خبر
أخبار ملهلبة

المثلبة (الرذيلة) السادسة والعشرون: العَمَلُ بفَرْدِيَّةٍ ونَبْذُ جَماعِيَّةِ الآداءِ والتَصارُعُ في العَمَلِ وعَدَمُ التَنافُسِ بِشَرَفٍ وطَمْسُ تاريخِ مَنْ سَبَقوا وتَحْكيمُ المَشَاعِرِ في العَمَل | سخصية مصر


جمع غفير وزحام من ناس رجال ونساء يعطون ظهورهم للكاميرا بينما يقف وسطهم رجل ذو ملامح وهيئة وشكل مختلف عنهم ووجهه للكاميرا تعبيراً عن الفردية وعدم الجماعية

النَجْمُ الأَوْحَد

    

 

وَصَلَ مُبَكِّراً الكابْتِنُ "فَريدٌ مَهْموزُ" لاعِبُ نادي "النَجْمُ الأَوْحَدُ" إلى مُعَسْكَرِ إعْدادِ الفَريقِ القَوْميِ المِصْريِ لِكُرَةِ السَلَّةِ اسْتِعْداداً للإشْتِراكِ في "دَوْرَةُ البَحْرُ الأبْيَضُ المُتَوسَّطُ" التي تُقامُ كُلَّ أَرْبَعِ سِنينٍ والمُقامَةُ هَذِهِ المَرَّةُ في "مَالْطا"، والْتَقَى "فَريدٌ" بِمُدَرِّبِ المُنْتَخَبِ الجَديدِ "عَبْدِ الأَحَدِ" وانْفَرَدَ بِهِ في حُجْرَةِ خَلْعِ المَلابِسِ قَبْلَ أَنْ يَتَوالَى تَوافُدُ اللاعِبينَ وأَسَرَّ لَهُ في أُذُنِه :

- باقول لَك إيه يا كابْتِن.. إنْتَ عارِف إنّي مِنْ رِجَّالْتَك مِنْ أَيَّام ما كُنْت بِتْمَرَّنّي فِ فَريق الناشِئين.. وعارِف إنْ ليك الفَضْل بَعْد رَبِّنَا فِ مُسْتَوايَّ وتَألّقي اللي انا وَصَلْت لُه.. وما اقْدَرْش اسْمَع أَيْ حَدْ يقول عَليك كِلْمَة وِحْشَة واسْكُت.

- إيه؟.. حَصَل إيه؟

- الواد "أكْرَم الجِميعي" ابْن امْبارِح اللي طالْعين بيه السَما وخَلّوه كابْتِن عَلَيَّ فِ النادي وحَضْرِتَك ضَمِّيتُه للمُنْتَخَب.

- مالُه؟.. أَنا اسْمَع إنْ الوادْ دَه مُؤَدَّب وكوَيِّس غير إنُّه حَرِّيف وبيْكَسِّب أَيْ فِرْقَة يلْعَبْ فيها.

- لا مُؤَدَّب ولا حَاجَة.. وبَعْدين الأَخْلاق والوَلاء ييجوا قَبْل الحَرْفَنَة واللِعْب.. مِشْ دَه اللي اتْعَلِّمْناه مِنَّك.. المُهِم انا عايِز أَخَلَّص كَلامي قَبْل ما زَمايلي ييجوا عَلَشَان ما يقولوش عَلَيَّ إنّي خَبَّاص أَوْ عَصْفورَة وبانْقِل لَك أَخْبارْهُم وعَمايِلْهُم زَيْ ما طَلَّعوا عَلَيَّ مِنْ زَمان.. الواد "أَكْرَم" دَه قال عَليك إنَّك ما لَكْشْ فيها وحَ تِخْرِبْها وتُقْعُد عَلَى تَلَّها وإنْ الاتْحاد جابَك مُدَرِّب "مَصْر" فِ الدَوْرَة دي بالكوسَة عِنْداً فِ الكابْتِن "الزُهَري" اللي كان قَبْلَك وجاب "لِمَصْر" كاس "الدَوْرَة الشَهْريَّة الصَيْفيَّة" اللي كانِت فِ "زِنْزِبار" مِنْ سَنَتين.. ومِشْ عايِز اقول لَك الأَلْفاظ اللي وَصَفَك ووَصَف والْدِتَك بيها عَلَشَان ما تشيلْش مِنُّه.

