خبر
أخبار ملهلبة

"أرواح بلا قبور" | عمارة الأشباح (2)


ثلاثة من الشباب يتسلقون عمارة الأشباح والعفاريت بالأسكندرية ويقفزون داخل إحدى البلكونات أو الشرفات

"أرواحٌ بلا قبور" | عمارة الأشباح (2)

 

 

- "فؤاد" : يا ليلة كوبيا.. ده انا مفاصلي سابت يا عمّنا.. بقى بعد اللي سمعتوه ده عايزين تدخلوا العمارة برضه؟

- "سامح" : مين قال لك إنّنا ح ندخل العمارة الصبح وخلاص؟.. ما فيه ناس كتير عملت كده وطلعوا زي ما دخلوا.. ما استفادوش حاجة.. الشطارة فعلاً اللي بجد صحيح إنّنا نبات فيها ليلة كاملة علشان التحقيق الصحفي يبقى فيه مغامرة وتحدي بحق وحقيق.

- "فؤاد" : لا يا شيخ.. وافرض بقى إنّنا اتلبسنا م العفاريت دي ولّا حصل لنا زي اللي حصل للناس دول ح تعمل إيه ساعِتها؟

- "نعيم" : يا راجل إنت بتصدّق الكلام ده.. أنا قريت برضه إن كل الكلام ده إشاعات الناس بتكبّرها يوم ورا يوم.. وإن الحكاية وما فيها إن صاحب العمارة مات قبل البُنا ما يخلص والورثة اختلفوا على نصيب كل واحد فيهم ورفعوا على بعض قضايا لسّه ف المحاكم لحد ده الوقت.

- "سامح" : طب والخطوة الجاية ح تبقى إيه؟

- "نعيم" : ح نتقابل عند العمارة على قمّة شارع "أبوقير" ف "رشدي" بكره بالليل الساعة اتناشر.. ح تكون الشوارع فاضية ف البرد ده وندخل العمارة من غير ما حد يحس بينا ونقعد فيها لغاية تاني يوم الضهر.. بس ما حدّش يقول لأهله ع اللي ح نعمله أحسن ما يوافقوش.. ح نقول لهم إنّنا ح نسهر نذاكر مع بعض وبعدين ح نطلع ع الكليّة الصبح وح نرجع لهم ع المغرب تاني يوم.. ماشي؟

- "فؤاد" : ح نجيب حاجة معانا؟

- "سامح" : أنا ح اجيب معايا كشّافات علشان تنوّر لنا ف الضلمة وح اجيب كمان شويّة سندوتشات وعصاير وميّه علشان لو جُعنا وعطشنا.. وانت يا "نعيم" ح تجيب الكاميرا بتاعتك علشان ناخد الصور أو الفيديو بس ما تنساش تشحنها وتجيب معاك فلاشة (كارت ميموري) زيادة وشويّة اوراق فاضية واقلام.. وسيادتك بقى يا "فؤاد" باشا مش عايزين منّك حاجة غير إنّك تيجي ف الميعاد.

وغادر الثلاثة المقهى وهم يفركون أيديهم أو يضعونها في جيوبهم ليتدفّأوا من هذا القُر القارس.

وفي منتصف الليْلة التالية التقى الشباب أمام عمارة الأشباح ذات اللوْن القاتم والمنظر المخيف وقد أغلق سكّان العمارات المجاورة النوافذ والشرفات وخلت الشوارع المحيطة من المارّة فانتهز "نعيم" الفرصة وتسلّق بخفّة إحدى المواسير على حائط العمارة حتّى وصل إلى إفريزٍ ضيّق فوقف عليْه وقفز على أوّل شرفةٍ بالعمارة وتلقّف متعلّقات زميليْه بعد أن قذفاها له ثمّ ساعدهما على الوصول لنفس الشرفة التي كان بابها مفتوحاً فولجوا إلى داخل شقّة الدور الأوّل وأضاءوا كشّافاتهم لتبدّد هذا الظلام الحالك فظهرت الأرضيّة دون بلاط والجدران على المحارة والأسقف غير مكتملة التجهيز والتشطيب فاندهشوا لأنّ ذلك معناه أن أحداً لم يسكن فيها من قبل عكس ما أشيع فأشار "نعيم" لتلك الملاحظة التي تبرهن على صحّة توقّعاته بأنّ أمر الأشباح ما هو إلّا أسطورةٌ ابتدعها الناس وزادوا من خيالها ووهمها وتنفّس "فؤاد" الصعداء فقد كان في غاية القلق والتوجّس ،ثمّ اتّجهوا إلى الغرفة المجاورة حيث المطبخ ففتح أحدهم الصنابير فلم ينزل منها دمٌ أو حتّى ماءٌ فزادهم ذلك اطمئناناً، ولكن "سامح" نظر في أحد أركان المطبخ فلاحظ شيْئاً مخيفاً أعاد "لفؤاد" قلقه وتوجّسه وزاده فوْقهما خوْفاً ورعباً فقد وجد "سامح" كوْمةً من الأسمنت وعدّة صفائحٍ من الطلاء ولمّا اقترب عن كثب وثبّت إضاءة كشّافه جيّداً تبيّن له أن الأسمنت والطلاء ما زالا طرييْن ولم يصبهما الجفاف بعد رغم مضي سنينٍ طويلة على هذه العمارة المهجورة.

 

 

(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent