خبر
أخبار ملهلبة

"سفاح كرموز" | الفصل الرابع (2)


رسم بالألوان لفتاة أو سيدة شعبية من مصر وهي تجلس على سريرها وتضع طلاء أظافر أو مونيكير

"سفاح كرموز" | الفصل الرابع (2)

 

 

وفي عصر اليوم التالي لرحيل "حسبو" إلى "أسيوط" ذهب "سعد" إلى "ليلى" في منزلها ففتحت له الخادمة، وعندما طلب مقابلة صاحبة الدار أجلسته الخادمة في قاعة المسافرين (الصالون) حتى تستدعي مخدومتها، وبعد هنيْهة دخلت "ليلى" : سيّدةٌ في عِقدها السادس من العُمر - متوسطة القامة والقوام - مقبولة الجمال - تضع العديد من مساحيق التجميل متعدّدة الألوان فبدا وجهها كالببغاء - تضع فوق شعرها غطاءً صغيراً للرأس (إيشارب) حرصت أن يبرز منه شعرها المصبوغ بلون الذهب - ترتدي ثوْباً ضيّقاً تريد منه أن يُبرِز مفاتنها - تتزيّن بكميّاتٍ كبيرة من الحُلي والمجوهرات غير المتناسقة لتعلن على الملأ كثرة ثراءها وقلّة ذوقها، وعندما رآها "سعد" أيقن أنها ضالته المنشودة فاصطنع الانبهار بجماله وتكلّف الخجل فأطرق رأسه ناظراً في الأرض ودار بينهما هذا الحوار :

- أهلاً وسهلاً.

- أهلاً بيكي.

- أأمر.

- (بخبث) شكراً .. انا جاي اقابل والدتِك.

- والدتي! .. والدتي ماتت من تسع سنين.

- إزاي بقى؟ .. أنا اسمع إن المعلّمة "ليلى" بخير والحمد لله.

- المعلّمة "ليلى" .. ها ها هاه .. أنا "ليلى".

- (مستمراً في خبثه) يا أختي أنا عايز المعلّمة "ليلى عبد المتجلّي".

- أيوه انا.

- مش معقول .. حضرتِك مرات خال "حسبو"؟

- آه.

- (في تصنُّع) أنا عقلي ح يطير .. مرات خاله ازّاي؟ .. ده انتي اصبى منه .. تبارك الله في جمال ما خلق.

وانتعشت "ليلى" وطربت لهذا الإطراء الخدّاع فلانت شكيمتها وارتخت أعصابها وانقادت وراء تملّق "سعد" ونفاقه وقالت في غُنْجٍ ودلال :

- ده بس من ذوقك يا ... إلّا انت اسمك إيه؟

- محسوبِك وعبد حُسنِك .. "سعد".

- أهلاً يا سي "سعد" .. إنت تعرف "حسبو".

- (بمكر) "حسبو" مين؟ .. آآآ .. هه .. آآآ .. آه .. "حسبو عبد النبي" .. سامحيني يا هانم .. جمالِك لخبطني خالص .. ده انا كتّر خيري إني لسّه حافظ اسمي .. هههه.

- هههههه .. للدرجة دي؟

- وأكتر يا هانم .. صدّقيني.

- خير؟ .. "حسبو" جرى له حاجة؟

- لا لا لا .. "حسبو" بخير والحمد لله .. أصلنا شاركنا بعض ف تجارة المانيفاتورة بالجُملة .. وكان كلّمني عليكي علشان تدخلي معانا شريكة .. فانا كنت جاي علشـ...

- أومّال هوَّ ما جاش معاك ليه؟

- أصله سافر "أسيوط" يستقضى بضاعة من مصنع اخويا هناك .. وح يقعد له أسبوع تقريباً .. ولمّا اتزنقت ف فلوس جيت اعرض عليكي الموضوع.

- بُص يا معلّم "سعيد"...

- "سعد" يا ست الكُل.

- لا مؤاخذة .. بُص يا معلّم "سعد" .. إنت ف السوق وعارف الأصول .. سيب لي اسمك وعنوانك وفوت عليَّ بعد أسبوع اكون سألت عليك وعلى سمعتك واكون فكّرت .. ولو وافقت يبقى الأفوكاتو بتاعي يكتب عقود الشركة.

- وعلى إيه .. إنتي تيجي الشونة عندي أي وقت يريّحِك وتشوفي الشُغل والبضاعة المتخزّنة بعينيكي الحلوين دول .. ولو فيه وِفاق مبدئي يبقى اسيب لِك أسبوع تسألي وتطقّسي .. حتى يكون "حسبو" جا م الصعيد.

وصمتت "ليلى" دقيقتيْن فكّرت فيهما قليلاً وتخيّلت كثيراً أنه يمكنها بسهولة أن توطّد معرفتها "بسعد" فتجعل ذلك الشاب الوسيم - الذي انبهر بجمالها الأخّاذ - خاتماً في إصبعها فتتخذه عشيقاً ومن يدري فربما تتزوّجه فتعوّض نفسها عن الحرمان الذي عاشته وهي أرملة كما عاشته وهي زوجةٌ لرجلٍ عنين يكبرها بثلاثةٍ وثلاثين عاماً فقضى على زهرة شبابها حتى تحرّرت أخيراً، ولم يطُل تفكيرها كثيراً فقالت بسرعة وكأنها لا تريد تفويت هذه الفرصة :   

- ماشي .. بكرة إيه؟

- بكرة التلات.

- خلاص .. تعالى خدني من هنا علشان ما اعرفش السكّة.

- تمام .. تحبّي اجي لِك الساعة كام.

- الساعة خمسة الفجر .. معلهش بدري .. بس انت عارف لازم ابقى ف دكان السمك بتاعتي ف حلقة "الأنفوشي" على سبعة بالكتير.

- بدري إيه .. ده كده حلو قوي .. علشان ناخد راحتنا قبل ما النهار يطلع والرِجل تكتر .. آآآآآآ .. إنتي عارفة الشوارع بتبقى زحمة .. خمسة بالثانية ح تلاقيني قاعد لِك تحت ف الحنطور .. سلامُ عليكم.

وانصرف "سعد" مغتبطاً من نجاح خُطّته حتى هذه اللحظة فتوجّه إلى الشونة وأعد مسرح الجريمة التي ستقع صباح الغد ليكون جاهزاً لاستقبال الضحيّة الموعودة.

 

 

(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent