لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ
لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمَّ نُقصانُ
فَلا يُغَرَّ (ينخدِع) بِطيبِ العَيْشِ
إِنسانُ
هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها
دُوَلٌ
مَن سَرّهُ زَمَنٌ ساءَتهُ
أَزمانُ
وَهَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى
أَحَدٍ
وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها
شانُ (شأن)
يُمَزِّقُ الدَهرُ حَتماً كُلَّ
سابِغَةٍ (دِرع واقية)
إِذا نَبَتْ (شذّتْ ولم تستطِع) مَشرَفِيّاتٌ (جمع "مشرفيّة"، وهي قُرىً في بلاد "حوران" بـ"الشام" اشتهرت بصناعة السيوف) وَخُرصانُ (جمع "خُرْص"، وهو الدِرع)
وَيَنتَضي (يخرج من غِمده أو جرابه) كُلَّ سَيفٍ للفَناءِ (الزوال والعَدَم) وَلَوْ
كانَ "ابنَ ذي يَزَنٍ" ("سيْف بن ذي يزن" وهو أحد ملوك "اليمن") وَالغِمدَ "غُمدانُ" (قصر عظيم مشهور في "اليمن"، يُعرف باسم قصر "غُمدان"، وقد سُمي كذلك نسبةً إلى "الغِمد" وهو غلاف السيف أو جرابه، لأن هذا القصر يُشبه الغِمد الذي يُغطّي ويحمي ما بداخله من بناء)
أَينَ المُلوكُ ذَوو التيجانِ
مِن "يَمَنٍ" (بلد عاصمتها "صنعاء" حالياً)؟
وَأَينَ مِنهُم أَكالِيلٌ وَتيجَانُ؟
وَأَينَ ما شادَهُ (بناه ورفعه) "شَدّادُ" ("شدّاد بن عاد" وهو أحد ملوك قوْم "عاد" من العرب البائدة) في
إِرَمٍ
وَأينَ ما ساسَه (تدبّر أموره وصرّفها) في الفُرسِ "ساسانُ" (كان محارباً وصيّاداً عظيماً وهو أبو السُلالة الساسانيّة التي حكمت "فارس" قديماً)؟
وَأَينَ ما حازَهُ "قارونُ" من
ذَهَبٍ؟
وَأَينَ "عادٌ" وَ"شَدّادٌ" وَ"قَحطانُ" (قبائل عربيّة قديمة)؟
أَتى عَلى الكُلِّ أَمرٌ لا
مَرَدّ (رجوع) لَهُ
حَتّى قَضوْا (ماتوا وفنوْا) فَكَأنّ القَوْمَ ما
كانُوا
وَصارَ ما كانَ مِن مُلْكٍ وَمِن
مَلِكٍ
كَما حَكى عَن خَيالِ الطَيْفِ ("خيال الطيْف": هو الصورة التي تُرى في المنام وتُشبه ما تُرى في اليقظة) وَسنانُ ("الوَسنان": هو الشخص الذي اشتد نُعاسه واستغرق في النوْم)
دارَ الزَمانُ عَلى "دارا" (هو "داريوس" الثاني ابن "داريوس" الأوّل أحد ملوك "فارس" الذي قتله أحد أصحابه تقرُّباً إلى "الأسكندر" الأكبر الذي قتل بدوره الصاحب لأنه غدر بملكه) وَقاتِلِهِ
وَأَمَّ (قَصَدَ وتوجّه إلى) "كِسرى" فَما آواهُ
إِيوانُ ("الإيوان": هو قصرٌ منيف بناه "كِسرى" ملك الفُرْس في أكثر من عشرين عاماً بمدينة "المدائن" جنوبيْ "بغداد")
كَأَنَّما الصَعبُ لَم يَسهُل
لَهُ سببٌ
يَوماً وَلا مَلَكَ الدُنيا "سُلَيمانُ"
فَجائِعُ (مصائب ونكبات فاجعة) الدُهرِ (الزمن الطويل) أَنواعٌ
مُنَوَّعَةٌ
وَلِلزَمانِ مَسرّاتٌ (جمع "مَسرّة"، وهي الفرح والغِبطة) وَأَحزانُ
وَلِلحَوادِثِ سُلوانٌ ("السُلوان": هو كل ما يُذهِب ويُنسي الهًم والحُزن) يُهوّنُها
وَما لِما حَلَّ بِالإِسلامِ
سُلوانُ
دهى (نزلتْ الداهية) الجَزيرَةَ (شِبه جزيرة "أيْبيريا" التي تقع بها "الأندلس") أَمرٌ لا عَزاءَ
لَهُ
هَوَى (سقط) لَهُ "أُحُدٌ" (جبل "أُحُد" القريب من "المدينة المنوّرة") وَاِنهَدَّ "ثَهْلانُ" (جبل بـ"اليمن")
أَصابَها العيْنُ (عيْن الحسود) في الإِسلامِ
فاِرتُزِأت (أُصيبت)
حَتّى خَلَت مِنهُ أَقطارٌ
وَبُلدانُ
فاسألْ "بَلَنسِيّةً" (حالياً مدينة "فالنسيا" بـ"إسبانيا") ما شَأنُ "مُرسِيّةٍ" (حالياً مدينة "مورسيا" بـ"إسبانيا")؟
وَأَينَ "شاطِبةٌ" (حالياً مدينة "جاتيفا" بـ"إسبانيا") أَم أَينَ "جيّانُ" (حالياً مدينة "خاين" بـ"إسبانيا")؟
وَأَين "قُرطُبةُ" (حالياً مدينة "كوردوبا" بـ"إسبانيا") دارُ العُلُومِ؟، فَكَم
مِن عالِمٍ قَد سَما (علا وارتفع) فِيها لَهُ
شانُ
وَأَينَ "حِمْصٌ" (قديماً "أشبيليّة" وحالياً مدينة "سيبيّا" بـ"إسبانيا") وَما تَحويِهِ مِن نُزَهٍ (متنزّهات)
وَنَهرُها العَذبُ فَيّاضٌ (يفيض بالماء الغزير) وَمَلآنُ
قَوَاعدٌ كُنَّ أَركانَ البِلادِ
فَما
عَسى البَقاءُ إِذا لَم تَبقَ
أَركانُ
تَبكِي الحَنيفِيَّةُ البَيْضَاءُ (مِلّة الإسلام) مِن أَسَفٍ
كَما بَكى لِفِراقِ الإِلفِ (الصديق أو الحبيب) هَيْمَانُ (المُحِب شديد الوَجْد)
عَلى دِيارٍ منَ الإِسلامِ
خالِيَةٍ
قَد أَقفَرَت وَلَها بالكُفرِ
عُمرانُ
حَيثُ المَساجِدُ قَد صارَت
كَنائِس ما
فيهِنَّ إِلّا نَواقِيسٌ (أجراس الصلاة بالكنائس) وصُلبانُ (جمع "صليب")
حَتّى المَحاريبُ (جمع "مِحراب") تَبكي وَهيَ
جامِدَةٌ
حَتّى المَنابِرُ تَبكي وَهيَ
عيدَانُ (جمع "عود")
يا غافِلاً وَلَهُ في الدهرِ
مَوعِظَةٌ
إِن كُنتَ في سِنَةٍ (غفوة أو غفلة) فالدهرُ يَقظانُ
وَماشِياً مَرِحاً يُلهِيهِ
مَوطِنُهُ
أَبَعدَ "حِمْصٍ" تَغُرُّ المَرءَ
أَوْطانُ
تِلكَ المُصِيبَةُ أَنسَت ما
