خبر
أخبار ملهلبة

صورة واحد شيف تليفزيوني (2) | صور مشقلبة | د. أحمد صادق




صورة واحد شيف تليفزيوني (2)

 

 

وأخذت أشرح الطريقة خطوةً بخطوةٍ مع التطبيق العملي لها أمام المُشاهدين، وفي النهاية قُلت:

-       شوفتي بقى يا سِت الدار (ما رضيتش اقول: "سِت الكُل" حتى لا أُقلِّد الآخرين وأُصبح مُكرّراً أو مُبتذلاً) الطريقة سهلة قوي ازّاي!! .. مش ح تاخد منِّك أكتر من أربع ساعات بَس .. واللهِ جوزِك وعيالِك ح يدعوا لِك ويدعوا لي كل ما ياكلوا بلّوط ورا بلّوط .. وقبل ما ندخُل ع الحِلو نطلع فاصل سريع مُدّته نُص ساعة ونرجع قوام .. بَس قبل ما نروح الفاصل نقول شعارنا: يا أكَلاتَك يا فَشَخاتَك يا شيف "حَلّة" يا اللي أطعم م الجِلّة .. ما تروحوش بعيد .. تابعونا.

وما إن انتهيْتُ – حتى الآن – ألّا وفوجئتُ بتصفيق كل مَن كان بالاستوديون لبراعتي في الآداء وتوْفيقي الكبير، ودعوْتُ الحاضرين حتى يذوقوا البلاليط اللي عملتها قبل أن تبرد، فتوافد الجميع على ذلك الطبق الرائع مما اضطرَّني لأن أشترط على كل واحدٍ أن يتناول ملعقةً واحدةً فقط لكي تُكفي هذا العدد الكبير من مُعِدّين ومُصوِّرين ومُخرجين وعُمّال الاستوديون، ويبدو أنني وضعت حبّهان كتير شويّتين لأنني لاحظتُ أن كل مَن يلتهم ملعقته تظهر عليه علامات القرف ويُقاوِم القيء ويجري من أمام الطبق إلى أن يجد أقرب سلّةٍ ليتُف فيها ما أكله، فيما عدا المُخرِج الذي بلع ما أكله بسُرعةٍ دون أن يتذوَّقه أوّلاً ممّا سبَّب له إسهالٌ فوْريٌ في الحال (دون حتى أن يشعر قبله بمغص) ممّا جعله يضطر لترك عمليّة إخراج باقي الحلقة لمُساعِده ويذهب هو لاستكمال عمليّة إخراج ما في بطنه ثم لتغيير ملابسه وسط تأفُّف الناس من رائحته العَفِنة.

طلبت من مُساعِد المُخرِج أن يكتب تصحيحاً على الشاشة للمقادير ليجعل مقدار الحبّهان ملعقتيْن صغيرتيْن وليست كبيرتيْن .. بسيطة والحمد لله.

عدنا للهواء فاستهللتُ تقديم طبق الحلو قائلاً:

-       رجعنا لكم قوام علشان نقدِّم طبق الحلو ده اللي جاي م "الجزائر" على هنا على طول .. يعني لِسّه نازِل م الطيّارة .. هههههههه .. يلّا بينا يا سِت الدار:

المقادير (وح اقول لكم سعر كل مُكوِّن لوحده): نُص كيلو زِبدة من اللي الكيلو بتاعها بـ 150 جنيه يعني النُص بـ 75 بَس – مِقدار مُماثِل من السُكَّر السنترافيش يعني نُص كيلو فقط بـ 20 جنيه – كوبّايتين زيت دُرة بحوالي 50 جنيه – 4 بيضات مجهولة السِعر – 313 جرام ونصف من الدقيق الفاخر بحوالي 13 جنيه بس – رُبع كيلو سِمسِم أو زي ما بيسمّوه حبايبنا ف "الجزائر": "جُـلُجُلان" بحوالي 70 جنيه – رُبع كيلو مكسَّرات مقشَّرة من أي نوع بحوالي 300 جنيه فقط – وملعقة صغيرة من كل من: الخميرة الفوْريّة والفانيليا والملح.

