خبر
أخبار ملهلبة

السر ف زير (3) | خارج المألوف


رجل مهم من رجال الأعمال أو النفوذ أو السلطة يجلس بالشورت والفانلة بجانب حمام السباحة ويرفع كأساً به مشروب

السِر ف زير (3)

 

 

ديسمبر :

- آلو.

- أيوه يا حبيبي.. أنا "سماهر".

- إزيِّك يا حبي.. واحشاني قوي.

- طب ما تيجي لي شويّة الليلة دي.

- لأ.. ما اقدرش.. عندنا اجتماعات الليلة لوِش الصُبح مع الوفد الأمريكي.

- وإن شاء الله بقى الوفد ده فيه كام ست؟

- هههههههه.. لا والله.. ده كلّه خناشير.

- طب ما تخلع منهم وانا اسهّرك سهرة جنان.

- يا ريت.. بس ما ينفعش.. بقى الريّس نَفسه يحضر الإجتماعات دي وانا النائب بتاعه أخلع؟

- ما تبقاش بايخ بقى.. ده احنا من يوم ما اتجوزنا ف "أمريكا" من كام شهر واحنا ما قضّيناش مع بعض غير يا دوب تسع ليالي.. شوف أنا عادّاهم إزاي.. أنما انت تقيل ووحش.

- واللهِ لو عليَّ انا عايز ابقى معاكي على طول.. بس اعمل إيه؟.. المسؤوليّات ما بتنتهيش.. عموماً أنا عندي سفريّة الشهر الجاي "لروسيا" وممكن نتقابل هناك.

- وهوّ انا لسّه ح استنّاك الشهر الجاي.. ده انا كنت عايزاك ف موضوع ما يستنّاش لبكره.

- خير؟

- مش ح ينفع في التليفون.

- قولي بس قبل ما انشغل.. فيه إيه؟

- بقى مدير المخابرات بعت لي واحد يقول لي إنه ح يبعت لي السوّاق بكره علشان ياخدني ف مشوار زي زمان.

- مشوار إيه ده اللي زي زمان؟

- بقى زمان كان بيخلّيني اقضّي سهرات حمرا مع ناس مُهِمّين ف أوتيل معيّن قُصاد فلوس كتيرة.. وكان بيصوّر السهرات دي بكاميرات خفيّة حاطِطها ف الأوضة.. وبيحتفظ بشرايط الفيديو بتاعتها.. بعد كده كان بيبتز الناس المهمّين دول علشان يعملوا اللي هوَّ عايزه وإلّا يفضحهم بالشرايط دي.. وبقى لي كتير بعد ما ربّنا كرمني وبقيت رقّاصة مشهورة ونجمة سينما ما رحتش ولا سهرة من دول.. أنا قلت نسيني وشاف له واحدة تانية غيري.. وبصراحة أنا ما اقدرش اعمل اللي كنت باعمله زمان.. لا انا محتاجة فلوس ولا شهرة.. وبعدين انا خلاص اتجوّزتك.

- وبعدين؟

- وبعدين إيه؟.. أنا عايزاك تكلّمه يشيلني من دماغه.

- بصفتي إيه؟

- بصفتك جوزي.

- ومين يعرف إني جوزِك.. ما انتي عارفة إن عقد الجواز العرفي اللي بينّا معمول من نسخة واحدة بس.. والنسخة دي كانت معايَّ قبل ما..... قصدي قبل ما اشيلها.. حتَّى الاتنين الشهود كانوا م الحرس بتاعي.. ودول ما يقدروش يفتحوا دي عن دي.. وكنتي انتي موافقة على كده م الأوّل علشان مركزي ف البلد.. تقومي تيجي ده الوقت تطلبي مني افضح نفسي بنفسي.. ومع مين؟.. مع أرزل خلق الله.. مع مدير المخابرات.. ده كان يمسكها لي زِلّة طول العمر.. ده راجل واطي وما ح يصدّق.. وبعدين انا اتجوّزتِك علشان تنسّيني همومي.. مش تركّبيني هموم زيادة.

