خبر
أخبار ملهلبة

"أرواح بلا قبور" | الطيْف المجهول (1)

 

رسم لشاب يتحدث مع فتاة

الطيْف المجهول (1)

 


ظلّ "هيكل" واقفاً على أعصابه حتّى انتهت "صفاء" من آداء آخر امتحان للشهادة الثانويّة وخرجت من اللجنة وهي تبتسم ابتسامةً عريضة تعني رضاها عن إجاباتها وضمانها لدرجةٍ عالية وبادرت "هيكل" بالحوار وهما يسيران نحو المنزل :

- أخيراً.. خلّصت الثانويّة.. أنا مش مصدّقة.

- المهم عملتي إيه؟

- الحمد لله الامتحان جا ميّه.. ما فيش أسهل من كده.. الامتحانات السنة دي كلها حلوة.

- يعني ح تحصّليني ف كليّة الهندسة؟

- إن شاء الله.. وح نبقى نروح ونيجي سوا.. وتذاكر لي كمان.. ونشوف بعض على طول.

- طب ما انا باشوفك كل يوم.. انتي ناسية انّنا جيران وف حكم المخطوبين.

- لا يا حبيبي لسّه مش مخطوبين رسمي.. إحنا موْعودين لبعض بس.. من صغرنا وباباك وبابايا الله يرحمهم الاتنين كانوا اصحاب قوي واتفقوا يجوّزونا لبعض لمّا نكبر.. وامهاتنا مستنّيّين اليوم ده.

- وادينا كبرنا أهه.. إيه اللي ناقص بقى؟

- ناقص سنتين وتتخرّج وتلاقي شغل وبعد كده تتقدّم لخالي زي ما قال لك.

- عموماً هانِت.. ربّنا يسهّل والأيّام تعدّي ونتجوّز ونتلّم ف بيت واحد وما حدّش يقدر يمنعنا عن بعض.

- إن شاء الله.. بس تعالى هنا ما تاخدنيش في دوكة.. ح تفسّحني فين حلاوة ما خلّصت الامتحان؟

- لمّا ارجع م التدريب إن شاء الله.

- إخص عليك.. برضه ح تسافر؟

- هيّ "جمصة" سفر؟.. دي ساعة زمن من هنا.. يعني يا دوب ح اركب ميكروباس من بلدنا "ميت مزّاح" لحد "المنصورة" وبعدين أوتوبيس "لجمصة".

- طب ما تروح وتيجي كل يوم.. يعني لازم تقعد هناك الإسبوعين ورا بعض؟

- أيوه يا بنتي.. ح نتدرّب ف محطّة كهربا غرب "دمياط" ودي ف مكان استراتيجي معزول ع البحر بعيد عن البلد.. ما ينفعش ندخل ونطلع كده سبهللة.. وبعدين فيه هناك سكن مخصوص للمهندسين اللي بيشتغلوا ولطلبة قسم كهربا اللي بيتدرّبوا.. ده انا المفروض كنت اروح النهار ده الصبح بس أجّلت لغاية ما اطمّن عليكي واودّعِك.

- ح توْحشني قوي الإسبوعين دول يا "هيكل".

- وانتي واللهِ يا حبيبتي.. إنتي مش عارفة أنا باحبّك قد إيه.. إنتي كل حاجة ف حياتي.. من غيرِك ما اقدرش اعيش ثانية واحدة.. يا ترى بتحبّيني زي ما باحبِك؟

- آآآآآ.. أيوه طبعاً.

- طبعاً إيه؟

- طبعاً با.. با.. باحبَّك يا أخي.. ما تكسفنيش بقى.

- خلاص مش ح اكسفِك.. بس توعديني ما فيش حاجة تاخدِك منّي.. وتبقي ليّ لوحدي مهما يكون.

- ما تخافش.. ما فيش حاجة ح تفرّق بينّا أبداً.. حتّى الموت.

- الحمد لله أنا كده إطمّنت.. بس افتكري بقى اللحظة دي لغاية ما نعجّز ونبقى كراكيب.. ها ها هاه.

- لا يا خويا أنا ح افضل فاكرة.. المهم بس ما تطلعش زي بقية الرجّالة وتنسى انت.

- أنا عن نفسي عمري ما ح اسيبِك أبداً.

- ح نشوف.

- ماشي.. أراهنِك.. إحنا وصلنا البيت أهه.. إطلعي انتي بالسلامة وانا ح اخد شنطة هدومي اللي سايبها عند عم "عماشة" البقّال واتّكل على الله.. سلام.

وانصرف "هيكل" وعيون "صفاء" تتابعه بنظرةٍ حانية ملؤها المحبّة والهوى إلى أن اختفى عن ناظريْها فتنهّدت وهي تشعر بغصّةٍ في الحلق وانقباضٍ في القلب خوْفاً من غيابه طويلاً عنها فتستبدّ بها لواعج الحنين واللهفة.

 

 

(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent