خبر
أخبار ملهلبة

هل فاق هؤلاء السوريون جدهم "أبا تمام"؟

 


هل فاق هؤلاء السوريّون جدَّهم "أبا تمّام"؟

 

 

قبيل منتصف القرن التاسع الميلادي أرسل الخليفة العباسي "المعتصم بالله بن هارون الرشيد" إلى الشاعر غير المشهور تماماً وقتها "أبي تمّام" حتى يأتي إلى بلاط الحُكم في بغداد (عاصمة الدولة الإسلامية حينئذٍ) وقرّبه منه وجعله مفضَّلاً على الشعراء المخضرمين في البلاط بعدما كان يعمل في السقاية بمصر .. الأمر الذي أغضب ندماء الخليفة (الذين اعتادوا أن تكون لهم مكانةٌ في بلاط "المعتصم" المحب لسماع القصائد الطويلة المادحة له المنافقة لكل أقواله وأفعاله) .. وقد نازعهم "أبو تمّام" هذه المكانة والمِنح والهدايا الملكية .. خصوصاً بعد أن ألقى "أبو تمّام" على مسامع الخليفة قصيدةَ في مدحه كان من ضمنها بيت جمع فيه أعظم الصفات التي لابُد أن تتوافر في حاكم وهي : الشجاعة والكرم والحِلم والذكاء ووصفه أنه يتحلى بها جميعاً وشبّهه بمن ضُرب به المثل في هذه الصفات من مشاهير العرب .. فشبّه "أبو تمّام" الخليفة بأنه شجاعٌ كعمرو بن معد (من قبيلة زبيد) وأنه كريمٌ كحاتم الطائي (من قبيلة طيء) وأنه صبورٌ كالأحنف بن قيس (من قبيلة تميم) وأنه ذكيٌ كإياس بن معاوية (من قبيلة مزن) فقال:

أَبْلَيْتَ هَذا المَجدَ أَبعَدَ غايَةٍ ... فيهِ وَأَكرَمَ شيمَةٍ وَنِحاسِ

إِقدامَ عَمرٍو في سَماحَةِ حاتِمٍ ... في حِلمِ أَحنَفَ في ذَكاءِ إِياسِ

فانتهز بعض أعدائه هذا البيت الشهير واتخذوه حجّةً لإحراجه أمام الخليفة فقالوا: مافعلت شيئًا في مدح الخليفة العظيم يا "أبا تمّام" فلم تشبّهه أنت إلا بحفنةٍ من أجلاف وصعاليك العرب .. لكن "أبا تمّام" المعتاد على النفاق والمداهنة لم يُفاجَأ وكتب بيْتًا من الشِعر من شأنه أن يبرّئه من هذه التهمة فقال:

الله قد ضَرَبَ الأقلَّ لنورهِ ... مَثَلاً من المِشْكاة والنبراسِ

وهو بذلك قد ذكّرهم أن الله بجلال قدره قد اختار (في كتابه العزيز) المشكاة البسيطة ذات النور الشاحب لكي يضرب بها المثال على نوره العظيم لتقريب الصورة لعباده في إشارةٍ منه لآية سورة النور: "الله نور السموات والأرض مَثَلُ نورهِ كمشكاةٍ فيها مصباح…" إلى آخر الآية .. واستطاع "أبو تمّام" بذلك أن يحوز ثقة الخليفة الذي عيّنه والياً على الموصِل جزاءً له على سرعة بديهته.

إليك هذه الفيديوهات القديمة لتقارن بين الشاعر السوري "أبي تمّام" وأحفاده وتحكم بنفسك أيّهم أكثر براعةً في النفاق .. وهل أدمن الحكّام العرب من أيّام "المعتصم بن هارون" حتى "بشّار بن الأسد" سماع كلمات النفاق الفجّة وعبارات التملّق الصارخة وهم محلّقين في أجواءٍ من السعادة والانشراح؟ .. ولله في خلقه شؤون.

google-playkhamsatmostaqltradent