خبر
أخبار ملهلبة

صورة واحد حرامي (2) | صور مشقلبة | د. أحمد صادق


موتوسيكلات وتروسيكلات وتكاتك رخيصة تهريب جمارك

صورة واحد حرامي (2)

 

 

الجُمعة:

قَبَضَ تاجِر الوِكالة من أحد بائعي الفاكِهة بالقطّاعي ضِعف ما دفعه للحاج "حُصرُم" دون أي إحساسٍ بالذنب حيْثُ أن – من وِجهة نظره المُغالِطة – التجارة شطارة والتاجر الحاذِق هو مَن يكسب أضعاف هامش الرِبح المُفتَرَض.

السبت:

بعد أن فرغ بائع الفاكهة من رّص أقفاص العِنَب التي اشتراها أبصر "أبو العربي" الذي يعمل في مكتبٍ للتخليص الجُمرُكي بالميناء وهو ينزل من درّاجته الناريّة الجديدة ويقول مُحيّياً:

-       سلامُ عليكم يا معلِّم .. وحياتك لافيني تلاتة كيلو عِنَب.

-       وعليكم السلام يا "ابو العربي" .. تصدَّق وتؤمِن بإيه؟

-       لا إله إلّا الله.

-       إنت امّك داعية لك .. أنا لِسّه جايب شويّة عِنَب زي العسَل م الوكالة .. لكن السِعر غالي حبّتين .. بَس الغالي للغالي.

-       ما دام حاجة نضيفة ما يهمَّكش .. إنت عارفني فيّيس والفلوس ما باحُطّهاش ف دماغي .. الحمد لله الآشيا معدن وكُلّه ف المواني.

-       باين عليك مرقَّد على تهريبتين حلوين م المينا الأسبوع ده.

-       يا عم مش مسألة تهريب .. دي حداقة ومفهوميّة .. والراجل الجدع ف الزمن ده هوَّ اللي يقدر يجيب القِرش من حنك السَبع .. وكُلّنا بنلبِّس الطواقي لبعض .. آني اليومين دول دايس ف عمليّة لوز اللوز .. باطلع منها بخمس تلاف جِني يوماتي.

-       يا سلااااام!!!

-       إنت مش غريب .. ح اقول لك عليها .. بقى اني يوماتي باطلع من بوّابة المينا وشايل ورايا ع الموتوسيكل كرتونة كبيرة قد الداهية .. ولمّا بييجوا يفتِّشوا الكرتونة بيلاقوها مليانة قَش وما فيهاش حاجة غير دستة ساعات يَد صيني ما تساويش كام لَحلوح محطوطة ف قَعر الكرتونة وِسط القَش .. يقوموا مجَمركينّي قِرشين هايفين .. بيفتكروني أهبل وحَد ف المينا ضحك عليّا وباع لي الساعات بالشيء الفُلاني .. كُل يوم على كده يا ابني .. نَفْس الكَرتونة اللي وَرايا ع الموتوسيكل ونَفْس القَش ونَفْس الساعات ونَفْس القِرشين اللي بادفعهُم جُمْرُك و ....

-       ما تكمِّلش .. أنا عرفت .. إنت أكيد بتهرَّب حاجة جوَّه ساعات اليد دي .. صح؟

-       لأ يا دغُف .. آني باهرَّب موتوسيكلات .. وباروح أبيعهم بمكسب خمس تلاف جِني فرق الجُمرُك لراجل أعمال بيشتغل فيها.

-       يا ابن اللعّيبة .. دي فِكرة نميسة قوي.

-       أومّال يا ابني .. ده احنا اللي دهنّا الهوا دوكو.

وبعد أن اشترى "أبو العربي" العِنَب بضَعفيْ ثمنه الحقيقي انصرف ليُسلِّم الدرّاجة الناريّة المُهرّبة لرجُل الأعمال إيّاه مُقابل خمسة آلاف جنيه، ولكنه عندما دخل مكتب رجُل الأعمال وجده مشغولاً في الجلوس مع أحد العُملاء، فانتظره في الخارج حتى ينصرف العميل.

ولم يكُن هذا العميل سوى "جابر جَتا" مُدرِّس الرياضيّات الذي كان يشتري درّاجةً ناريّةً جديدةً من رجُل الأعمال الذي قبض فوْق ثمنها الذي يدفعه لـ"أبو العربي" مكسب عشرة آلاف جُنيْهٍ بعد أن أقسم بأغلظ الأيْمان بأنه يُكرِمه لوجه الله تعالى حيث أن هذا السِعر أرخص من السوق بما لا يقل عن ثلاثة آلاف جنيهٍ عسى أن يُبارِك الله في القليل.

واستلم المُدرِّس درّاجته الناريّة وانصرف بها مُتوَجِّهاً لبيْت أحد تلاميذه ليُلقي عليه درساً خصوصيّاً في منزله، ولحُسن حظّه وجد المُدرّس والد التلميذ – المعلِّم "سيّد قشطة" – في المنزل قبل أن يتوجَّه لمحل الألبان الذي يمتلكه، فأخذ المُدرِّس من الأب ثمن الحِصّة مُقدَّماً بعد أن غالى كثيراً في أجره رغم قَسَمه المُعظَّم بأنه يُحاسِب الأب على نصف ما يأخذه المُدرِّسون الآخرون الأقل منه حِنكةً وخِبرة.

وذهب المعلِّم "قشطة" لعمله واطمأن أوّلاً على أن العامل قد وضع لوْحاً كبيراً من الثلج داخل كُل برميل لبنٍ وَرَدَ من المزارع حديثاً، ولم يكُن مُبرِّره في ذلك هو غِش اللبن بالماء – أو بالأصح: غِش الماء باللبن – لا سمح الله بل كان مُبرِّره هو الحفاظ على اللبن من التلف ومنعه من التخثُّر الذي قد يحدُث بسبب حرارة الجوْ رغم أن الوَقت آنذاك كان ربيعاً، ثم أشرف المعلِّم ""قشطة" على بيْع اللبن لزبائنه الواقفين في المحل وكان بينهم موظَّف الحيْ الذي أسرع بعد شرائه للبن في الذهاب للمقهى حيث كان ينتظره أحد المُهندِسين ليتسلَّم منه الموظَّف مظروفاً به رشوةٌ ماليّةٌ ليُسهِّل له الحصول على التراخيص الخاصّة ببناء عمارةٍ جديدةٍ دون المواصفات الهندسيّة اللازِمة.

 

 

(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent