خبر
أخبار ملهلبة

صورة واحد متفرج | صور مقلوبة | أحمد رجب


كاريكاتير لمصطفى حسين لرجل يجلس على كرسي يشاهد التليفزيون من قصة صورة واحد متفرج ضمن كتاب صور مقلوبة للساخر أحمد رجب

صورة واحد متفرِّج

 

 

الأثنيْن:

شاهدتُ الليْلة البرنامج التليفزيوني "الكاميرا في زيارة" .. قدّم البرنامج لقطاتٍ للمخرج "خميس فجلة" وهو منهمك في إخراج الفيلم التاريخي الكبير "حبیبي خوفو" .. قال "خميس فجلة" أن اسم "حبیبی خوفو" هو اسمٌ مؤقّت وأنه سيعقد اجتماعاً خاصاً لمدّة عشر ساعات مع السيناريست "شحاته الأمريكاني" لاختيار اسم من الأسماء المرشّحة للفيلم.

سألته المذيعة:

-       وإيه هيَّ الأسماء المرشّحة للفيلم يا أستاذ "فجلة"؟

-       أوّل اسم عاجبني قوي هو "خوفاديس".

-       "خوفاديس"؟!!!

-       بالاسم ده الفيلم يبقى عالمي وممكن ننافس به "هالیوت" .. "هالیوت" عملِتْ "كوفاديس" نعمل احنا "خوفادیس" .. ده ألوان وده ألوان .. دكهه سیما سكوب ودكهه سيما سكوب .. وده تاریخی وده تاريخي .. ده "كوفاديس" وده "خوفاديس".

-       لكن الملك "خوفو" كان اسمه "خوفو" مش "خوفاديس".

-       فيه حاجة اسمها لغة السيما و"خوفو" ده اسمه بالعربي لكن بلغة السيما "خوفاديس" .. وده بقى شغل سيما احنا نفهمه كويّس.

قالت المذيعة:

-       أستاذ "فجلة" .. أنا شايفة ف المشهد اللي بيتصوّر قدّامي إن الملك "خوفو" لابس ساعة "رولكس".  

-       وماله؟

-       ماله ازای؟ .. خوفو يلبس ساعة يد "رولكس"؟!!!

-       وليه لأ .. موش ملك .. ح تِغلا عليه يعني ساعة "رولكس" .. دي دهب كمان وعهد الله.

-       كان فيه ساعات أيّام قدماء المصريّين؟

-       جري أيه يا أستاذتنا .. ده انتي متعلّمة ومتنوّرة وكُلِّك نور ومفهوميّة .. أومّال المِزْوَلة كانت بتعمل ايه؟

-       المِزْوَلة معلهش .. إنما ساعات يد! .. و"رولكس" كمان!!!

-       ده الجديد ف الفيلم .. تطوير للفيلم التاريخي .. والساعات الرولكس دى اسمها في الفيلم مِزْوَلة .. يعنى حبيبة الملك خـوفو لمّا تسأله عن الساعة في الحوار بتقول له: "المِزْوَلة كام ده الوقت؟" .. فيبص ف ساعته ويقول لها: "المزولة خمسة إلّا خمسة".

وشرح "خميس فجلة" ملخص قصّة الفيلم فقال أنها تاريخيّة جداً .. إذ يحب "خوفو" واحدة اسمها "عنوخة" .. وينافسه في حبّها أخــوه "منقرع" .. فلمّا قاطعته المذيعة وقالت أن "منقرع" ليْس شقيقاً لـ"خوفو" أكّـد لها "فجلة" بشدّة أنه شقيقه بدليل أن "خوفو" و"منقرع" وأخاهما الأوْسط "خفرع" قد دُفِنوا جميعاً مع بعض في مدافن الأسرة بـ"الهرم" .. وأضاف "خميس فجلة" أن هذه معلوماتٌ تاريخيّةٌ أكيدة حصل عليها السيناريست "شحاته الأمريكاني" .. كما أنه حصل أيضـاً على معلوماتٍ أخطر عن سبب بناء الهرم وهو أن "خوفو" كان قد بنى الهـرم الأكبر لغرضٍ واحدٍ وهو أن يشق شارعاً يبـدأ من "الهرم" اسمه "سِــكّة" الهرم .. حتّى يأخذ حبيبته "عنوخة" جنبه في العربيّة ويطلع بيهـا "سِكّة الهرم" زي كل العُشّاق ساعة العصاري وساعة المغربيّة".

عند هذا الحد من حديث "خميس فجلة" حوّلتُ مفتاح التليفزيون إلى القناة الأخرى لأجد أن الأستاذ "متولّي الأُبّهة" مؤلِف الأغاني يتحدّث عن الأغنية التليفزيونيّة وكيف تكون وقال الأستاذ "الأُبّهة" أن جميع المؤلفين قد فشلوا في تأليف الأغنية التليفزيونيّة التي تتطلّب مواصفاتٍ تليفزيونيّةً خاصّة .. فالمعنى الحقيقي لاصطلاح "الأغنية التليفزيونيّة" هو أن تكون هذه الأغنية من طراز "سامسونج" أو طراز "توشيبا" أو حتّى "نصر" .. وأن يُذكَر فيها حجم الشاشة كام بوصة بالضبط .. ثم ضرب الأستاذ "الأُبّهة" مَثَلاً بأوّل أغنيـةٍ تليفزيونيّةٍ يؤلّفها ليقتـدي بها بقية المؤلّفين في تأليف الأغنيـة التليفزيونيّة .. وتقول كلمات الأغنية:

غَنّي لى غِنوة .. ألحانها حلوة

غنوِة حُب ننّوسة .. مقاسـها 14 بوصة

أغنيها لَك ساعة العصر .. دى غنوة من ماركة "نصر".

أغلقتُ التليفزيون بعد إحساسي بالزهق .. ودخلت أنام.

الثلاثاء:

فتحتُ التليفزيون .. شاهدتُ تمثيليّة اسمها "الجنون المفتخر" مدّتها ساعة منها - من الساعة - 75 دقيقةً استغرقها عرض الفقرات مرّة قبل بداية التمثيليّة ومرّة بعدها .. أمّا أسماء المؤلّف والمخرج والممثلين فقد عُرضت لمدة دقيقتيْن .. و73 دقيقة لعرض الأسماء التالية:

تصویر: سلامة سلامة - سالم سالم - سليم سليم

مونتاج کهربائي: أحمد أبو أحمد

مونتاج إلكتروني: زيادة زيدان

مونتاج بُخاري: سیّد سیّد ينسون

كريكاج بالفيديو: حمـّودة الحنفي حمـّودة

كريكاج من غير فيديو: السخاوي مصطفى - حسن السخاوي

فيديو بالفُرن: عيسوي عبد الستّار مخلوف

إكسسوار بانيه: قلاوون الهلالي سلامة

مكساج سوبر متعدّد الدرجات: سليمان عوض وولده

بوريفاج إلكتروني: متـولّی حبشي كامل البرعي عوض الله

مساعد أول مدير الاستديو: الفيومي بيومى - الديب الرشيدي - حسن أحمد

مساعد ثاني مدیر الاستديو: عبد الحميد عبد القوي - ياسين السلاموني الشهير بعبده

مساعد مساعد أوّل مدير الاستديو: إبراهيم منصور - مصطفى العتريس عبد القوي

مساعد مساعد ثاني مدیر الاستوديو: هريدي عبد الجليل - جاب الله الهريدي إخوان ليمتد

ساعي مدیر ساعي مدير الاستديو: عم جابر

جرسون بوفيـه الاستديو: عبده مصطفى الشهير بسبرايت

ديكور إلكتروني: قنصوة قنصوة - محمد قنصوة

نجّار فيديو الديكور: الأسطى خِضر الكالوني وولده مسعود

بويات الديكور: الانجباوي الاخضراوي الاحمراوي خليل

ستاند باي إلكترونيك: طنطاوي البنهاوي الجيزاوي أبو عيسى

مساعد كاميرا تليفريك إنسايد رايت: الفرحان رمضان أبو زغيلة

مساعد كاميرا سنتر هاف أوتوماتيك: المطاميري محمد ممنون النمساوي.

واستمرّت التترات تتوالى وبدأت في عرض أسماء زوّار الاستديو أثناء التصوير .. فحوّلتُ إلى قناةٍ أخرى .. في القناة الأخرى لا تزال ندوة "الأغنية" مستمرّة .. المذيعة تستضيف عدداً من مؤلّفي الأغاني لتُلقي إليهم باتهامٍ واضح وهو أن أغاني "السد العالي" لم ترتفع إلى مستوى هذا الحدث التاريخي وهو بناء السد .. استشاط الأستاذ "خنفر" مؤلّف الأغاني غضباً وقال للمذيعة أن هذا الاتهام باطل وغير صحيح .. فهو الذي قال في مناسبة تحويل مجرى السد هذا الكلام الخالد العظيم:

-       أنا رُحت السـد العالي

يا سلام ع السد العالي

حاجة حِلوة بجد يا خالي

أنا شُفت المجرى بيتحوّل

حبّيته أكثر م الأوّل.

وبكى الأستاذ "خنفر" ليؤكّد انفعاله الشديد بهذه المعاني .. فانتهز الأستاذ "علي بلحة" فرصة بكائه لينبري مُدافعـاً عن نفسه أمام اتهام المذيعة وقال أنه يكفيه فخراً أنه مؤلّف الأغنية التي تقول بكل انفعال:

السد العالي ده سد عالي

عال وعالي وف العلالي

عالي یا عیني يا لیلي عالي

عِلِوْ جامِد عِلِو عالي

وأعقبه بعد ذلك الشاعر الغنائي الأستاذ "سوسة النشوان" وقال أن قصيدته التي غنّاها المطرب "عصفور الكروان" تدفع تهمة المذيعة إذ تقول قصيدته:

أیا مجری .. أیا سَمرا

سمراء أنتِ الآن وفي الفيضان حمرا

فلا فيضان من بكرة

لا ف الجيزة ولا غمرة

ولا ف الدقي أو شبرا.

حوّلتُ إلى القناة الأخرى .. ووجدتُ أن التترات ما تزال تعرض أسماء زوّار الاستديو أثناء تصوير تمثيليّة "الجنون المفتخر" .. فأغلقتُ التليفزيون.

فتحت الراديو على برنامج "ما يطلبه المستمعون" .. سؤالٌ بايخ يلح على رأسي: إذا كان هذا البرنامج اسمه "ما يطلبه المستمعون" فهل معنى ذلك أن باقي البرامج هي ما لا يطلبـه المستمعون؟

الأربعـاء:

فتحتُ التليفزيون على ندوةٍ أدبيّة وخناقةٍ رهيبة: هل كان "دستويفسكي" متأثّراً بـ"جوجول" أم "بتورجنيف"؟ .. الدكتور "نجيب أديب" يقول في هذه القضيّة المطروحة:

-       لكي نصل إلى جواب على هذا السؤال ينبغي علينا أوّلاً أن نجيب على هذا التساؤل الهام: هل كان "دستويفسكي" يؤمن بالمطلقات الأفقيّة أم بالسطوح الخلفيّة وراء المضمون المفترَض.

رد عليه الدكتور "غريب القصّاص":

-       تقصد أن "دستويفسكي" كان متوازي الأضلاع الفكريّة في حقيقته التجريبيّة العليا؟

فقال الدكتور "أديب":

-       بل أقصد أن "جوجول" استقطابي.

الدكتور "القصّاص":

-       متأسف .. "جوجول" غير استقطابي .. "جوجول" استروائي".

"أديب":

-       استقطابی.

"القصّاص":

-       استروائي.

-       استقطابي.

-       استروائي.

-       عند هذا الحد من المناقشة انقطع التيّار الكهربائي من البيت .. فشكراً لمسؤولي شركة الكهرباء.

google-playkhamsatmostaqltradent