خبر
أخبار ساخنة

أيهذا الشاكي (كن جميلاً) | أيليا أبو ماضي



أيُّهذا الشاكي (كُنْ جميلاً)

 

 

أَيُّهَذا الشاكي وَما بِكَ داءٌ (مرضٌ أو عيْب)

كَيْفَ تَغدو (تُصبِح مبكِّراً) إِذا غَدَوْتَ عَليلا (مريضا)

إِنَّ شَرَّ الجُناةِ في الأَرضِ نَفسٌ

تَتَوَقّى (تحذر وتخشى) قَبلَ الرَحيلِ الرَحيلا

وَتَرى الشَوْكَ في الوُرودِ وَتَعمى

أَن تَرى فَوْقَها النَدى إِكليلا (تاجا)

هُوَ عِبءٌ عَلى الحَياةِ ثَقيلٌ

مَن يَظُنُّ الحَياةَ عِبئاً ثَقيلا

وَالَّذي نَفسُهُ بِغَيرِ جَمالٍ

لا يَرى في الوُجودِ شَيْئاً جَميلا

لَيسَ أَشقى مِمَّن يَرى العَيْشَ مُرّاً

وَيَظُنُّ اللَذّاتِ فيهِ فُضولا

أَحكَمُ الناسِ في الحَياةِ أُناسٌ

عَلَّلوها (جنوا ثمارها) فَأَحسَنوا التَعليلا (الجني والحصاد)

فَتَمَتَّع بِالصُبْحِ ما دُمتَ فيهِ

لا تَخَفْ أَن يَزولَ حَتّى يَزولا

وَإِذا ما أَظَلَّ (غشى فوق) رَأسَكَ هَمٌّ

قَصِّرِ البَحثَ فيهِ كَيْلا يَطولا

أَدرَكَتْ كُنهَها طُيورُ الرَوابي

فَمِنَ العارِ أَن تَظَلَّ جَهولا (كثير الجهل)

ما تَراها وَالحَقلُ مِلْكُ سِواها

تَخِذَتْ (اتَّخذتْ) فيهِ مَسرَحاً وَمَقيلا (مكان الراحة وقت القيلولة)

تَتَغَنّى وَالصَقرُ قَد مَلَكَ الجَوَّ

عَلَيها وَالصائِدونَ السَبيلا

تَتَغَنّى وَرَأَتْ بَعضَها يُؤخَذُ

حَيّاً وَالبَعضَ يَقضي (يموت) قَتيلا

تَتَغَنّى وَعُمرُها بَعضُ عامٍ

أَفَتَبكي وَقَد تَعيشُ طَويلا

فَهيَ فَوْقَ الغُصونِ في الفَجرِ تَتلو

سُوَرَ الوَجْدِ (الشغف والحُب) وَالهَوى تَرتيلا

وَهيَ طَوراً (مرّةً أو تارةً) عَلى الثَرى (الأرض) واقِعاتٌ

تَلقُطُ الحَبَّ أَو تُجَرُّ الذُيولا

كُلَّما أَمسَكَ الغُصونَ سُكونٌ

صَفَّقَت لِلغُصونِ حَتّى تَميلا

فَاِذا ذَهَّبَ (أضفى عليه لوْناً ذهبيّاً) الأَصيلُ (وقت اصفرار الشمس قبل غروبها) الرَوابي (جمع رابية وهي التلال المرتفعة)

وَقَفَتْ فَوْقَها تُناجي (تُفضي بحديثٍ يعبِّر عمّا في قلبها من مشاعر) الأَصيلا

فَاِطلُبِ اللَهوَ مِثلَما تَطلُبُ الأَطيارُ (الطيور)

عِندَ الهَجيرَ (الحر القائظ في منتصف النهار) ظِلّاً ظَليلا

وَتَعَلَّمْ حُبَّ الطَبيعَةِ مِنها

وَاِترُكِ القالَ لِلوَرى (للخلْق أو للناس) وَالقيلا

فَالَّذي يَتَّقي العَواذِلَ (جمع عاذل وعذول وهم كثيري اللوْم والعِتاب) يَلقى

كُلَّ حينٍ في كُلِّ شَخصٍ عَذولا

أَنتَ لِلأَرضِ أَوَّلاً وَأَخيراً

كُنتَ مَلِكاً أَو كُنتَ عَبداً ذَليلا

لا خُلودٌ تَحتَ السَماءِ لِحَيٍّ

فَلِماذا تُراوِدُ (تطلب) المُستَحيلا

كُلُّ نَجْمٍ إِلى الأُفولِ (الغياب والسقوط) وَلَكِن

آفَةُ (مرض أو عيْب) النَجْمِ أَن يَخافَ الأُفولا

غايَةُ (نهاية أو آخر) الوَردِ في الرِياضِ (جمع روْضة وهي الجدائق والبساتين) ذُبولٌ

كُن حَكيماً وَاِسبِقْ إِلَيهِ الذُبولا

وَإِذا ما وَجَدتَ في الأَرضِ ظِلّاً

فَتَفَيَّء (تظلَّل) بِهِ إِلى أَن يَحولا (يزول ويمُر)

وَتَوَقَّع إِذا السَماءُ اِكفَهَرَّت (اسودَّت وتلبَّدت بالغيوم)

مَطَراً في السُهولِ يُحيِ السُهولا

قُل لِقَومٍ يَستَنزِفونَ (يسنفذون وبستهلكون) المَآقي جمع مأقى وهي مجاري الدُّموع من العين)

هَل شُفيتُم مَعَ البُكاءِ غَليلا (شفى غليله أي انتقم ونال ثأره وأذهب غيظه وحقده)

ما أَتَينا إِلى الحَياةِ لِنَشقى

فَأَريحوا أَهلَ العُقولِ العُقولا

كُلُّ مَنْ يَجمَعُ الهُمومَ عَلَيهِ

أَخَذَتهُ الهُمومُ أَخذاً وَبيلا (شديدا)

كُن هَزاراً (عندليباً) في عُشِّهِ يَتَغَنّى

وَمَع الكَبْلِ (القيْد) لا يُبالي الكُبولا (القيود)

لا غُراباً يُطارِدُ الدودَ في الأَرضِ

وَبوماً في اللَيْلِ يَبكي الطُلولا (الأطلال الخَرِبة)

كُن غَديراً يَسيرُ في الأَرضِ رَقراقاً (لامعاً متدفِّقاً)

فَيَسقي مِن جانِبَيْهِ الحُقولا

تَستَحِمُّ النُجومُ فيهِ وَيَلقى

كُلُّ شَخصٍ وَكُلُّ شَيءٍ مَثيلا

لا وِعاءً يُقَيِّدُ الماءَ حَتّى

تَستَحيلَ (تتحوَّل) المِياهُ فيهِ وُحولا (جمع وَحْل)

كُن مَعَ الفَجرِ نَسمَةً توسِعُ الأَزهارَ

شَمساً وَتارَةً تَقبيلا

لا سُموماً مِنَ السَوافي (الرياح التي تحمل التُراب وتنثره) اللَواتي

تَملَءُ الأَرضَ في الظَلامِ عَويلا (صُراخاً بصوْتٍ عالٍ)

وَمَعَ اللَيْلِ كَوكَباً يُؤنِسُ الغاباتِ

وَالنَهرَ وَالرُبى وَالسُهولا

لا دُجى (سواد وظلام) يَكرَهُ العَوالِمَ وَالناسَ

فَيُلقي عَلى الجَميعِ سُدولا (ستائر كثيفة)

أَيُّهَذا الشاكي وَما بِكَ داءٌ

كُن جَميلاً تَرَ الوُجودَ جَميلا

 

 

إيليّا أبو ماضي

google-playkhamsatmostaqltradent