خبر
أخبار ملهلبة

الفصل الثالث | نهاية العالم (3)


غلاف كتاب صحفي للبيع لوجيه أبو ذكري

الفصل الثالث | نهاية العالم (3)
السبت 3 / 10 / 2020
باقي ثمانية أيّامٍ على النهاية



- ونختتم حواراتنا بلقاء مخرجنا الجميل "حسّونه الإمام".. يا أهلاً بمخرج الروائع والفظائع.

- أهلاً.

- مبروك لنجاح العرض الأوّل وعقبال كل أفلامك.

- ميرسي.

- يا ترى إيه هيّ أهم عناصر نجاح الفيلم؟.. هل هيّ الحبكة الدراميّة ولّا البطولة الجماعيّة ولّا الخلطة الغنائيّة الاستعراضيّة ولّا التكامل بين الأفكار الجهنّميّة الميتافيزيقيّة والطريقة التنفيذيّة السحريّة وبؤرة الاستقبال العبقريّة؟

- تقدر تقول كده كلّه على بعضه.. الفيلم عبارة عن نِتاج عام لمجهود جماعي.. وأهم حاجة ميّزت الفيلم هو روح الجماعة وروح العيلة.. يعني التلات بطلات رغم إنّهم نجمات كبار إلّا إنّهم كانوا بيخدّموا على بعض ف الفيلم.. مش قصدي في الإفّيهات وبس.. لأ لأ.. نيفر.. ده ف الأداء كمان.. راخر اللي يتفرّج ع الفيلم ما يقدرش يقول مين البطلة الأولى.

- بس احنا سمعنا إن البطلات كانوا بيتخانقوا على مين اللي يتكتب اسمها الأوّل.

- أبداً.. دي إشاعات مغرضة.. أنا ما شفتش بطلات فيلم بيحبّوا بعض ورا الكواليس زي دول.. دول كانوا بياكلوا ويشربوا ويناموا ف البلاتوه.. لدرجة مش عايزين يروّحوا بيوتهم من كُتر جو الود والصداقة اللي بينهم.. دي تجيب شيكولاته لدي ودي تجيب أكل ديليفري لدولم.. طب ح اقول لك حاجة مش ح تصدّقها.. مرّة كانت "أناناس الزغيدي" بتترعش م البرد أثناء تصوير المشهد اللي بينها وبين حبيبها ف الفيلم لمّا كانت لابسة قميص نوم شيفون ع اللحم.. تصدّق وتؤمن بإيه؟

- لا إله إلّا الله.

- زميلتها الفنّانة "إنكسار" قلعت لها الروب بتاعها علشان تتدفّى.. وفضلت يا عيني طول الوقت واقفة بالأندر بس.. شوفت حب ووفاء أكتر من كده.

- يا سلاااااام.. للأسف الإخلاص بقى عملة نادرة اليومين دول.     

- الروح دي بقى ممكن تشمّها وتلمسها ف الفيلم.. بس أكتر حاجة عاجباني إن الرقابة ما اتدخّلتش خالص ف الفيلم.. وانا بانتهز الفرصة دي علشان أشكر الأستاذ "كريم السايب" مدير الرقابة على المصنّفات الفنيّة على تفهّمه الكامل لوجهة نظر الفيلم.. وده مش غريب عليه بحكم إنه فنّان قدير ومقتنع بإن مواجهة المشاكل أوّل خطوة لحلّها.. لغاية إمتى ح ندفن روسنا ف الرملة.. الشباب عنده مشاكل كتير لازم نناقشها بمنتهى الصراحة والوضوح.. ناس يقولوا لك فيه مشاكل ف التعليم والصحّة والبطالة والأكل و.. و.. كل ده مش مهم.. الأهم المشاكل النفسيّة للشباب وقضايا المراهقة.

- عندك حق يا أستاذنا.

- شوفت بقى ازّاي.. أهو الفن اتعمل علشان كده.. علشان يسمو بالإنسان إلى آفاق عالية ويبحث عن حياة أفضل دائماً.

- بنشكر سيادتك يا فندم ومن نجاح لنجاح إن شاء الله.

**********

واكتفى "باسم" بهذا القدر من عمله وواجبه نحو الجريدة وتحوّل ليرعى مصالحه هو الشخصيّة ويؤدّي واجبه نحو نفسه، فأسرع ليلحق "بالسونكي" باشا منتج الفيلم ورجل الأعمال الكبير فوجده يصرّح لإحدى القنوات الفضائيّة بحديثٍ خاص فانتظر حتّى فرغ من ذلك وذهب إليه ليحادثه:

- "سونكي" باشا.. يا "سونكي" باشا.

- نعمين.. إيه يا "باسم" عايز تكمّل الحوار الصحفي ولّا إيه؟

- لا يا باشا ما نستغناش.. أنا كنت عايزك ف حاجة تانية.

- طب بسرعة علشان ورايا حاجات تانية مهمّة.

- بص يا سيدي.. إنت عارفني باعزّك إزّاي وباعتبرك مثل أعلى لرجال الأعمال العصاميّين ف "مصر".

- إنجز يا "باسم".

- إيه رأيك لو أعمل لك ريبورتاج صحفي ف الجرنال بتاعي على نص صفحة؟

- إعلانات يعني؟

- لأ.. إعلانات إيه.. أنا قصدي دعاية شخصيّة ليك ولشركاتك على شكل لقاء صحفي مع رجل أعمال ناجح ومنتج سينيمائي معروف.. ده مش بيبان إعلان مباشر خالص.. وبيجيب نتائج مبهرة.. وبعدين سمعت إن سيادتك ح تدخل انتخابات "الزمالك".. يعني عايز شويّة تلميع وتنجيم.

- طب ما تعمل البريستيج ده يا جدع حد منعك؟

- قصدك الريبورتاج يا باشا.. بس ده برّه الشغل.. يعني بيني وبينك ما حدّش يعرف.. وكلّك مفهوميّة بقى يا باشا.

- آه.. فهمتك.. ماشي عدّي عليّ بكره ف الشركة الساعة واحدة الضهر.. العنوان ف الكارت أهو.

- تأمرني يا باشا.. اتفضّل سيادتك بالسلامة.

وتركه "باسم" وقد نال مأربه من الرجل في بعض الآلاف التي سيجنيها جرّاء هذا التحقيق الصحفي وطفق يبحث في الحفل منقّباً عن الممثلات الشابّات اللاتي يعرفهنّ من أجل أن يتفق مع بعضهنّ على ما ينوي إعداده في برنامج قناة "الحقيقة" الفضائيّة، ولكنّه اصطدم بمقابلة أحد الممثّلين الصاعدين فتجاذب معه أطراف الحديث:

- أستاذ "باسم".. إزيّك؟

- أهلاً "جيمي" فينك؟

- فيني إيه يا عم.. ده انا اتصلت بيك كذا مرّة وبعت لك كذا رسالة ع الموبايل بس انت بتسقّع لي يا معلّم.

- لا يا راجل عيب ما تقولش كده.. ده انت حبيبي.. بس مشغوليّات واللهِ.

- يعني ما عملتش حاجة ف موضوعنا.

- موضوع إيه؟

- احنا مش اتفقنا تكتب عنّي كلمتين حلوين ف عمودك وتشكر فيّ وف شغلي؟

- وإيه تاني؟

- قصدك إيه؟

- قصدي باقي الاتفاق يا "جيمي".. انت قلت لي إنّك ح تجيب لي عشر تلاف جنيه.. وادي وش الضيف.. صح؟

- ماشي يا عم هوّ انا ح اطير ولّا احنا لسّه عارفين بعض إمبارح؟.. كان عندي ظروف.

- واللي عنده ظروف يروح يشتري عربيّة بتُسْعُميت ألف جنيه؟.. فاكرني ما اعرفش.. ده انا اعرف دَبّة النملة ف الوسط المنيّل ده.. ولّا فاكرني ابن إمبارح؟

- يا عم دي حتّة عربيّة كوري دفعت مقدّمها بس وباقي عليها اقساط قد كده.. ده انا جايبها غصب عني.. ما انت عارف شغلتنا دي أهم حاجة فيها المظاهر الكدّابة.

- آديك قلت.. المظاهر.. ما هو انا كمان لازم أجيب لبس بالشئ الفلاني واعيش ف مستوى معيّن كصحفي ف الوسط الفنّي وباقابل فنّانين ونجوم وباحضر حفلات وسهرات زي دي وباقدّم لهم هدايا.. ولّا هيّ ح تيجي عندي انا وتقف.. انت فاكر الكام ملطوش اللي باخدهم م الجرنال بيكفّوا عيش حاف.. لولاش إني باخد قرشين من واحد زيّك علشان اشهره والمّعه وامهّد له طريق النجوميّة على قرشين تانيين من حد تاني عايزني اكتب له نقد حلو بيمدح ف محاسنه على حد تالت طلب منّي اكتب له نقد زي الزفت اشتم فيه ف المنافسين له وافطّسهم واخسف بيهم الأرض.. واهو من ده وده وده بترزق واهو كلّ الناس على كده.. معلهش أنا باكلّمك بصراحة.. إنت عارفني معجب بيك ومؤمن بموهبتك بس الحق حق.

- عدّاك العيب يا صاحبي.. أنا ح ابقى اتصرّف لك قريّب والاغيك.

- بشوقك يا حبيبي وانا ف الخدمة دايماً.. عن إذنك أرد ع التليفون.

- رد براحتك.. أنا كنت ماشي أصلاً.. سلام.

- سلام.. آلو.. حبيبة قلبي.. إزيّك يا هرّابة.. كنتي فين يا ضايعة؟.. يا سلام؟.. عايزاني أصدّق إن مامتِك محجوزة أسبوع ف المستشفى وانتي قاعدة جنبها؟.. اطلعي من دول يا أونطجيّة.. عموماً انتي حرّة.. بس وحشتيني.. بجد واللهِ.. طيّب خلاص.. نتقابل ف شقّتي القديمة ما انتي عارفاها.. ماشي.. بس اعملي حسابِك ح نقضّي اليوم كلّه مع بعض.. يا شيخة افتكري حاجة عدلة.. مدام إيه بس ده الوقت.. وحياتِك عندي إنتي البريمو يا عسل.. ما تقلقيش أنا عامل حسابي على كل حاجة.. خلاص.. خلاص.. هاتي بقى بوسة ع الهوا كده تصبيرة لغاية ما نتقابل.. ها ها ها.. ياللا يا مجرمة.. ها ها ها.. خلاص.. باي.

وأغلق "باسم" هاتفه وأدخله في جيبه ثمّ اتّجه خارجاً من الحفل نحو بار الفندق حيث يستطيع أن يتجرّع قليلاً من كئوس الخمر ثم يعاود الرجوع لمواصلة سهرته وتمضية باقي ليلته.

google-playkhamsatmostaqltradent