خبر
أخبار ملهلبة

"أرواح بلا قبور" | عمارة الأشباح (1)


عمارة العفاريت والأشباح بالأسكندرية ورسم تخيلي لشبح غاضب

عمارة الأشباح (1)

 

 

دخل "فؤاد" المقهى فوجد زميليْه "سامح" و"نعيم" ينتظرانه على إحدى الطاولات بأحد الأركان البعيدة عن صخب الزبائن وجلبتهم فألقى عليْهما التحيّة وسحب كرسيّاً قريباً وجلس إلى جوارهم ثمّ صفّق فوافاه في الحال نادل المقهى ودار هذا الحوار :

- "فؤاد" : واحد سحلب لو سمحت.. بس عايزه سخن ملهلب يمكن يدفّيني شويّة.. طلبتوا حاجة يا جماعة؟

- "سامح" : إحنا طلبنا وشربنا من زمان يا "فؤاد".. إنت لازم تيجي متأخّر كل مرّة كده.. ده انا كنت ح امشي مع "نعيم" كمان شويّة.

- "فؤاد" : معلهش.. أصلي ما لقيتش مشروع فاضي يوصّلني هنا.. وبعدين ساعة تأخير مش قضيّة يعني.

- "نعيم" : خلّينا ف المهم يا جماعة.. ده الوقت احنا جايّين علشان هدف معيّن : مشروع التخرّج بتاعنا اللي احنا حدّدنا موْضوعه.. موافقين عليه ولّا حد عنده اقتراح تاني.

- "سامح" : أنا عن نفسي متحمّس جداً للموضوع ده متهيّأ لي ماحدّش ف تاريخ كليّة الآداب - قسم إعلام عمل تحقيق صحفي عن عمارة الأشباح.. يمكن من ساعة ما اتعملت شعبة الصحافة ف القسم أصلاً.

- "فؤاد" : أنا موافق طبعاً بس خايف ما نعملش التحقيق ده كويّس.. أصله صعب قوي.

- "نعيم" : بالعكس.. الموضوع شيّق وما حدّش ناقشه قبل كده.. أنا عملت مخطّط عام للتحقيق ف الملف ده.. شوفوا كده.. العنوان ح يبقى : عمارة الأشباح بالأسكندريّة بين الحقيقة والأسطورة.. وبعدين ح نصوّر العمارة من تحت واحنا ف الشارع وح نحط كام صورة كمان للعمارة والشقق من جوّه.

- "فؤاد" : بس ح ندخل العمارة والشقق ازّاي؟.. أنا اعرف إن مدخل العمارة اتشال وبنوا مكانه حيطة بالطوب الاحمر.

- "سامح" : من البلكونات.. من الشبابيك.. من المنور.. ح نبقى نتصرّف يا "فؤاد".. المهم يا "نعيم" فيه إيه بعد الصور؟

- "نعيم" : ح نكتب نبذة عن تاريخ العمارة وسبب تسميتها بمبنى الأشباح أو عمارة العفاريت.. أنا جبت أصلها وفصلها من ع النِت.. إسمع يا سيدي انت وهوَّ : بيقول لك إن العمارة دي من تمن أدوار كل دور شقّة كبيرة.. بناها خواجه يوناني اسمه "بارديس" سنة 1961.. وبيتقال إن السبب اللي خلّى العمارة مسكونة بالعفاريت إنّها اتبنت على أرض كان فيها مدافن ومقابر ولغاية ده الوقت الهياكل العظميّة بتاعة الميْتين موجودة تحت أساس العمارة.. وناس تانية بتقول إن مكان العمارة دي كان فيه أصلاً مسجد والخواجه هدّه علشان يبني العمارة فسكنتها العفاريت عقاباً له على عملته دي.. وفيه كمان ناس بيقولوا إن الخواجة كان له شريك مغربي اختلف معاه فعمل له أعمال سفليّة وحطّها في جوانب العمارة الأربعة فسكنتها قبائل الجن.. المهم: الخواجه جاب مراته وولاده الخمسة وعاشوا ف شقّة م الشقق قبل ما حد تاني يسكن ف العمارة.. وما فاتش عليهم أسبوع إلّا وخرج الخواجه مع ولاده ف رحلة صيد وسابوا مراة الخواجه ف الشقّة.. بس مركب الصيد غرقت بالخواجه وعياله فاضطرّت الخواجايه إنّها تبيع العمارة لتاجر أخشاب كبير اسمه "محسن" بيه اللي أجّر الشقق لناس حصلِت لهم حاجات غريبة قوي.. يعني مثلاً أوّل واحد سكن ف الدور الأوّلاني كان اسمه "ظريف" ومسكت حريقة ف شقّته بعد ما سكن فيها بيومين ومات الراجل وعيلته كلّهم.. وجا دكتور اسمه "أبو الفتوح" وأجّر شقّة ف الدور التاني علشان يعملها عيادة وجهّزها وفرشها بس قبل ما يفتتحها بيوم كان بيعدّي الشارع فخبطته عربيّة ومات مفروم تحتها.. أمّا الدور الثالث والرابع فكانوا متأجّرين لشركة إستيراد وتصدير أجنبيّة وهمَّ كام يوم والشركة خسرت صفقة كبيرة وفلّست وصاحبها استلف فلوس كتير ولمّا ما عرفش يسد ديونه اتحكم عليه بالسجن فانتحر.. وفي الدور الخامس كانت شقّة واحد شاب على وِش جواز وجاب النقّاشين والعمّال علشان يشطّبوا الشقّة وكان العمّال بيسمعوا أصوات عجيبة جايّة من الحمام والأغرب إنّهم بعد ما خلّصوا شغلهم ف الشقّة واستلمها العريس وساعة ما جم أهل العروسة يفرشوا الشقّة ظهرت بقع حمرا ع الحيطان فأهل العروسة افتكروا إن دي عيوب ف البوية وطنّشوا الموْضوع خصوصاً إن الفرح كان فاضل عليه يومين وما فيش وقت يعيدوا النقاشة وف يوم الفرح دخل العرسان شقّتهم نُص الليل وتاني يوم لقوا نفسهم مرميّين ف الشارع عريانين والناس بتصحّيهم وبتلفّهم ف ملايات علشان تسترهم وحواليهم عفشهم الجديد متكسّر ستّميت حتة ولمّا فاقوا قعدوا يعيّطوا وحكى العريس للناس اللي حصل بالليل وقال لهم : {بعد ما دخلت الشقة انا ومراتى رحت الحـمّام علشان استحمّى وفوجئت بالميّة بقى لونها أحمر أتاريها كانت دم بينزل من الحنفية خرجت م الحمّام مفزوع لقيت مراتي بتصرّخ وبتشاوِر على قطّة سودا كبيرة قوي قد الأسد كده واقفة ع السرير وكانت بتنوْنوْ بصوت مرعب وبعدين اختفت من قُدّامنا وطارِت ف الهوا وراحت النار ماسكة ف جدران أوضة النوم فجرينا ع الصالة لقينا واحدة سِت من غير راس كانت بتضحك ضحكة مخيفة وراسها مرميّة ع الأرض قعدنا نصرّخ م الرعب وحاولنا نخرج م الشقّة ما لقيناش باب الشقّة ف مكانه وراجل اسود بطول الباب له انياب كبيرة فاتح بقّه عايز يبلعنا ساعتها أغمى علينا وما حسّيناش بنفسنا إلّا ده الوقت بس}.. أمّا الدور السادس بقى فسكن فيه واحد شيخ ما كانش مصدّق الناس ف اللي بيقولوه عن العمارة فجه سكن لوحده وجاب معاه شويّة عفش صغيّرين وقعد أسبوع يقرا قرآن ويصلّي ف الشقّة من غير ما ينزل منها خالص لحد ما الناس لقوه بعد كده مرمي ف الشارع برضه وحواليه عفشه وهوّ متكسّر وأوّل ما فاق قعد يصرّخ ويجري ف الشوارع ومن ساعتها ماحدّش عرف له طريق جُرّة.. الدور السابع بقى ما سكنش أصلاً.. إنّما الدور التامن والأخير فكان من نصيب ظابط بوليس ما كانش مصدّق برضه حكاية العفاريت دي وبات ف الشقّة يوم واحد بس ولمّا طلع عليه النهار لقوه الناس بيخرّف ويهلوس وعلى وِشّه علامات الرعب والخوف وبعدين جات له تشنّجات ومات على طول.

 

 

(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent