحياة المرحومة أُمّي التي أهدت الوطن ذلك الزعيم  الخالد – اللي هوَّ أنا – الذي سيقود الشعب نحو قـِمّة المجد والسؤدُد والتقدُّم، وبدوْري رفعت كلتيْ ذراعيَّ عالياً لأرُد تحيّة السادة الأعضاء قائلاً لهم:

-       شكراً .. شكراً يا جماعة .. شكراً لمشاعِركم الجيّاشة .. كفاية .. ها ها ها .. كفاية بقى .. كفـ.....

وتكلَّفتُ الصمت لخمس دقائق حتى يستكمل هؤلاء المُنافِقون هُتافهم وصراخهم حتى هدأوا بالتدريج فاستكملت:

-       دعوني أوّلاً أستعرض أمامكم التحدّيات والتهديدات التي تُجابهنا في طريقنا نحو نهضة الأمّة وعِزّة الشعب وبناء مُستقبلٍ باهرٍ مضيءٍ لجميع أبنائنا .. وسأعرض عليكم كل الحقائق بمنتهى الصِدق والشفافية .....

وقاطعني النوّاب من جديد بتصفيقٍ حاد وهُتافاتٍ جماعيّةٍ متنوِّعة بين الدعاء لي كثيراً وللوطن أحياناً، ثم استأنفتُ خطابي التاريخي لمُدّةٍ زادت على الثلاث ساعات، وتخلَّل كل فقرةٍ وأخرى فاصلٌ من التصفيق الشديد والهُتاف العالي حتى التهبت الأيادي وبُحَّت الحناجر وشعر كل عضوٍ من الأعضاء بأنه جاب جاز خلاص.

وتحدَّثتُ في كلمتي المُختَصَرة للشعب عن المؤامرات التي يتعرّض لها الوطن وعن حالتنا الاقتصاديّة المتردية (اللي تِصعَب ع الكافر) والتي لا تتخيَّر أبداً عن الحالة المُزرية للتعليم والصحّة والإسكان، وتطرَّقتُ أيضاً للفشل الذريع الذي أصاب قطاع الزراعة والصناعة والتجارة، ولم أنسَ ذِكر المشاكل العويصة التي تعاني منها جميع مرافق الدوْلة كالطُرُق والاتصالات والمواصلات والكهرباء والمياه ومصادر الطاقة، يعني م الآخر كده أشهدت الشعب على أنني استلمتُ البلد خربانة ما فيهاش حاجة عِدلة وأنني ورثتُ تِركةً سوْداء أثقلتها البلاوي والمصائب.

ولم يُخَلِّصني أن أترك الشعب وقد اسودَّت الدُنيا في عيْنيْه هكذا فقطعتُ على نفسي عهداً بأن أقود ذلك الشعب الغلبان لتجاوز تلك الكوارث والأزمات ولعبور عُنُق الزجاجة الذي نمر به منذ سبعين عاماً وما زلنا فيه في تلك المرحلة الحرجة الراهنة، ولكني اشترطتُ على ذلك الشعب النمرود أن يتحمّل مسؤوليّاته أمام الله والتاريخ، فيجب على الشعب أن يكون صبوراً إزاء الإجراءات التقشُّفيّة اللازمة، وأن يكون حمولاً على ارتفاع أسعار كل السِلع الضروريّة، وأن يكون جلوداً على المعاناة التي سيلقاها في عهدي، وألّا يُطالِب ببعض حقوق الرفاهية الكماليّة غير الضروريّة كالحُريّة والعيش بكرامة والعدالة الاجتماعيّة وغيرها من الكلام الفارغ الذي يُصدِّعنا به المثقَّفون، وبما أنه لا صوْت يعلو فوْق صوْت المعركة فقد هدَّدتُ كل مَن يخرج عن الخط المرسوم بالاعتقال والتنكيل الذي يكفله القانون للحاكم ضد كل مَن تُسوِّل له نفسه إثارة الشعب لإلهائه عن تحقيق أهداف الوطن العُظمى التي أصبح تحقيقها مسألة حياةٍ أو موْت.