- واللهِ عال.. بَقَى ابْن الكَلْب دَه يقول عَلَيَّ كِدَه.. وحياة أُمُّه لانا مُسْتَبْعِدُه مِ المُعَسْكَر لأَسْباب أَخْلاقيَّة.. خَلّي "الزُهَري" ينْفَعُه.. وبَعْدين "الزُهَري" دَه ما ينْفَعْش يكون مُدَرِّب أَصْلاً.. دَه كان بيَكْسَب بِبَرَكِة دُعا الواْلدين.. وقاعِد عَ الخَطْ يدْعي رَبِّنَا ويعَيَّط وينَهْنِه.. طَبْ ما نجيب الشيخ "جِبْريل" يِمْسِك المُنْتَخَب أَحْسَن.. ماشي.. روح انْتَ يا "فَريد" دَه الوَقْت واعْمِل حِسابَك حَ تِبْقَى انْتَ الكابْتِن.

- أَنا تَحْت أَمْرَك يا كابْتِن.. وعُموماً انا حَ ابْقَى اقْعُد مَعاك بالليل كُل يوم واقول لَك عَلَى كُل حَاجَة بتِحْصَل مِ اللاعِّيبَة أَوِّل باوِّل.. بَسْ عَنْدي سُؤال بسُرْعَة.. هُوَّ حَضْرِتَك ليه ضَمِّيت "شاكِر" مَعَ إنُّه لاعب نُصْ كُم واسْتَبْعِدْت "نَسيم" و"عادِل حَقّي" و"التابْعي" مَعَ إنُّهم لاعِّيبَة جامْدين.. أَنا مِشْ باتْدَخَّل فِ شُغْل حَضْرِتَك بَسْ دَه مِنْ عَشَمي.. أَنا عارِف إنَّك المَسْئُول الوَحيد عَنْ الفِرْقَة وأكيد ليك وِجْهِة نَظَر فَنيَّة فِ كِدَه.

- طَبَعَاً فَنيَّة.. "شاكِر" زَيْ ما انْتَ عارِف بيُشْكُر فيَّ زَيَّك وبيْحِبِّني وحَ يبْقَى مُخْلِص ليَّ باسْتِمْرار.. إنَّما "نَسيم" دَه تِقيل عَلَى قَلْبي وما باقْبَلْهُوش لله فِ لله كِدَه.. و"عادِل حَقِّي" أَبوه انْتَقَدْني فِ الجَرايِد وقال عَلَيَّ إنّي ما اعْرَفْش الفَرْق بين كورِة السَلّة وسَلِّة المُهْمَلات.. وبَعْدين انْتَ ناسي إنْ "التابْعي" كان مِنْ بِتوع الزِفْت "الزُهَري".. ياللا ياللا.. روح غَيَّر عَلَشَان تَدْريب النَهارْ دَه حَ يبْقَى طَحْن.. حَ نِتْدَرَّب فيه عَلَى خِطَّة جِديدَة خالِص عَلَى المَلاعِب المَصْريَّة اسْمَها اللِعْب بجَماعِيَّة.

واشْتَمَلَ الجُزْءُ الأَوَّلُ للتَدْريبِ عَلَى تَمارينِ الإحْماءِ واسْتِطالَةِ العَضَلاتِ فَكانَت لِكُلِ لاعِبٍ الحُرِّيَّةُ المُطْلَقَةُ في إجْراءِ التَمارينَ التي يُحِبُّها فَتَرَى هَذا يَجْري وذاكَ يَقْفِزُ وذَلِكَ يَنْحَني والآخَرَ يَسْتَريحُ مِنَ الوقوف، أَمَّا في الجُزْءِ الثاني فَكانَت لِكُلِّ لاعِبٍ كُرَةٌ خاصَّةٌ بِهِ وكانَ يَتَمَرَّنُ بِمُفْرَدِهِ عَلَى أَخْذِ الكُرَةِ مِنْ أَوَّلِ المَلْعَبِ والاحْتِفاظِ بِها حَتَّى يَصِلَ إلى آخِرِ المَلْعَبِ ويُسَدِّدُها تِجَاهَ الحَلْقَة، وفي الجُزْءِ الثالِثِ والأَخيرِ أَلْقَى المُدَرِّبُ مُحاضَرَتَهُ عَلَى اللاعِبينَ الذينَ الْتَفُّوا حَوْلَه فَقَالَ بِصَوْتٍ عالِ :

- بُصُّوا يا رِجَّالَه.. إحْنَا عايْزين ناكُل البارْكيه.. لازِم نِلْعَب بِكُل قُوَّة وخُشونَة.. مِشْ عايِزْكُم تخافوا مِ اللاعِّيبَة اللي قُدَّامْكُوا.. إحْنَا حَ نلاعِب "أَسْبانيا" فِ الدور التَمْهيدي.. وإذا كَسَبْنا حَ نُدْخُل دُوْري المَجْموعات.. إنَّما لا قَدَّر الله لَوْ خَسَرْنا حَ نِطْلَع بَرَّه البُطولَة خالِص.. أَنا ما يهِمِّنيش نِكْسَب أَوْ نِخْسَر.. المُهِم إنِّنا نكون رِجَّالَة ونُقُف وَقْفِة رِجَّالَة.. وحَ نِلْعَب فِ البُطولَة دي بخِطِّة "ياللا بينا نِهْجِم - ياللا بينا نِرْجَع".. يَعْني الفَريق حَ يبْقَى وِحْدَة واحْدَة عَلَشَان يبْقَى اللِعْب جَماعي.. طَبَعَاً انا حَ ابْقَى واقِف بَرَّه باكَتْشِن فِ الماتْش.. لَوْ صَفَّرْت صُفَّارَة واحْدَة يبْقَى نِهْجِم.. ولَوْ صَوَّت بِصوت عالي وقُلْت "أَحّيه" يبْقَى نِرْجَع بسُرْعَة.. رَبِّنَا يوَفَّقْنا يا جَماعَة.. إهْتِفوا مَعايَّ : "مَصْر" "مَصْر".

واسْتَمَرَّت هَذِهِ التَمارينُ البَدَنيَّةُ القاسيَةٌ والمُحاضَراتُ الفَنيَّةُ الرائِعَةُ لِمُدَّةِ شَهْرٍ كامِلٍ أَنْفَقَ خِلالَها الفَريقُ ما يُقارِبُ المِلْيونَي جُنَيْهٍ عَلَى الإِقامَةِ في فُنْدُقِ خَمْسِ نُجومٍ وعَلَى إيجارِ المَلاعِبِ والانْتِقالاتِ والمُبارَياتِ الوِديَّةِ والمُرَتَّباتِ والمُكافآتِ والمَصْروفاتِ وخِلافِها ثُمَّ رَحَلَ الفَريقُ إلَى "مالْطا".

وفي أُولَي مُبارَياتِهِم في البُطولَةِ نَزَلَ اللاعِبونَ ومُدَرِّبُهُم المَلْعَبَ بِكُلِّ حَماسٍ وقَبْلَ أَنْ تَبْدَأَ المُباراةُ أَذَّنَ المُدَرِّبُ بالصَلاةِ وأَمَّ اللاعِبينَ في الملعب ليَكْتَسِبوا شُـحْنَةً مَعْنويَّةً غَيْرَ مَسْبوقَة، ولأَنَّ لِكُلِّ مُجْتَهِدٍ نَصيباً فَقَدْ خاضَ الفَريقُ المِصْريُ المَباراةَ بِرُجولَةٍ وقُوَّة، واسْتَطاعَ بِفَضْلِ المُعَسْكَرِ التَدْريبي المُفيدِ أَنْ يُحَقِّقَ المُسْتَحيلَ ويُقَلِّصَ الفارِقَ مَعَ "إسْبانيا" ويَنْهَزِمُ مَنْها فَقَطْ وبِفارِقٍ بَسيطٍ 162 / 11 بَعْدَ أَداءٍ أكْثَرِ مِنْ مُبْهِر.

