خبر
أخبار ملهلبة

لماذا يساند الجميع "إيمان البحر درويش" ويهاجمه الإعلام؟ | أفضل الجهاد قول الحق

 


أفضل الجهاد قوْل الحق




تجرّأ الفنّان "إيمان البحر درويش" وانتقد توجيه الرئيس "السيسي" للحكومة بتحلية مياه البحر وهو ما يعكس يأس الدوْلة المصريّة من الحصول على حق "مصر" المشروع في مياه النيل خصوصاً بعد اتفاقية إعلان المبادئ بين "مصر" و"السودان" و"إثيوبيا" والتي وقّعها من طرفنا السيّد الرئيس .. وانتقد أيضاً ما أسماه بـ"إعلام العار" الذي يوهم الشعب بعكس الحقيقة خوفاً من أن يفيق الشعب على كارثةٍ مدوّية .. ثم قامت الدنيا عليه ولم تقعد وتجرّدت العديد من الحملات للهجوم على الرجل وانهالت الكثير من سهام التجريح على شخصه وهاجمه أقطاب إعلامنا "الوطني الحُر" فكالوا له الاتهامات والسباب من كل حدبٍ وصوْب .. ولذلك لم استطع اتخاذ موقف المتفرّج من تلك الأحداث وقرّرتُ – بعيداً عن الإدلاء برأيي المتواضع (الذي قلته من قبل في مقالٍ سابق) في ملف سد النهضة والذي لن يقدّم أو يؤخّر في أمرٍ نعرفه كلنا تماماً ونعرف مَن هو المصيب ومَن هو المخطئ – أن أدلو بدلوي في هذا الأمر .. طبعاً هو ليس في حاجةٍ لدفاعي عنه لأنه قادرٌ على الدفاع عن نفسه وردع المتجاوزين في حقه .. وأنا أيضاً لست في حاجةٍ لأن أشرح لكم دوافعه ومبرراته لاتخاذه ذلك الموقف المشرّف لأنه الأجدر بذلك عندما أصدر بيانه الأوّل ثم الثاني .. وأنتم كذلك لستم في حاجةٍ لأحدّثكم عن هذا الفنّان المحترم لأننا جميعاً نعرفه منذ عشرات السنين ونعرف أخلاقه العالية وآرائه الراجحة .. ما أنا بصدده الآن هو الرد على هؤلاء الذين تركوا جوْهر ما قاله وحاولوا استدراجه إلى معاركٍ شخصيةٍ جانبية لإلهاء الناس عمّا يقصده من وراء ذلك فتارةً يصِمونه بعدم الوطنية وتارةً ثانية يرون أنه يتكلّم فيما لا يفقه وتارةً أخرى يتهمونه بالفشل .. فاسمحوا لي أن أوجز ردي في الأسئلة والتساؤلات التالية:

·      أليس للرجل الحق في الإدلاء برأيه في أمرٍ عام يخصّ وطنه وبني جِلدته عموماً ويخصّه هو شخصيّاً باعتبار أن ما سيسفر عنه الأمر سيطاله ويطال الجميع؟ .. هل هو (حيا الله) مجرّد كائن يحمل الجنسيّة المصريّة عليه أن يأكل ويشرب ويعيش ويتنفّس فقط في هذا الوطن دون أن يفتح فمه (إلّا عند طبيب الأسنان أو طبيب الحنجرة) ولا ينبغي له الخوْض فيما لا يعنيه حتى لا يجد ما لا يُرضيه من اللي يسوى واللي ما يسواش؟.. أينبغي عليه أن يتحمّل عواقب فِعلته الشنعاء عندما تمسّك بمصريّته وتاريخ أسرته الوطني ولم يسعَ (وهو قادرٌ على ذلك) لاكتساب جنسيّة دوْلةٍ أخرى له ولأبنائه كما يفعل أغلبُ زملائه من الفنّانين والمشاهير الذين يأخذون وضع الاستعداد دائماً للقفز من سفينة الوطن والهجرة لوطنهم البديل في حالة غرق البلد المتوقّع.

·      أكان عليه أن يكتم قوْل الحق وينساق مع باقي قطيع القوّة الناعمة فيسبّح (استغفر الله العظيم) بحمد الحاكم الواحد الأحد (الذي لا يأتيه الباطل من بيْن يديْه ولا من خلفه) آناءَ الليْلِ وأطرافَ النهار حاملاً في جِيدِه الطبلة أو الطار (أو كلاهما معاً إن أمكن) ليقف مع زملائه في "ميدان التحرير" صادحاً في أغنيةٍ شهيرة تتخلّلها عباراتٍ رنّانة بصوْت الرئيس البطل حامي "مصر" والمصريين؟ .. لقد انتقد الرجل تصرّفاً للرئيس ووجده (كما نجده جميعاً) أخطأ كأي بشرٍ غير معصوم ولم ينتقد شخص الرئيس نفسه .. حتى وإن فعل فالرئيس مسؤولٌ يشغل منصباً عامّاً قابلاً للمعارضة والتصويب في حدود الأدب واللياقة .. وهو (أي الرئيس) ليس بأفضل من الفاروق "عمر بن الخطاب" (رضي الله عنه) الذي قال لمبايعيه: "إذا أصبت فأعينوني وإذا أخطـأت فقوّموني .. فلا خيْر فيكم إن لم تقولوها ولا خيْر فينا إن لم نسمعها" .. وعندما ردَّ عليْه "بِشر بن سعد" قائلاً: "واللهِ لو رأيْنا فيك اعوجاجاً لقوّمناك بسيوفنا" لم يغضب "عمر" (ولم يغضب له أحدٌ من مواليه) بل رد شاكراً: "الحمد لله الذي جعل في أُمّة محمّدٍ مَن يقوّم عمرَ بسيْفه".

·      مَن أجدر بالمهندس المدني "إيمان البحر درويش" ليتكلّم فيما يخص بناء السدود وعملية تحلية البحر؟ .. هل نحتاج لعباقرة كـ"نشأت الديهي" و"محمد الباز" و"مصطفى بكري" و"أحمد موسى" وهم مَن هم في مجال دراسة الطاقة النوويّة الذريّة المهلبيّة؟ .. وللحق أقول أن أي فرد يمكنه عرض وجهة نظره في أي أمرٍ عام يخص البلاد ما لم يتطرّق لأمور فنيّة دقيقة وما لم يفتي بما لا يعلم أو يدرس.

·      هل اعتمد "إيمان" على انتسابه لجده "سيّد درويش" دون أن يحمل أي موهبةٍ فنيّةٍ على الإطلاق كما قالوا؟ ..  وإن كان هذا صحيحاً فكيف استمر نجاحه طيلة أربعين عاماً استطاع فيها أن يضع كلمات ويلحّن ويغنّي مئات الأغاني التي ما زال يستمع لها عشرات الملايين من "مصر" والوطن العربي؟ .. وبالمناسبة: سمعتُ أحدَهم يقول عن جِده "سيّد درويش" (الذي لحّن نشيد "مصر" الوطني) أنه كان مدمناً للحشيش والأفيون .. بالفعل لقد شنّع عليه الانجليز ومَن والاهم بتلك الفِرية المزعومة في إطار سياسة هدم وتشويه رموز "مصر" (كـ"صلاح الدين الأيّوبي" و"أحمد عرابي" و"محمود سامي البارودي" و"عبد الله النديم" و"سعد زغلول" و"محمد متولي الشعراوي" وغيرهم) بل وادّعوا أيْضاً أنه مات من جرعة مخدرٍ زائدة ليُبعدوا عن سُلطة الاحتلال تهمة تسميم فنّان الشعب بزيت الزرنيخ الذي قُتِل به وهو في الحادية والثلاثون من عمره لدوْره البارز في إزكاء الروح الوطنيّة للمصريين وحشدهم (مسلمين ونصارى ويهودضد الاحتلال بعد قيامه بتلحين عشرات الأغاني الوطنيّة أشهرها "قوم يامصري" وآخرها "مصرنا وطنّا .. سعدها أملنا .. كلنا جميعاً .. للوطن ضحيّة" التي لحّنها استعداداً لعوْدة الزعيم "سعد زغلول" من منفاه بجزيرة "سيشل" .. وهو ما ثبت يقيناً عندما رفض الانجليز طلب أسرته بتشريح جثته حتى لا يُفتَضَح أمرهم ثم أمروا بفصل أي طالبٍ يقوم بغناء أغانيه في معهد الموسيقى العربيّة ليغتالوه فنيّاً كما اغتالوه معنويّاً.

 ·     يقولون أن هذا الفنان مكروهٌ من زملائه فكيف ذلك وهم الذين اختاروه باكتساح كأوّل مطربٍ يصبح نقيباً للموسيقيّين حتى تمّت الإطاحة به بعد أقل من عام لأنه لم يرضخ لأمورٍ غير قانونيّة لم يُفصِح عنها حتى الآن تقديراً للزمالة بسبب تربيته المحترمة.

 ·   ألم يرَ مهاجموه أنه فنّانٌ مصريٌ كان خيْرَ ممثّلٍ لبلده عندما جني العشرات من الجوائز والتكريمات في مختلف دول العالم وحصل على جائزة فنان العرب الدولية لعام ٢٠١٩ من المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي بالنرويج؟

·      ولكي أكون محايداً فأنا أرى أن الفنّان "إيمان" به عيْبٌ فنيٌ خطير  يجب أن أصارحكم به: فالرجل في منتهى التقصير في حق وطنه وأهله فكيف يتجاهل حتى الآن الاشتراك في المهرجانات؟ .. وأنا بالطبع لا أعني المهرجانات الفنيّة التي سبق وأن شارك في العديد منها (كمهرجان "جرش" و"فلسطين" و"القلعة" وغيرها) فهي مهرجانات غير ذات أهميّةٍ على الإطلاق بل أعني المهرجانات الأصليّة الأصيلة كمهرجان "لغبطيطا" ومهرجان "هات لي فودكا وجيفاز" ومهرجان "بسكوتاية مقرمشة" والمهرجان الشاعري "قلبي عايز صرمة" .. إلخ إلخ .. لماذا يتعالى على الناس ولا يأخذ قدوته من "حمّو بيكا" و"سعد حريقة" و"فيجو الدخلاوي" و"المدفعجيّة" و"أوكا" و"أورتيجا" وباقي أساطين الغناء الذين سيذكرهم تاريخ "مصر" المعاصر إلى آخر الزمان؟ .. لماذ يُصِر على غناء أغاني محترمة لا تؤكّل عيش حاف مثل "قول يا قلم" و"مين السبب" و"نِفسي" و"دار الزمن" و"ولا عمرِك وحشتيني"؟ .. ألم يكن من الأدعى له والأجدى للمتلقّي أن يشدو بالأغاني اللي بتأكّل الشهد من عيّنة "العنب العنب" و"باحبّك يا حمار" و"باحب أكْل الموز" و"ركّبني المرجيحة"؟ .. كيف يصرف هذا الرجل على الأغاني الوطنيّة (التي تخلّد اسم الوطن وليس فرداً في الوطن) من جيبه الخاص دون تكليفٍ من جهةٍ عليا تنتجها له كأغنية "إصحي يا أيّامنا" و"رسمتِك" و"الشهيد" و"الأقصى يا الجنّة" وغيرها من الأغاني الهابطة التي لا تذاع أصلاً ؟ .. فليستمع إلى الأغاني الوطنيّة الجميلة الأخرى التي تملأ الإذاعيّات والفضائيّات والبرمائيّات كأغنية "يا ابو دبّورة ونسر وكاب" و"بنحب السيسي" والأغنية الكوزموبوليتان الرهيبة "يس سيسي وي لاف يو" .. ألم يجد مَن ينصحه بعدم غناء الأشعار الركيكة كالتي تقول "عود الزتون عودي .. سامحوني يا جدودي .. يا قُدس ح تعودي"؟ .. ما هذا الهراء أمام قصيدة "عود البطل ملفوف .. وانا لسّه ياما ح اشوف .. شفتك قمر طالع .. واحمر خدود فاقع .. يا فراولة الحِتّة" .. أهي دي "عود" ودي "عود" بس "عود" عن "عود" يفرِق .. لا مؤاخذة يا هندزة.

أختتم مقالي هذا أوّلاً بالدعاء لأخينا "إيمان" بالثباتِ في الأمر والعزيمةِ على الرُشد ثمَّ ثانياً بتلك العبارات والنصائح والتكليفات الإلهيّة:

-       "إن قوْلَ الحق لم يدع لي صديقاً فكُفّوا ألسنتكم فإن مقتل الرجل بين فكّيْه" .......... "النعمان بن حميضة البارقي".

-       "قُل الحق وإن كان مُرّاً ولا تخاف في الله لوْمةَ لائم" .......... "حديثٌ شريف".

-       "ألا أخبركم بخيْر الشهداء؟ .. الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها" .......... "حديثٌ شريف".

-       "وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ" .......... "قرآنٌ كريم".

-       "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" .......... "قرآنٌ كريم".

-       "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" .......... "قرآنٌ كريم".

google-playkhamsatmostaqltradent