خبر
أخبار ملهلبة

"أرواح بلا قبور" | معسكر الآلام (1)


صورة لسيارة جيب بيضاء وسط صحراء وجبال قاحلة

معسكر الآلام (1)

 

 

توجّه "باسم" - الطالب بكليّة الطب - بسيّارته الجيب فجراً إلى منزل صديقه "مازن" الذي ما إن رآه من شرفته حتّى أسرع بالنزول حاملاً معه حقيبته الكبيرة الثقيلة فوضعها فوْق السيّارة وجاور صديقه لينطلقا حيث كان ينتظرهما صديقاهما "محمّد" و"عبد الرحمن" اللذان استقلّا السيّارة بعد أن أوْدعا متعلّقاتهما فوْقها وأحكما ربطها جيّداً، وبدأ الأربعة رحلتهم الصيْفيّة إلى "شرم الشيخ" وسط أجواءٍ من المرح والضحك والتفاؤل فوصلوا المدينة بعد ساعاتٍ من السفر الطويل وقد نال منهم التعب والإرهاق كثيراً فتوجّهوا من فوْرهم إلى الفندق الذي حجزوا به إقامتهم وارتمى كلٌ منهم على سريره بعد أن اغتسلوا من وعثاء السفر وراحوا جميعاً في سباتٍ عميق.

وعندما استيْقظ أوّلهم كان الليْل قد جنّ عليْهم فأيْقظ الباقين وارتدوا ملابسهم وخرجوا للتمشية في طرقات المدينة السياحيّة الجميلة وتناولوا عشاءهم بإحدى محلّات الوجبات السريعة وعادوا إلى الفندق يتضاحكون على أن يتقابلوا ببهو الفندق في الثامنة من صباح اليوْم التالي ليبدأوا برنامجهم الذي رسموه لقضاء الأسبوع.

وبالفعل سار كل شيءٍ على ما يرام فقضوا أوْقاتاً سعيدة في السمر والمسامرة واللعب والملاعبة على الشاطئ وفي الرحلات البحريّة وفي ملاهي ونوادي المدينة إلى أن انقضت الستّة أيّامٍ الأولى سريعاً وحان اليوم الأخير من رحلتهم موْعد رحلة السفاري الخلويّة في الصحراء ولكنّهم فوجئوا في اليوم السابق للرحلة بأن شركة السياحة التي تنظّم لهم رحلتهم قد ألغت الرحلة بالكامل لأسبابٍ أمنيّة دون ذكر ماهية هذه الأسباب فحزن الأصدقاء كثيراً فقد كانوا ينتظرون هذا الجزء من الرحلة بمنتهى اللهفة ليستمتعوا بجو الصحراء الساحر ويزوروا القرى البدويّة الجميلة هناك، ولكنّ "باسم" انتشلهم من خيْبة أملهم حينما اقترح عليْهم أن ينظّموا هم رحلتهم بأنفسهم ويخيّموا في الصحراء وحدهم ليبيتوا ليْلةً تذخر بالمغامرة والمخاطرة فاستهوتهم الفكرة وطفقوا ينفّذونها من فوْرهم فتوجّهوا إلى وسط المدينة واشتروا خيْمةً تسع أربعة أفرادٍ وكشّافاً وبعض اللوازم الأخرى للمعسكر وكميّةً من المأكولات والمشروبات وعقدوا العزم على التوجّه إلى الصحراء قبل غروب الشمس حين يكون الجو معتدلاً مناسباً والطريق سهلاً واضحاً إلى مكان المعسكر الذي انتقوه بعنايةٍ بعد أن طالعوا الخريطة على الشبكة العنكبوتيّة (النِت) ليكون بالقرب من أحد الجبال القريبة من طريق "شرم الشيخ - دهب" فيجمع المكان بيْن الخصوصيْة والقرب من الطريق الرئيسي.

وعندما حان الوقت انطلق الجميع على الطريق يحدوهم الأمل في قضاء ساعاتٍ بهيجة قبل انقضاء الأجازة والعوْدة إلى الديار، ووصل الأصدقاء للمكان المتفَق عليْه بعد أقل من ساعة فتركوا الطريق الرئيس وتوغّلوا داخل الصحراء وعسكروا تحت سفح أحد الجبال العالية الذي بدأت الشمس تتوارى خلفه في المغيب ونصبوا الخيْمة وعمروها بمستلزماتهم وتركوا السيّارة بالقرب من النخلة الوحيدة الموجودة بالوادي الفسيح، ولملم النهار باقي أشعته الذهبيّة وبدأ الليْل يسدل أستاره القاتمة على السماء فظهرت النجوم متلألأةً حول القمر الذي كان يحاول باستحياءٍ أن ينشر أشعته الفضيّة الهادئة على المكان، وتجمّع الأصدقاء فصلّوا المغرب في خشوعٍ فرضته أجواء المكان الحافلة بجمال الكوْن وحُسْن صنائع الخالق.

 

 

(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent