خبر
أخبار ملهلبة

صورة واحد أرمل (2) | صور مشقلبة | د. أحمد صادق


كاريكاتير سيدة ترتدي طرحة وجلابية وتمسك عصا في يدها

صورة واحد أرمل (2)

 

 

الإثنيْن:

اتَّصلتُ بـ"وَفيقة" فقالت لي إنها موْجودة ف البلد وجاري البحث عن مواصفات العروسة .. ربّنا يسهِّل يا رب.

الخميس:

رجعت "وَفيقة" أُختي م البلد وبشَّرتني أنها عثرت على طلبي: مُطلَّقة بدون أوْلاد ووِشّها مسمسم وجسمها مدملِك وبتاعة شَقا واسمها "حَـمولة الغلبان"، وعندما سألتها عن سبب طلاقها تعلَّلت بإن كل شيء نصيب وما حصلش وفاق بينها وبين طليقها.

الجُمعة:

سافرتُ مع أُختي البلد في أوّل قطر، وقُمنا بزيارة العروسة وأهلها، السِت حِلوة وأهلها ناس مُحترَمين وما لهُمش مطالب، قرينا الفاتحة واتفقنا إن كتب الكتاب والدُخلة يبقوا الخميس الجاي، وفجأة قامِت العروسة ودخلِت تجري جوّه وهي تُصدِر صوْتاً غريباً يبدو كصوْت الديك الجركسي، وعندما استفسرت عمّا حدث تلعثم أبوها في البداية ثم قال لي أنها مكسوفة ودخلت أوضة نومها، الفار لعب ف عِبّي وصارحت أختي بشكوكي فقالت لي:

-       ما تِقلقش .. أنا جيت قعدت معاها هنا يوم الاربع من أوِّله لآخره .. وفضلت أكلِّمها وتكلِّمني كتير .. بس فعلاً البِت خام ووِش كسوف .. وكانت كل شويّة وِشّها يحمر وتقوم تجري على جوّه وترجع تاني بعد دقيقتين تلاتة.

وبعد دقائق رجعِت "حَـمولة" مرّةً أُخرى لتجلِس معنا وعلى وجهها حُمرة الخجل .. باين عليها متربيّة فعلاً.

الخميس:

كتبنا الكتاب وعلّينا الجواب في منزلي المُتواضِع، وسرَّبت العيال عند خالهم اللي اتقمص مني علشان اتجوِّزت قبل المرحومة ما تربعَن رغم إن انا قُلت له إن الحَي أبقى م الميّت وإني اتجوِّزت علشان خاطر العيال مش علشاني.

المُهِم .. بعد أن انصرف الأهل والمدعوون انفردتُ بـ"حَـمولة" ولكنها تركتني وجريت ع الحمّام، وبعدين بقى ف موْضوع الكسوف ده .. مش وقته خالص، اقتربتُ من الحمّام ووضعت أُذُني على الباب وأصختُ السمع، سمعت والعياذ بالله صوْت ديكٍ يؤذِّن في "مالطة"، الظاهر الوليّة ملبوسة، طرقتُ بشِدّة على الباب ففتحت لي بعد لحظاتٍ وهي تزدرد ريقها وتقول:

-       لامؤاخذة يا سي "نحّاس" .. أصلي جات لي كُحّة كده مُفاجئة.

-       بَس دي كُحّة صوتها غريب قوي.

-       الظاهر أخدت بَرد من تغيير الجوْ .. مش واخدة على هوا "مصر".

-       طب خُشي غيَّري هدومِك يا عروسة وروَّقي كده.

-       حاضــ..... كوححح .. كوحححححح .. كوووووو.

ولم ننَم تِلك الليْلة بعد أن اشتدَّ السُعال على العروس ممّا اضطرّني لأن أنتظر ساهراً حتى الصباح لأغلي لها لِبان دكر وورق جوافه وأنا أهوّي لها من آنٍ لآخر بإحدى المجلّات، ثم ذهبتُ بها لمُستشفى "الصدر" بالعبّاسيّة فأخبرني طبيب الاستقبال بأنها مُصابة بأزمةٍ تنفُّسيّةٍ حادّةٍ تنتاب أي مريضٍ بحساسية الصدر مثلها وأنه سيضطر لحجزها بالمستشفى لمُتابعة العلاج.

السبت:

عرفتُ من "حَـمولة" أنها مريضةٌ مُزمِنةٌ بداء الربو إثر إصابتها بالسُل منذ طفولتها وأن هذا هو سبب طلاقها من زوْجها الأوَّل، وأن حالتها كانت قد تحسَّنت منذ فترةٍ ممّا شجَّعها على الزواج مني .. يا دي المُصيبة .. ده نحس إيه ده يا ربّي.

الإثنيْن:

ساءَت حالة زوْجتي الجديدة التي لم أدخُل بها أصلاً وتم نقلها إلى العناية المُركَّزة .. طبعاً المُستشفى دي حكومي وما فيهاش أدوية واضطرّيت أأقدِّم على سُلفة لتغطية تكاليف الحُقن والمحاليل والعلاج اللي الدكاتره بيكتبوه في الروشِتّات .. ربنا يفرِجها من عنده.

السبت:

اتَّصلت بي إدارة المُستشفى وأبلغتني بوفاة "حَمولة" .. الله يرحمها كان ريحها خفيف رغم إنها خربِت بيتي ف مصاريف علاجها قبل ما تموت.     

الأحد:

تسلَّمنا الجُثّة من ثلّاجة المُستشفى وذهبنا بها إلى المدافن لنواريها الثرى، وبعد الدفن وأثناء الدعاء للمتوفية اقتربِت مني "وَفيقة" وهمست لي في أُذُني قائلةً:

-       انا شايفاك بتتلفِّت حواليك وعينيك ف وِسط راسك .. بتدوَّر على واحدة تتجوِّزها ولّا إيه؟

-       إيش عرَّفِك يا أروبة؟!

-       عيب عليك .. ده انت اخويَّ وعاجناك وخابزاك .. لقيت حَد؟

-       لأ .. كلُّهم خناشير .. ما فيش واحدة عليها الطَلا.

-       ولا يهمَّك .. أنا عندي ليك خبر حِلو.

-       متشكِّرين منِّك يا اختي .. ح تقولي إنك ح تنزلي البلد وتشوفـ.....

-       لأ لأ لأ .. أنا كُنت باقُص شعري عند الكوافير أوِّل امبارح وعرفت إن "فاتن العايق" اتطلَّقِت من إسبوعين .. تحِب اكلِّمها لك؟

وقبل أن أُجيبها تدخَّل أحد الأقارب ليُعزيني في وفاة زوجتي قائلاً:

-       البقاء لله .. شِد حيلك.

فلم أشعُر بنفسي إلّا وأنا أبتسِم ابتسامةً عريضةً قائلاً بصوْتٍ عالٍ:

-       خلاص .. على خيرة الله.

google-playkhamsatmostaqltradent