وبَعْدَ المُباراةِ انْدَفَعَ اللاعِبونَ المِصْرِيُّونَ نَحْوَ مُدَرِّبِهِم ونَحْوَ بَعْضِهِم البَعْضِ ليَتَبادَلوا التَهاني بِهَذِهِ النَتيجةِ المُشَرِّفَة، وكانوا أَثْناءَ ذَلِكَ يَجْرونَ في كُلِّ إتِجاه بالمَلْعَبِ في فَرْحَةٍ هيسْتيريَّةٍ كَبيرَةٍ وكانوا يَحْتَضِنونَ ويُقَبِّلُونَ كُلَّ مَنْ قابَلَهُم مِنْ لاعِبينَ إسْبانَ في مِثالٍ رائِعٍ للروحِ الرياضيَّةِ المِثاليَّةِ ممَّا أَثارَ تَعَجُّبَ المُنافِسينَ والجُمْهور.

وعِنْدَما كانَ اللاعِبونَ يَسْتَقِلّونَ الحَافِلَةَ مَعَ مُدَرِّبيهِم وإداريّيهِم ليَبْدَأُوا رِحْلَتَهُم التَرْفيهيَّةَ والتَسَوُّقِيَّةَ في "مالْطا" قَبْلَ أَنْ يُغادِروها إلى وَطَنِهِم الأُمِّ أَذاعَ التِليفِزْيونُ المِصْريُ بَرْقيَّةَ التَهْنِئَةِ المُخْتَصَرَةَ المُعْتادَةَ مِنَ السَيِّدِ وَزيرِ الشَبابِ والرياضَةِ الذي كَتَبَ فيها :

{يَسُرُّني أَنْ أَنْقِلَ لَكُم تَهْنِئَةَ السَيِّدِ الرَئيسِ المُؤْمِنِ راعي الرياضَةِ والرياضيّينَ عَلَى أَدائِكُم البُطولي القِتالي وتَمثيلِكُم لبَلَدِكُم هَذا التمْثِيلُ المُشَرِّفُ الرائِع، ولَقَدْ تابَعَنا بِكُلِّ الإعْزازِ والتَقْديرِ والاحْتِرامِ أَداءَكُم الراقي في فُنونِ كُرَةِ السَلَّة، ورَغْمَ تَحَيُّزِ الحُكّامِ والجُمْهورِ ضَدَّكُم إلّا أَنَّكُم قابَلَتُم كُلَّ هَذا بمُنْتَهَى الأَخْلاقِ والروحِ الرياضيَّةِ العالية، ولَكَمْ كانَ رائِعاً أَنْ تُؤَذِّنوا في "مالْطا" وتَضْرِبوا للمُشَاهِدينَ هَذا المِثالَ الرائِعَ في التَدَيُّنِ والوَرَع، ورَغْمَ الهَزيمَةِ المُشَرِّفةِ إلّا إنَّني أَعِدُكُم بِرَصْدِ مُكافَآتٍ ضَخْمَةٍ عَقِبِ اسْتِقْبالِكُم في المَطارِ اسْتِقْبالَ الأَبْطالَ الفاتِحينَ لِتَحْفيزِكُم عَلَى الاسْتِمرارِ في الحِفاظِ عَلَى هَذا المُسْتَوى الباهِرِ لِرَفْعِ العِلَمِ المِصْري خَفَّاقاً يُناطِحُ السِحاب.. "مِصْر" "مِصْر".}

وعَقِبُ تِلاوةِ هَذِهِ البَرْقيَّةِ أُذيعَتْ أُغْنيَّةُ "المَصْريّين أَهُمَّ".

google-playkhamsatmostaqltradent