تلاحظي يا سِت الدار إن الحِلو النهار ده مش مُكلِّف أبداً وبيناسب جميع المستويات .. مش ح تدفعي في مُكوِّناته أكتر من 600 جنيه فقط .. يا بلاش واللهِ .. نيجي بقى لطريقة عمل "بوسو ولا تمسّو" أو ساعات بيقولوا عليها هناك: "المقروطة" .. يلّا بينا.

وظللت أصف الطريقة مع البيان العملي لمُدّة ساعتيْن حتى انتهيْتُ من الحلقة فختمتُها قائلاً:

-       إن شاء الله يا سِت الدار حلقة يوم التلات اللي جايّة ح تبقى حافلة بالوصفات الشهيّة .. ح نقدِّم فيها أكلتين رئيسيّتين وطبقين تحالي .. الأكلة الرئيسيّة الأولى هيَّ: كبسة الجرابيع بالسحالي والفراشيح .. والتانية: شخاتير مقليّة مع زِرب مشطشط بالمفطَّح .. والحلو الأوَّلاني: سِكسِكة بالعسل الاسوِد والمكسرّات .. والتاني: صَب الرِشراش المخلوط بالسخينة أو المسرودة أو المفروكة .. خُدي بالِك يا سِت الدار إن كل الوصفات دي عربيّة أصيلة .. إنما بعد كده ح نخُش برضُه ع الأكلات الغربيّة المشهورة وح ابقى اعلِّمِك أكلات أجنبيّة فشيخة تانية زي: بول ستيك طارطاريه – باسكال بِلبِل ألا شامبينيو – باسطا ألفريدو إي كالاماري فريتّي – جريلد بيف بيكون ويز سويت بيز آند ماشد بوتاتو – وغيرها وغيرها .. تابعينا انتي بس كل حلقة وح تشوفي الجديد دايماً .. يا أكَلاتَك يا فَشَخاتَك يا شيف "حَلّة" يا اللي أطعم م الجِلّة .. سلااااام.

انبهر بي الجميع أيّما انبهار وشكرني المُخرج – بعد أن عاد من الحمّام سالِماً  بشِدّةٍ وحرارة، وأبلغني أن مسؤول الكونترول بالاستوديو أبلغه أن نسبة المُشاهدات قد قفزت للضِعف في آخر الحلقة، ولكنني لا أعرف لماذا منع ذلك المُخرِج الحاضرين من الاقتراب من حلوى "بوسو ولا تمسّو" بل أمر العُمّال بألقائها في صفيحة الزبالة فوْراً دون لمسها من الأساس؟!!!

الأحد:

مرَّ عامٌ كاملٌ على نجاح برنامجي المُستمِر وأوْشك العقد السنوي بيني وبين القناة على الانتهاء، جلس معي رئيس القناة شخصيّاً للتجديد ولكنني فرضتُ شروطي عليه ورفضتُ أن أُوَقِّع العقد الجديد قبل أن يرفع مًرَتَّبي لعشرة أضعافه، وافق الرئيس مُضطرّاً خصوصاً بعد أن أعلنت شركة "إبسوس" للأبحاث التسويقيّة أن برنامجي احتل المركز الأوَّل مُتصدِّراً ومُتفوِّقاً على جميع برامج الطبخ واللغوَصة والرَمرَمة في القنوات الأُخرى، كما أظهرت الاستبيانات والإحصائيّات تكالُب جميع الشركات التُجاريّة على الإعلان قبل وأثناء وبعد إذاعة برنامجي، لدرجة أن الفواصل الإعلانيّة تعدَّت أحياناً الساعة ونصف، ممّا اضطُر القناة لزيادة عدد الحلقات الإسبوعيّة إلى خمس حلقات في خمسة أيّام على أن يُعاد مُلخَّص تلك الحلقات في اليوميْن الباقيّيْن.

كده بقى ح اقدر اشتري الفيللا ام اربع تدوار اللي شُفتها ف التجمُّع واسيب الحِتّة الواطية اللي ساكِن فيها وربنا يتوب علينا بقى م الناس ولاد الكلب الرَكَش اللي فيها.   



(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent