خبر
أخبار ملهلبة

"مجزرة حي التضامن" تعيد فتح ملف الجيوش العربية وتفرض مجموعة أسئلة مكررة

الصفحة الرئيسية



"مجزرة حي التضامن" تفتح ملف الجيوش العربية من جديد وتفرض مجموعة أسئلة مكررة

 

 

بعد أن كتبت مقالاً طويلاً عن قصّة "مجزرة حي التضامن" بالتفصيل فضّلت أن أحذفه وأستبدله بمجموعةٍ من الأسئلة التي تتكرّر كثيراً بعد كل تدخّلٍ لأي جيشٍ من الجيوش العربيّة في الحياة السياسيّة والاجتماعيّة لشعوبها المنكوبة .. حقيقةً حذفت المقال بعد أن شعرت بالصدمة أوّلاً ثم بالحزن الشديد والاكتئاب وأخيراً باليأس والعجز عن الكلام باسترسال في هذا الأمر .. خصوصاً بعد مشاهدتي لفيديو المجزرة الأصلي من بدايته ودون حذف والذي رأيت ألّا أعرضه مع الفيديوهيْن المرفقيْن حتى لا أصدّر لكم ذاك الشعور بالمعاناة والامتعاض والألم الذي مررت به أثناء المشاهدة.

في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين دأب محتلّونا – نحن الشعوب العربيّة – على إنشاء جيوشنا من الأجانب والمرتزقة ليضمنوا سيطرتهم على تلك الجيوش ولضمان ولائها لهم ولإخضاع المواطنين الأصليين أمامهم بل وللقضاء على أي حركات أو ثورات تحرّريّة للشعوب المُحتَلَّة .. وكانت المهمّة الأولى لتلك الجيوش هو مساندة القوى الاستعماريّة وتوْطيد حُكمها ضد كل مَن تسوّل له نفسه مقاومة هذا الاستعمار أو المطالبة بالاستقلال .. ومع الوقت أدرك المستعمرون أن تكلفة تلك الجيوش مرتفعة وأن ولاء جنودها يأتي أوّلاً للأموال والامتيازات الممنوحة لهم فبدأوا في اتباع سياسةٍ جديدة بأن أدخلوا بعضاً من مواطني البلد المحتَلَّة داخل تلك الجيوش فهم أقل تكلفةً وأكثر ولاءً (خصوصاً إن كانوا من محبي السُلطة ومن مصابي السيكوباتيّة) .. وأظن أن جميعنا قرأ في كتب التاريخ كيف ساهمت تلك الجيوش (التي أصبح من ضمنها مواطنون أصليّون) في إخماد بعض الانتفاضات والفورات التي حاول أهل البلد المحتَلَّة القيام بها .. وقرأنا أيْضاً عن أفرادٍ وضُبّاط (وهم أصلاً مواطنو هذه الدوْلة المحتَلَّة) من هذه الجيوش تسلّطوا على أهاليهم الذين دعوا للاستقلال وطَرْد المستعمِر بل وقاموا باعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم إرضاءً وتزلّفاً للمستعمر الذي سلّطهم على ذويهم .. واستمر ذلك الحال طويلاً حتى قام بعض أفرادٍ من هذه الجيوش بالتمرّد على قوّادهم والقفز على كرسي الحُكم والاستئثار بالسلطة لصالحهم .. ولكن هؤلاء المتمرّدون الذين أصبحوا حُكّاماً لم ينسوا ما نشأوا هم وسابقوهم فيه فاعتبروا أنهم يملكون الجيش وأن المهمّة الأولى لهذا الجيش التابع لهم (وليس للشعب) هي تثبيت أركان حُكمهم وإجهاض المعارضة ضدهم وتدمير كل مَن يهدّد نفوذهم وسلطانهم وحمايتهم من أي تدخّل داخلي يمكن أن يغيّر من نظامهم .. فنرى الآن في دساتير بعض الدول العربيّة (إن كان لها دستوراً بالأساس) أن وظيفة الجيش الأساسيّة هي حماية الشرعيّة الدستوريّة أو نظام الحكم (ضد الخطر الداخلي) ثم تأتي بعد ذلك وظيفته التالية في حماية الوطن (ضد الخطر الخارجي) والزوْد عن أمن وسلامة أراضيه.

هكذا كان استخدام الجيش ضد الخطر الداخلي (المعارضون والثائرون) أوْلى بالاهتمام والمقاومة والقتل – من وجهة نظر الحُكّام العرب – من استخدامه ضد الخطر الخارجي (أعداء الوطن الحقيقيّين) .. وللاستدلال على صحّة افتراضي أرجو منكم أن تجيبوا على تلك الأسئلة:

-       كم حرباً أو معركةً خاضتها الجيوش العربيّة ضد شعوبها بحجّة تطهير البلاد من الخونة والإرهابيّين؟

-       كم عدد الأنظمة العربيّة التي لم يطلق جيشها رصاصة واحدة على العدو الصهيوني بل تفرّغ فقط للتنكيل بمعارضيها وأَسْرِهم في المعتقلات وقتلهم بدمٍ بارد؟

-       كم طاغية عربي استعان بجيش بلاده في إبادة مَن ينتقده وإزهاق أرواح مَن يعترض على ظلمه؟

-       كم عدد الضحايا السياسيّين والمفكّرين الذين سقطوا جرّاء محاربة جيشهم الوطني لهم وأُطلِق عليهم لقب "إرهابيّون"؟

-       كم عدد ضبّاط أو أفراد الجيش الذين قتلوا مواطنيهم فترقّوا وكوفِئوا وأُطلِق عليهم لقب "أبطال"؟

-       كم عدد ضبّاط أو أفراد الجيش الذين قُتِلوا أثناء مقاومة الثوّار لهم (حيث اضطر الثوّار للمقاومة وخافوا أن يستسلموا حتى لا يحيق بهم مصير الضحايا في مجازرٍ كمجزرة التضامن) فأُطلِق عليهم لقب "شهداء الواجب"؟

-       إلى متى ستظل الجيوش العربيّة مصدراً لتهديد مواطنيها (إذا شاء استخدامها الحُكّام الطواغيت العرب) بدلاً من أن تكون ملاذاً وحمايةً ودرعاً لهم وردعاً لأعدائهم؟

google-playkhamsatmostaqltradent