تَقَدَّمَها (سبقها)
وَما لَها مِن طِوَالِ الدَهرِ
نِسيانُ
يا أَيُّها المَلكُ البَيضاءُ
رايَتُهُ (يقصد السلطان "المنصور بالله أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق" حاكم المغرب العربي آنذاك)
أَدرِك بِسَيْفِكَ أَهلَ الكُفرِ
لا كانوا
يا راكِبينَ عِتاق الخَيْلِ (الخيْل الكريمة السريعة) ضامِرَةً (قليلة اللحم)
كَأَنَّها في مَجالِ السَبْقِ (السِباق) عُقبانُ (جمع "عُقَابُ"، وهو طائرٌ من كواسِر الطَّيْر، قويُّ المخالب، له منقارٌ قصيرٌ أَعقف، حادُّ البصر)
وَحامِلينَ سُيُوفَ الهِندِ
مُرهَفَةً(رقيقة الحد أو حادّة الطرف)
كَأَنَّها في ظَلامِ النَقْعِ (الغُبار الذي تُثيره الخيول بسنابكها) نيرَانُ
وَراتِعينَ (مَن يعيشون في رخاءٍ ونعيم) وَراءَ البَحرِ في
دَعةٍ (راحة العيْش وسكينته)
لَهُم بِأَوطانِهِم عِزٌّ
وَسُلطانُ
أَعِندكُم نَبَأٌ مِن أَهلِ "أَندَلُسٍ"؟
فَقَد سَرى (سار ليْلاً) بِحَدِيثِ القَوْمِ
رُكبَانُ (جمع "راكب" أي المُسافر)
كَم يَستَغيثُ بِنا
المُستَضعَفُونَ وَهُم
قَتلى وَأَسرى فَما يَهتَزَّ
إِنسانُ
ماذا التَقاطعُ (المُقاطعة والهِجران) في الإِسلامِ
بَينَكُمُ
وَأَنتُم يا عِبَادَ الله إِخوَانُ
أَلا نُفوسٌ أَبيّاتٌ (جمع "أبيّة"، وهي المتعفّفة والمتنزّهة عن كل عيْب) لَها
هِمَمٌ (جمع "هِمّة"، وهي الإرادة والعزم)
أَمَا عَلى الخَيرِ أَنصارٌ
وَأَعوانُ
يا مَن لِذلَّةِ قَومٍ بَعدَ
عِزِّهِمُ
أَحالَ (حوّل وغيّر) حالَهُم كفرٌ وَطُغيانُ
بِالأَمسِ كانُوا مُلُوكاً فِي
مَنازِلهِم (بلادهم)
وَاليَومَ هُم في بِلادِ الكُفرِ
عُبدانُ (جمع "عَبْد")
فَلَو تَراهُم حَيارى (جمع "حيْران") لا دَلِيلَ
لَهُم
عَلَيهِم من ثيابِ الذُلِّ
أَلوانُ
وَلَو رَأَيْتَ بُكاهُم عِندَ
بَيْعهمُ
لَهالَكَ (أفزعك) الأَمرُ وَاِستَهوَتْكَ
أَحزانُ
يا رُبَّ أُمٍّ وَطِفلٍ حيلَ (فُصِل وحُجِز بينهما بحائلٍ) بينهُما
كَما تُفَرَّقُ أَرواحٌ
وَأَبدانُ
وَطِفلَةٍ مِثلَ حُسنِ الشَمسِ إِذ
برزتْ (طلعتْ وظهرتْ)
كَأَنَّما هيَ ياقُوتٌ وَمَرجانُ
يَقُودُها العِلْجُ (الرجل من كُفّار العَجَم غير العرب) لِلمَكروهِ
مُكرَهَةً
وَالعَينُ باكِيَةٌ وَالقَلبُ
حَيرانُ
لِمثلِ هَذا يذوبُ القَلبُ مِن
كَمَدٍ (كِتمان الحُزن الشديد في القلب)
إِن كانَ في القَلبِ
إِسلامٌ وَإِيمانُ