- يعني انت ترضى إن مراتك تقضّي ليلة مع راجل تاني.. أومّال أصرّيت ليه على إننا نتجوّز عُرفي؟.. مش انت قلت لي انك ما بتحبّش تعمل حاجة حرام؟

- وهوَّ إيه الحرام بالنسبة لي ف الموضوع ده؟.. ما هو انتي لو ح تقضّي ليلة مع راجل تاني من غير ما انا اعرف تبقي ح تاخدي الذنب لوحدك وانا ابقى ما اعرفش حاجة.. ولو ح تقولي لي زي ده الوقت ح اقطّع ورقة الجواز العرفي يعني ح اطلّقك وساعتها مش ح تبقي على ذمّتي وبرضه ح تاخدي الذنب لوحدك.. ولمّا تخلصي المشوار ده ابقي قـولي لي ونكــتب ورقة تانية.. وبكده ابقى مش باغضب ربّنا.. حاكم أنا باخاف من ربّنا قوي وما باسيبش أي فرض والحمد لله.. وإذا كان ع الجواز العُرفي.. ففيه شيوخ كتير حلّلوه.. يعني أنا في السليم.. دي مشكلتِك لوحدِك لازم تحلّيها بنفسِك.

- بقى كده.. وانا اللي كنت فاكراك ح تحميني.. طب انا ح اتصرّف.. ويا ريتك تقطّع الورقة اللي بينّا من ده الوقت.

وأغلقت "سماهر" الهاتف في عصبيّةٍ وغضب، ثم اتّصلت ولكن بالرقم الخاص بمدير المخابرات هذه المرّة، وبعد لحظات أتاها صوْته الكريه :

- آلو.

- مساء الخير يا سعادة الباشا.

- "سماهر".. إزيّك يا بِت.

- يعني عرفت صوتي على طول أهُه؟

- أنا مدير المخابرات يا ضايعة.. مش كُفتجي.. تصدّقي انتي بنت حلال.. أنا كنت ح اخلّيهم يتّصلوا بيكي علشان يأكّدوا عليكي ميعاد بكره.

- لو سمحت انا ما بقيتش بت ولا ضايعة.. وكمان مش ح اروح مشوار بكره ده.

- الله الله الله.. ده احنا صوتنا عِلِي وبقينا كبار قوي أهو.. و بنعرف نخربِش.

- أيوه انا ما بقتش صغيّرة.. حضرتك عارف كويّس انا بقى وضعي إيه ده الوقت.. وما اقدرش اعمل الحاجات دي زي زمان.

- واللهِ انا كنت مطلّعك من حساباتي خالِص.. بس اعمل إيه بقى؟.. الزبون بتاع بكره طلبك بالإسم.. ح تكسفيه يعني؟

- آسفة.. ما اقدرش.

- طب وعلشان خاطري.

- خاطرك على عيني بس برضه ما اقدرش.

- طب وعلشان خاطر الشرايط بتاعتِك اللي عندي.. ده جمهورِك ح يفرح قوي لمّا يتفرّج عليها.

- مش ح تقدر تفرّجها لحد.. لإني مش طالعة فيها لوحدي.. يعني اللي معايَّ ف الأفلام دي مش ح يسكتوا لك.. دول كلّهم ناس كبار.

- وهوَّ إيه اللي يطلّعهم ف الأفلام دي؟.. أنا من بكره اجيب أكبر مخرج ف العالم يعمل مونتاج وميكساج والذي منه واخلّيه يطلّعك لوحدِك وأي حد تاني يطلع بضهره أو تتحط على وِشه بُقعة سودة تغطّي ملامحه.. مش عندكم كده ف السيما برضه.. إنتي عارفة؟.. ده انا ممكن أجيب "هيتشكوك" ذات نفسه.. ما انا اصلي ماسِك عليه أفلام هوّ راخر.. ها ها هاي.

- يعني انا ح افضل كده تحت رحمتك على طول؟

- صدّقيني مش ح اطلبك إلا لو حَد ح يموت عليكي.. خلاص بقى فُكّيها.

- أنا ح اعتبر ده وعد منك.. وح اروح مشوار بكره.. بس انا خايفة حَد يعرف حاجة عن السهرات دي.

- ما تقلقيش.. سرِّك في بير.. ومش أي بير.. ده بير غويييييط ما لهوش قرار.

مارس :

مرّت ساعةٌ كاملة ومدير المخابرات ينتظر مقابلة الرئيس دون جدوى، وأخذ مدير المخابرات يتساءل عن السبب الذي جعل الرئيس يسعى في طلبه على هذا النحو من السرعة، ثم يتساءل مرّة أخرى عن السِر وراء مكوثه منتظراً طوال هذا الوقت، فما دام الرئيس متعجّلاً للقائه فلماذا يجعله جالساً كأي كَمٍّ مُهْمَلٍ هكذا؟، لابد أن في الأمر مكيدة يدبّرها أحد أفراد الحاشية الرئاسيّة ضده، وفجأة انفتح باب مكتب الرئيس، ودعاه رئيس مراسم ديوان الرئاسة للدخول؛ فدخل وهو مضطرب ففاجأه رئيس الجمهورية ببدايةٍ هجوميّة غير متوقّعة :

- سيادتك شرّفت.

- جنابك انا بقى لي ساعة برّه.. خير؟

- والخير ح ييجي منين وانا عندي مدير مخابرات نايم على ودانه.

- أنا!

- لأ.. أُمّي.

- العفو يا فندم.. إيه اللي حصل بس؟

- شويّة العيال بتوع حزب "الشباب" دول عارف بيخطّطوا لإيه؟.. ولّا إنت عايم في ميّة البطيخ و قاعد سرحان ف البَلالة؟

- لا يا فندم عارف.. ومراقب كل تحرّكاتهم.. بس مش عارف امسك عليهم حاجة.. ولاد الكلب دول حريصين جداً.. وتقريباً ما بيغلطوش أي غلطة أقدر امسكها عليهم وادخّلهم بيها المعتقل أو احل الحزب بحجّة إنه بيهدف لقلب نظام الحكم.

- وانت من إمتى يا اخويا بتستنّى حد يغلط؟.. أومّال فين الشغل بتاع زمان؟

- يا فندم كل وقت وله آدان.. وشغل زمان ما بقاش ينفع ده الوقت.. ده الوقت فيه تليفزيون وإذاعة وصحف وجمعيّات حقوق إنسان.. غير بلاد برّه اللي حاطّين عينيهم علينا.

- إتصرّف.. الأسبوع ده تكون مخلّصني منهم.

- إزاي؟.. قصد سيادتك نقتلهم؟

- آه يا خويا نقتلهم.. خلّيهم ملمومين ف أي اجتماع وفجّر فيهم قنبلة تودّيهم ف ستّين داهية.. وبالمرّة اُقْبُض على بتوع حزب "الحق" والْزَق التُهمة فيهم.. يبقى كده خلصنا م الجوز وقَرَفهم.

- أيوه يا فندم بس انا.....

- إنت إيه؟.. ما عملتهاش قبل كده؟.. أومّال مين اللي قتل مراته وعشيقها من اربع سنين؟.. إنت باين عليك عجّزت خلاص.. ولو ما عملتش اللي باقول لك عليه ح تضطرّني افتح الملفات القديمة والتحقيقات اللي اتحفظت تطلع.. هوَّ انا يعني كنت باتستّر عليك علشان تعمل لي فيها حنيّن.

- خلاص يا فندم.. إعتبر أوامرك اتحقّقت.. قبل نهاية الأسبوع  ح يبقى ما فيش حزب اسمه "الشباب".. وربّنا يستر وما حدّش يشمشم ورانا.

- ما تقلقش.. سرّك في بير.. ومش أي بير.. ده بير غويييييط ما لهوش قرار.

أبريل :

خرج الرئيس من حمّام السباحة الكائن بقصره وهو منتعش، وأعطاه الخادم البُرْنُس فارتداه في خفّةٍ وجلس إلى إحدى الموائد يتناول بعضاً من الفاكهة ويحتسي كوباً كبيراً من الجعّة، وكان ينتظر ما بيْن الفينة والأخرى أن يوافيه نائبه بعد أن أرسل في طلبه منذ دقائق، وبالفعل لم يكد يكمل كوب الجعّة حتَّى أتى النائب وجلس إلى جواره، فأشار الرئيس إلى خدمه بأن ينصرفوا ليتركوهما وحدهما، وبدأ الرئيس كلامه وهو يشيح برأسه بعيداً متفادياً النظر في عيْنيْ نائبه :

- إيه اللي انا سمعته ده؟

- خير؟

- على موضوع صفقة الأسلحة الجديدة.

- ما لها؟

- إنت مش شايف إن الموضوع زاد عن حدّه قوي اليومين دول؟

- ليه؟

- مش كفاية بقى؟.. صفقات أسلحة تسمسر فيها بالملايين.. وأرض تحط إيدك عليها بالملايين.. وتوكيلات وشركات تشتريها بالملايين.. وقروض تاخدها من البنوك بالملايين.. إنت إيه؟.. ما تشبعش؟

- سبحان الله!.. وهوَّ انا كنت باحاسبك زي ما انت بتحاسبني حساب المَلَكين كدهو؟

- ما تنساش نفسك.

- الظاهر يا ريّس انت اللي نسيت.. نسيت إني كنت شايل راسي على كَفّي وحطّيت إيدي ف إيدك.. واتعاهدنا سوا إننا نِخْلَص م الريّس اللي قبلك.. وبعد ما حقّقنا اللي كنا عاوزينه اتنازلت لك عن الرئاسة وبَدِّيتك على نفسي.. جاي تحاسبني ده الوقت؟.. ياترى لو كنت انا الريّس وانت النائب كان ح يحصل كده؟

- ما فيش داعي تفكّرني.. أنا مش ناسي.. بس انا كمان ما اقدرش اسكت.. اللي بتعمله ده كتير قوي.

- مش اكتر م اللي بتعمله ياريّس.. وإذا كنت فعلاً مش ناسي كنت افتكرت كمان إن قبل ما نسمِّم الريّس الله يرحمه كل واحد فينا كتب ورقة بخط إيده ومضى وبصم عليها وادّاها للتاني علشان يشيلها ف حتّة ما يعرفهاش صاحبه.. والورقة دي بقى مكتوب فيها اعتراف تفصيلي بالاتفاق اللي اتعاهدنا عليه واللي نفّذناه علشان ما حدّش يرجع ف كلامه أو يخون صاحبه.. يعني لو انت مش ح تقدر تسكت ع اللي انا باعمله انا كمان مش ح اسكت وح اهدم المعبد ع اللي فيه.

- طب هدّي اللعب شويّة.. وما تفرّحش فينا أعدائنا.. دول لو عرفوا باللي حصل ح يقرقشونا بسنانهم.

- ما تقلقش.. سرّك في بير.. ومش أي بير.. ده بير غويييييط ما لهوش قرار.

 

واكتملت الدائرة.. ولكنها ليست دائرةً وحيدة.. بل هي مرتبطةٌ بدوائرٍ أخرى لا تنتهي.. كما أنها لا تتوقّف عن الدوران (*).

مايو :

وصل دكتور "حجاب عبد الستّار الكاشف" وزير التعليم العالي إلى مكتب السيّد نائب رئيس الجمهوريّة في موعده، فقد كان يريد أن يطلب منه طلباً شخصيّاً، حيث كان..................................                                  (تُتْبَع إلى ما لا نهاية).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) صَعِدَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْمِنْبَرَ، فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، ولَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، ولا تُعَيِّرُوهُمْ، ولا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَةَ الْمُسْلِمِينَ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ ولَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ".................................................................... صدق رسول الله.

google-playkhamsatmostaqltradent