خبر
أخبار ملهلبة

مصير صرصار | توفيق الحكيم | الفصل الثاني: كفاح الصرصار (5)


يد إمرأة تدق على الباب

الفصل الثاني (5)

 

 

عادل: أحتاج إلى انصرافِك وسكوتِك ..

الطبّاخة: أمرك ..

(تعود الطبّاخة إلى "سامية" يائسةً .....)

سامية: قلت لكِ لا فائدة ..

الطبّاخة: حقاً .. صحيح ..

سامية: والعمل؟ .. لا بُد من عمل شيء .. لا بُد .. لا بُد ..

الطبّاخة: هدِّئي خاطرِك يا سِت .. وخلّيها على الله! ..

سامية: لا يمكن السكوت .. لا يمكن السكوت! ..

(وتسير "سامية" في الحجرة بحركةٍ عصبيّة والطبّاخة تنظر إليها وتتنهّد، وإذا بجرس الباب يرن .....)

الطبّاخة: جرس الباب! ..

سامية: مَن يا ترى؟ ..

الطباخة: سأذهب وأنظر .. (تخرج .....)

سامية (تقف مترقّبة، ثم تنادي): مَن يا "أم عطيّة"؟ ..

الطبّاخة (تدخل بلهفة): الدكتور يا سِت! ..

سامية: دكتور؟! .. أي دكتور؟! ..

الطبّاخة: قال إنه دكتور الشركة .. أدخلته الصالون ..

سامية: دكتور الشركة؟! .. آه .. لا بد أن "رأفت" أرسله .. ظنَّ المسألة تستدعي .. والآن ما العمل؟! .. حدث ما كنت أخشاه .. ( تتجه إلى باب الحمام وتدق .....) "عادل" .. افتح يا "عادل" .. موضوعٌ مهمٌ جداً ..

عادل (وأنظاره داخل الحوْض): عارف مهم جداً ..

سامية: الموقف خطير! ..

عادل: بدون شك .. (يشير إلى الصرصار في الحوْض) .. فعلاً موقفه خطير! .. وأنتِ عارفة أن موقفه خطير ..

سامية: موقف مَن؟ .. إني أتكلّم عن موقفك أنت ..

عادل: وهذا أيضاً معروف ..

سامية: افتح يا "عادل" .. افتح لأشرح لك الموقف ..

عادل: الموْقف واضح .. لا يحتاج إلى شرح ..

سامية: أنت غلطان .. استجد شيء .. الدكتور حضر ..

عادل: دكتور؟! .. أحضرتِ دكتـور؟! .. لإبادة هـذا المسكين؟ .. دكتور حشرات طبعاً؟! ..

سامية: حشرات؟! .. ما هذا الكلام؟ .. الدكتور جاء لك أنت .. افتح .. الدكتور لك أنت ..

عادل: لي أنا؟! .. دكتور حشرات؟ ..

سامية : أي حشراتٍ یا "عادل"؟! .. دكتور الشركة .. دكتور الشركة حضر للكشف عليك ..

عادل (ناهضاً): ما هذا الذي تقولين؟ ..

سامية: افتح وأنا أفهّمك ..

عادل (يفطن): أفتح؟! .. آه! .. لا .. قديمة! ..

سامية: أنا لا أمزح يا "عادل" .. ولا أتحايل .. كلامي جد .. وطبيب الشركة حضر فعلاً .. وموجودٌ في الصالون .. الظاهر أن "رأفت" أرسله .. ظن أنك مريض ..

عادل: أنا مريض؟! ..

سامية: "رأفت" فهم هذا .. والدكتور حضر بالفعل ..

عادل: إذا كان قد حضر بالفعل فلماذا لا أسمع صوته؟! ..

سامية: إنه في الصالون .. قلت لك هو في الصالـون، وأرجوك لا تجعله ينتظر أكثر من ذلك! ..

عادل: بالاختصار تريدين أن أفتح؟! ..

سامية: طبعاً .. للتصرُّف في مسألة الدكتور ..

عادل: دعِك من حكاية الدكتور هذه ..

سامية: ألا تصدِّق أنه موجودٌ هنا؟ ..

عادل: إذا كان حقاً جاء من أجلي فليتفضّل ويخاطبني بنفسه! ..

سامية: تريد أن يدخل هنا؟! ..