الحمد لله؛ وفَّقني الله – بخطابي هذا – في أن أدبح القُطّة للشعب في أوّل يوْمٍ من حُكمي العظيم خاصّةً بعد أن أصدرتُ – بعد خطابي القصير – أوامر باعتقال حوالي رُبع مليون مواطِن من تلك النُخبة السياسيّة المُعارِضة المُزعِجة حتى يستتِب لي الأمر واعرف أشوف شُغلي في إنقاذ باقي الشعب من الحُفرة اللي واقِع فيها. 

الإثنيْن:

استهلالاً لعبور الأزمة الاقتصاديّة للوطن قُمتُ بتكليف مجلس الشعب بإصدار حُزمةٍ من القوانين والتشريعات التي تهدف إلى زيادة الضرائب والرسوم ورفع الأسعار وتقليص الدعم، وكان المجلس على مستوى المسؤوليّة وقام بسلق هذه القوانين في أربع جلساتٍ فقط، فعلاً إنجازٌ رائعٌ من مجلس الشعب الذي انتخبه الشعب لتحقيق مصالح الشعب.

الخميس:

وصلتُ – بحمد الله – إلى "سوخومي" عاصمة "أبخازيا" في مُستَهَل جوْلةٍ أوروبيّة لشراء صفقات سلاح مُتنوِّعة لمجابهة قوى الشر والإرهاب التي يُمكِن لها أن تحاربنا يوْماً ما، صحيح إن بلدنا لا أعداء لها بعد أن أصبحنا لا نهِش ولا ننِش إلّا أن الحِرص واجب وما حدِّش عارف بُكره فيه إيه، والرئيس الناصح الإوِر هو مَن يُفكِّر في أضعف الاحتمالات وليس أقواها.

واجهتني مُشكلةٌ بسيطةٌ أثناء إبرام اتفاقيّات شراء الأسلحة وهي أن بلدنا حالياً على فيض الكريم ولا يوجد أي احتياطي نقدي ولا سيولة ماليّة، لكن سهلة بأمر الله: اتَّصلتُ برئيس مجلس الشعب وقُمتُ بتعنيفه الشديد على ما أقرّه من تلك الزيادة البسيطة في الضرائب والرسوم والأسعار وطالبته برفعها للضعف كما أمرته بإلغاء الدعم نهائيّاً عن بعض السلع والخدمات لتوفير الاعتماد المالي الكافي لشراء السلاح.

ملحوظة: انتهزت فرصة وجودي في "أوروبا" وعدّيت على "سويسرا" لشراء بعض البِدَل السينييه والساعات الرولكس وشويّة هدايا للمدام والأولاد، وفتحت هناك كام حساب بنكي سِرّي لزوم تحويل وتحويش أموالي هناك لتأمين مستقبل العيال.

السبت:

بعد عوْدتي من الخارج أصدرتُ مرسوماً بتكليف زوْجتي المصون بالإشراف على كل المؤسَّسات المُختصّة بشؤون المرأة والطفل، كما أصدرتُ فرماناً بتكليف ابنتي الحبيبة بالإشراف علي الجمعيّات الخيْريّة والمشاريع المُجتمعيّة، كما أصدرتُ قانوناً بإنشاء حزبٍ جديدٍ أسميْتُه: "حزب الخازوق الوطني الاشتراكي التحرُّري" وأسندتُ رئاسته لابني الغالي تمهيداً لتوريثه الحُكم من بعدي بعد عُمْرٍ طويل.

الأربعاء:

ذهبت لزيارة دوْلة "بوروندي" العُظمى لتبادل وجهات النظر مع رئيسها وتعزيز العلاقات بين البلديْن والاستفادة من التجربة الاقتصاديّة البورونديّة الرائدة، وبالمرّة إبرام بعض الصفقات التُجاريّة المُهمّة لكلا البلديْن بحيث نستورد منهم بعض السلع الاستراتيجيّة كالكاجو والزنجبيل ونُصدِّر لهم السجائر الكليوباترا وبُمب العيد.



(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent