خبر
أخبار ملهلبة

مجلس الشيوخ يقترح صرف الملايين على "مقبرة العظماء" | تمخض الجبل فولد فأراً

الصفحة الرئيسية







بعد شهورٍ من صمته الطويل وفي انفصالٍ تام عن مشاكل وقضايا الشعب الذي يمثّله اجتمع مجلس الشيوخ المصري (اللي ما لهوش أي تلاتين لازمة أساساً) ووافق بالإجماع على اقتراحٍ بإنشاء "مقبرة العظماء" .. ليتم في النهاية - بعد جلسة مناقشاتٍ طويلة ومُجهِدة - تقديم تصورٍ كامل لهذا الاقتراح إلى الحكومة المصريّة وإدراجه للتنفيذ في خطّة وزارة الثقافة وجهاز التنسيق الحضاري بالتعاون مع الجهات الحكوميّة المعنيّة وشركة العاصمة الإداريّة الجديدة .. على أن يُرفَق بالاقتراح التوْصيات التالية:

-       تخصيص قطعة أرض كبيرة تناسب أهميّة المشروع بالعاصمة الجديدة (وهذا يتعارض مع الأغراض والأهداف المحدَّدة التي تم من أجلها إنشاء هذه العاصمة).

-       توفير جميع الإمدادات اللازمة لإقامة المقبرة من طُرُق ولوازم بناء ومد مرافق وخلافه (بما يساوي ملايين الجنيهات في ظل الأزمة الاقتصاديّة الطاحنة وشبح الإفلاس الذي يخيّم على البلاد).

-       تشكيل لجنة لتحديد آليّة اختيار الأشخاص العظماء الذين يتم نقل رفاتهم إليها (وطبعاً أفراد اللجنة دي ح يتقاضوا ملايين أخرى وكذلك عمليّة نقل الرفات ستتكلّف الكثير أيضاً).

-       إطلاق العديد من حملات الدعاية والإعلان في مصر والخارج للتعريف بالمقبرة ليكون لها دورٌ هام في جذب السيّاح إليها لزيارتها (وبرضه سيتم إنفاق عِدّة ملايين على هذه الحملات).

وقد علّق "ابن أبي صادق" على هذا الخبر قائلاً:

لا أعرف لماذا – بعد قراءتي لهذا الخبر – تذكّرتُ المثل العربي الذي يقول: "تمخّض الجبل فولد فأراً" .. ربما لأن مجلس الشيوخ المصري - الذي ليس له عملٌ مهمٌ ولا وظيفةٌ ضروريّةٌ يقوم بها - لا يهتم بما يمكن فعله لحل المشكلات ورفع المعاناة التي يقاسيها المواطن المصري .. وكأن المجلس كالمرأة الحُبلى التي جاءتها انقباضات الرحم وآلام الولادة بعد شهورٍ طويلة من الحمل وأصبحت في مرحلة المخاض وأخذت تعاني وتصرخ عالياً من أوْجاع الطَلْق وإذا بها في النهاية تلد فأراً ضئيلاً أو طفلاً هزيلاً كالفأر .. بالمثل: فبعد طول انتظار لإثبات أهميّتهم وفائدتهم لم يجد أعضاء المجلس الموقّر - الذين هم من صفوة المجتمع - إلّا هذا الاقتراح السخيف التافه الذي يثبِت أنهم لا يشعرون بنبض الشارع الذي يغلي بل يعيشون في برجٍ عاجي عالي لا تصلهم فيه صرخات الشعب وأنّاته ولا يسمعون فيه سوى زقزقات العصافير الحالمة وتغريدات البلابل الهائمة التي تسكن في خيالاتهم فقط.

وتعود قصّة المثل لقديم الزمان حيث كانت جماعةٌ من البدو الرُحَّل مسافرين في أحد الوديان بالصحراء .. وعندما شعروا بالتعب من السفر قرّروا أن ينصبوا خيمةً ليستريحوا بها في مكانٍ على ضفّة الوادي أسفل سفح الجبل .. وبدأوا في إشعال النيران ببعض الحطب لإعداد مشروب القهوة العربيّة الأصيلة من البن اليمني .. وبينما هم جالسون يتسامرون أثناء احتساء القهوة فوجئوا ببعض الرمال والحجارة الصغيرة تتساقط على رؤوسهم من أعلى الجبل فشعروا بالخوْف الشديد ظنّاً منهم أن زلزالاً سيقع أو بركاناً سيثور أو وحشاً من وحوش الصحراء سيداهمهم .. فهبَّ الجميع واقفين وطفقوا يجرون بسرعة مبتعدين عن الجبل لا يلوون على شيء .. ثم توقّفوا بعيداً وقاموا بمراقبة الجبل جيداً .. وبعد هنيْهة خرج فأرٌ من أحد الجحور في أعلى الجبل وفرَّ أمامهم مسرِعاً وقد أخافه صخبهم .. فضحك الجميع خجلاً من فزعهم وعندئذٍ قال شيْخهم: "تمخَّضَ الجبلُ فوَلَدَ فأراً" .. وأصبحت مقولته انطلاقاً لهذا المثل الشهير وتناقلته الأجيال فيما بعد عبر الأزمنة والعهود.

google-playkhamsatmostaqltradent