عادل: أليس هذا هو الطبيعي؟! ..

سامية: وهو كذلك .. (تنادى "أم عطية") .. قولي للدكتور يتفضّل هُنا! ..

الطبّاخة: حاضر يا سِت ..

("سامية" تأخذ بسرعةٍ في ترتيب شعرها وهندامها استعداداً لمقابلة الطبيب .....)

الطبّاخة (على العتبة): تفضّل هُنا يا دكتور! ..

سامية (تستقبله): تفضّل يا دكتور! ..

الدكتور (يدخل حاملاً حقيبةً صغيرة): صباح الخير! ..

سامية: صباح الخير! .. يظهر أننا أزعجناك بدون .....

الدكتور: لا .. أبداً .. أنا كنت انتهيت من اللِبس، وعلى وشك الخروج عندما طلبني الأستاذ "رأفت" بالتليفون .. نزلت في الحال .. ومنزلي قريبٌ منكم جداً ..

سامية: نحن في غاية الشكر .. لكن .....

الدكتور: وما الذي يشعر به الأستاذ "عادل"؟ ..

سامية: هو في الحقيقة .....

الدكتور: على كل حال كل شيء سيتضح عند الكشف .. تسمحين؟ .. أين هو؟ ..

سامية: هو .. هو .. هو هنا في الحمّام .. سأناديه ..

الدكتور: اتركيه يأخذ حمّامه على راحته ..

سامية: إنه لا يأخذ حمّامه .. إنه .. لحظةً واحدة .. (تطرق باب الحمّام) .. "عادل" .. افتح يا "عادل" .. الدكتور منتظر ..

عادل: أين هو؟ ..

سامية: هنا في الحجرة .. رُد عليه يا دكتور! ..   

الدكتور: أستاذ "عادل"! ..

عادل: الله! .. الحكاية صحيح! ..

الدكتور (لسامية): ماذا يقول؟ ..

سامية (لعادل): صدّقتني الآن! .. افتح إذن! ..

عادل ( يفتح ويقف على عتبة الحمّام): الدكتور؟! .. أنا في الحقيقة .. في شِدّة الخجل ..

الدكتور: كيف حالك الآن يا أستاذ "عادل"؟ ..

عادل: أنا؟ .. أنا بخير ..

الدكتور: بخير؟ ..

عادل: طبعاً ..

سامية: لكنه كان شَعَرَ الصُبح ببعض التوعّك ..

عادل: أنا؟! ..

سامية: طبعاً أنت .. منذ الصباح وأنت في حالةٍ غير طبيعيّة ..

عادل: أنتِ عارفة السبب ..

سامية: مهما يكن السبب .. الدكتور حضر وانتهى الأمر .. وأنت على كل حال تأخّرت على الشغل .. ولا بأس من كوْن الدكتور يأمر لك بيوم راحة .. أليس كذلك يا دكتور؟ ..

الدكتور: لا بد قبل أن أقرّر أي شيءٍ أن أكشِف .. تفضّل هنا على السرير يا أستاذ "عادل"! ..

عادل: ولكنى .....

سامية: اسمع كلام الدكتور يا "عـادل" .. ودعـه يـكشف عليك ..

عادل: يكشف؟! .. وإذا اتضح .....

سامية: أنت على كل حالٍ مرهَق ..

عادل: ولكن هذا ليس بالسبب الكافي ..

سامية: إنه الآن يكفي ..

عادل: إني أفضِّل أن يعرف السبب الحقيقي ..

سامية: السبب الحقيقي؟! ..

عادل: نعم .. تعالَ يا دكتور ..

الدكتور: أين؟ ..

عادل (يسحبه نحو الحمّام): هنا ..

سامية: أنت مجنونٌ يا "عادل"! .. (تسحب الدكتور بعيداً عن الحمّام) أرجوك يا دكتور .. تعالَ ..

عادل: اتركيه يا "سامية" .. دعيني أخبره بالسبب الحقيقي .. (يجذب الدكتور) تعالَ يا دكتور ..

سامية: لا تسمع كلامه يا دكتور .. (تشد الدكتـور) تعالَ ..

الدكتور  (حائراً بيْن جَذْب الاثنيْن): أرجوكم .. أرجوكم ..

سامية: اترك الدكتور يا "عادل" .. هذا لا يصح ..

 

 

(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent