خبر
أخبار ملهلبة

"للحب آلهةٌ كثيرة" | الفصل الثامن والأخير (1)


حادثة سقوط إحدى السيارات في النيل من فوق كوبري أكتوبر بالقاهرة عاصمة مصر

"للحب آلهةٌ كثيرة" | الفصل الثامن والأخير (1)

 

 

وصلت "عبير" إلى منزل "كريم" و"بسمة" وقرعت جرس الباب أكثر من مرّة حتى سمعت صوت ابنهما ذي الأحد عشر ربيعاً وهو يجيبها من وراء الباب :

- مين؟

- أنا طنط "عبير" يا حبيبي .. إفتح الباب.

- طنط "عبير" مين؟ .. صاحبة ماما ف النادي؟

- أيوه يا حبيبي .. أنا.

- ماما مش موجودة .. مسافرة من كام يوم .. وبابا نزل .. راح الشُغل وقفل علينا من برّه بالمفتاح.

- يعني انتم لوحديكم ف البيت.

- آه .. بس بابا بيسيب مفتاح الشقّة مع طنط "فيفي" .. جارتنا اللي ف الوِش .. علشان تشقّر علينا من وقت للتاني ف غيابه.

- طيّب يا أمّور .. أنا عارفاها وقعدت معاها كذا مرّة .. ماما عرّفتني عليها ف النادي.

ووجدتها "عبير" فرصةً لتكون مفاجأتها صادمة عندما يعود الزوجان ويجدانها داخل عرينهما تنتظرهما ليعرفا أنهما لن يستطيعا الفكاك منها؛ فخطت بضع خطوات وطرقت على الجارة التي فتحت لها ورحّبت بها قائلةً :

- أهلاً أهلاً مدام "عبير" .. عاش من شافِك.

- أهلاً بيكي يا حبيبتي .. إنتي اللي غطسانة بقى لِك فترة .. بقى لي كتير ما شفتيكيش ف النادي مع مدام "بسمة".

- واللهِ مشاغل .. اتفضّلي .. ح نتكلّم كده ع السلّم .. ما يصحّش.

- لأ .. متشكّرة .. ممكن اخد مفتاح شقّة "بسمة" اللي سابه معاكي دكتور "كريم" واستنّاها جوّه .. الظاهر نزلت ونسيت ميعادنا .. ما احنا كنا متّفقين اجي لها علشان ننزل نشتري شويّة حاجات كده.

- طبعاً طبعاً .. واللهِ انتي بنت حلال .. ده انا عايزة انزل اروح لماما أحسن تعبانة شويّة وخايفة انزل واسيب العيال لوحدهم .. أصل "بسمة" مسافرة بقى لها اربع أيّام ودكتور "كريم" بيسيب لي المفتاح بالنهار لغاية ما يرجع ع العصريّة كده علشان اخلّي بالي م العيال .. لحظة واحدة اجيب لِك المفتاح.

واختفت السيّدة لثوانٍ ثم ظهرت ومعها المفتاح الذي تلقّفته يد "عبير" وفتحت به باب المنزل وولجت إلى الداخل وأغلقت الباب خلفها، وما إن شاهدها الطفليْن حتى احتفلا بها أوّل الأمر ثم طلبا منها أن تحكم فيما شجر بينهما من خلاف حول إحدى اللُعب فجلست تستمع إليهما وهي حريصةٌ على أن ترضيهما معاً.

وفي ذلك الوقت كان "كريم" و"بسمة" ما زالا جالسيْن في سيّارتهما في الشارع الهادئ الذي يقع بجوار منزل "عبير" يتحادثان في الوقائع التي مرّت بهما في الآونة الأخيرة والتي استتبعت جدالاً وكلاماً وعتاباً وهجوماً ودفاعاً حَرِصا على أن ينهياه قبل عودتهما لبيتهما حتى لا يشعر طفليْهما بمشاكلهما المعلّقة التي أصرّا على تصفيتها تماماً لبدء عهدٍ جديد، وعندما قاربا على الانتهاء جاءت على تليفون "كريم" مكالمةٌ من هاتف منزله الأرضي فصاح قائلاً "لبسمة" :

- العيال بيتصلوا .. الظاهر جاعوا ومستنينّي اجيب لهم أكل جاهز وانا راجع .. ما انتي سيبتينا زي اليتامى .. لحظة واحدة ارد .. ألو .. أيوه يا "نوجة" .. إزايّك يا حبيبتي .. أنا جاي ف السكّة أهُه .. ساعة وابقى عندكم وجايب لكم معايا مفاجأة .. باقول لِك مفاجأة .. طيّب طيّب ح اقول .. عارفة مين ح تروّح معايَّ؟ .. برافو عليكي .. ماما .. ماما رجعت م السفر وح اجيبها معايَّ وانا جاي .. أومّال فين اخوكي؟ .. بيلعب ع البلاي ستاشن برضه؟ .. أومّال بيلعب فين؟ .. ف البلكونة؟

- ف البلكونة! .. يا لهوي.

- وفتح البلكونة إزّاي؟ .. طنط مين؟ .. بتقولي مين؟ .. طب اسمعي .. بِت يا "نوجة" .. إنتي يا بِت .. آلو .. آلو .. قفلت السكّة.

- إنت إزّاي تسيب لهم البلكونة مفتوحة؟ .. ممكن يتشعبطوا ويقعوا.

وردَّ عليها "كريم" وهو يدير مفتاح السيّارة وينطلق به بأسرع ما يستطيع :

- أنا متربس البلكونة بإيدي قبل ما انزل وسايب مفتاح الشقّة مع "فيفي" جارتنا.

- دي حمارة دي! .. إزّاي تفتح لهم البلكونة .. أنا سامعاك بتقول طنط.

- مش طنط "فيفي" .. دي طنط "عبير".

- "عبير" مين؟ .. بتاعتنا؟

- البنت بتقول طنط "عبير" صاحبتِك ف النادي.

- يبقى هيَّ .. تلاقيها خدت المفتاح من "فيفي" .. ما هي ساعات كانت بتقعد معانا.

- يا نهار إسود .. أحسن تعمل ف العيال حاجة.

- لأ .. ما توصلش للدرجة دي.

- لأ توصل للدرجة دي وأكتر .. دي هدّدتني مرّة بإنها ح تمحيكم من على وِش الأرض .. دي مش بعيد ترمي العيال م البلكونة.

- ولاااادي .. سوق بسرعة يا "كريم" .. أرجوك .. يا رب عدّي النهار ده على خير .. ده لو حصل لهم حاجة ح اموّت نفسي .. يا رب احميهم .. يا رب.

- ده انا ماشي على ميّة وعشرة ع الدائري أهُه.

- وانا ح اتّصل "بفيفي" تلحقهم.

وعبثاً حاولت "بسمة" أن تتّصل "بفيفي" على هاتفها الأرضي الذي لم يرد أو على هاتفها المحمول الذي كان خارج نطاق الخدمة، كما لم تسمع "عبير" رنين هاتفها المحمول الذي كانت تضعه في شنطة يدها في الصالة، ولم يرد أحدٌ من الطفليْن على تليفون منزلهما الأرضي الذي كان في الصالة أيضاً فلم يسمعا رنينه حيث كانا منهمكيْن مع "عبير" في اللعب معها في الشرفة ممّا دعى "كريم" أن يرفع أكثر من سرعته بعد أن تلاعبت بعقله الظنون وتقاذفته الهواجس، وفجأة وأثناء سيْره فوق أحد الكباري التي تعبر إحدى الترُع اختلّت عجلة القيادة بين يديه بعد أن مرَّ فوْق أحد المطبّات فانحرفت السيّارة خارج الطريق وصعدت فوق الرصيف وكسرت الحاجز الحديدي وهوت من فوق الكوبري وغرقت بكاملها وبمَن فيها وانتقلت روح "كريم" ترافقها روح "بسمة" ترفرفان معاً عبر السماء.

 

 

(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent