خبر
أخبار ملهلبة

"أبو تريكة" ستايل: أجوبة مفيدة عن أسئلة محيّرة حول الشذوذ الجنسي | مقال للكبار فقط

الصفحة الرئيسية



"أبو تريكة" ستايل: أجوبة مفيدة عن أسئلة محيّرة حول الشذوذ الجنسي | مقال للكبار فقط

 

 

في هذا المقال الجاد البعيد عن الهزل والسخرية سوف أستعرض عليكم مجموعةً من الأسئلة المحيّرة والتي قد تجول في خاطر بعضنا فتُسبّب كثيراً من الخلط والالتباس والتذبذب .. وسوف أجيب على تلك الأسئلة من واقع حُكْم الدين وفتاوى علمائه وليس من واقع رأيي الشخصي القاصر والمتواضع .. أي أن دوري في هذا المقال سوف يقتصر فقط على جمع التساؤلات وإجاباتها من عدّة مصادر دينيّة وعلميّة ووضعها كلها بين أيديكم وتحت أعينكم وأمام عقولكم .. ونسأل الله الإفادة والاستفادة.

ما هو الشذوذ الجنسي؟

الشذوذ الجنسي هو أي ممارسة جنسيّة غير طبيعيّة تكون بغرضٍ غير التكاثر .. ويمكن أن يكون بين البشر والحيوان أو بين البشر وبعضهم .. والشذوذ الجنسي بين البشر نوعان: اللواط والسِحاق .. فاللواط هو ممارسة الجنس بين ذكريْن (إدخال قضيب أحد الذكور في شرج ذكرٍ آخر) كقوم النبي "لوط" .. والسِحاق هو ممارسة الجنس بين أنثتيْن (على أي صورةٍ كانت).

ما حُكْم الإسلام في الشذوذ والشواذ؟

لقد حرّم الإسلام الشذوذ واعتبره من الكبائر بل ذهب البعض إلى وضعه من أكبر الكبائر بعد الكُفر والعياذ بالله .. ويفصح لنا القرآن عن أن الله - سبحانه وتعالى – عاقب الكافرين على مر التاريخ بعقوبةٍ واحدةٍ فقط (عاقب قوم "نوح" بالطوفان، وعاقب قوم "عاد" بالريح، وعاقب قوم "ثمود" بالصيْحة، وعاقب "فرعوْن" وقومه بالغرق .. إلخ) أما قوم "لوط" الذين مارسوا الشذوذ فقد عاقبهم – جلّ جلاله – بعقابٍ مزدوج فيه بيانٌ لشدّة التحريم وفداحة التجريم: فخسف بهم الأرض وجعل عاليها سافلها ثم أنزل عليهم أيْضاً حجارةً من سجّيلٍ (حجارة متحجّرة من الطين) منضود (مرتّبة ومتراكبة فوق بعضها كحبّات الرمّان) ومسوّمة (تم تعليم كل حجرٍ بعلامةٍ عليها اسم مَن ستنزل عليه لتُهلِكه) عنده تعالى.

وقد حَكَم الشرع على الشواذ من ممارسي اللواط (الفاعلين والمفعول بهم سيّان كانوا متزوّجين محصنين أم عُزّاباً غير محصنين) بإقامة حَد القتل (بأي وسيلة) عليهم شرط أن يتوافر أربعة شهودٍ عدول لا يرجعوا عن شهادتهم بأنهم رأوا بأعينهم دخول حشفة قضيب الفاعل بالكامل داخل شرج المفعول به (كدخول المرود في المكحلة) وشرط أن ولي الأمر هو الذي يقوم بتنفيذ الحَد .. أما السحاق فليس فيه حَد وإنما يعاقب بالتعزير أي بالمعاقبة بعقوبةٍ مشروعةٍ بغرض التأديب على معصيةٍ أو جنايةٍ لا حَد فيها ولا كفّارة كالتعزير بالقوْل (كالنُصح أو التوبيخ) أو بالتغريم (دفع المال) أو بالنفي (خارج الموْطن) أو بالجَلد (بأقل من عشر جلدات) أو بالحبس (لمدة يحدّدها ولي الأمر أو القاضي) أو حتى بالقتل (في حالة عدم الارتداع والإصرار على المعصية التي يمكن أن تضر بالمجتمع أو تتسبّب في انحراف أخلاقه).

ما الغرض في تحريم الشذود وما الحِكمة منه؟

يكفينا أن نعلم حُكم الدين بتحريم الشذوذ كي نسمع ونطيع دون جدال (فنحن نصلّي المغرب ثلاث ركعات دون أن نعرف لماذا لا تكون أربعة، ونصوم شهر رمضان دون أن نسأل لماذا لا يكون شهر محرّم بديلاً) ففي ذلك إيمانٌ عميقٌ بالله تعالى وثِقةٌ في أن شرعه حكيم وأن طريقه هو الصراط المستقيم .. ولكن لا بأس من استعراض أضرار الشذوذ على الفرد والمجتمع كي يطمئن قلبنا أكثر ويزداد إيماننا عُمقاً ويتعاظم يقيننا بأن الإسلام قد نزل لصلاح الناس وهدايتهم للتي هي أقوَم .. ومن هذه الأضرار:

1.    مخالفة فِطرة الله تعالى التي خلقنا عليها بميْل الذكر للأنثى لحثّهما على التكاثر والتناسل وإنجاب الأطفال من أجل تزكية النفس بالزواج وعمارة الأرض بالذريّة.

2.    تشبّه الرجال بالنساء وتشبّه النساء بالرجال واختلاط الخصائص والصفات بينهم ممّا يؤدّي لعدم قيامهم بالوظائف الطبيعيّة التي تتّسِق مع خِلقتهم.

3.    تدمير المجتمع بالاعتداء الجنسي على الأطفال (أو الكبار) غير الشواذ وانتشار الفاحشة والرذيلة والبغي بين الناس.

4.    تفكك الأُسَر وانحلالها وترك الأعمال والدراسة والانشغال بمثل هذه الشذوذات والمفاسد .

5.    فقدان ماء الحياء من وجه الشخص الشاذ فلا يستحي بعد ذلك لا من الله ولا من خلقه  فيفسد في الأرض فساداً لا يُرجَى له بعده صلاحٌ أبداً.

6.    انتشار الأمراض الجنسيّة بين الناس كالأيدز والزهري والسيلان.

هل يدعو الإسلام إلى معاقبة الميْل للشذوذ أو التفكير به؟

طبعاً لا .. فمجرّد الميْل الجنسي الِمثْلي (الذي لا يرقى لأن يكون عزيمةً أو تصميماً ولا يترتّب عليه قولٌ ولا فعل) لا يُعاقَب أو يؤاخَذ عليه الإنسان مهما كان سيئاً .. حتى التفكير في الشذوذ (دون ممارسته فعلاً) فلا يتوجّب المحاسبة أو إقامة العقاب .. بل إن الإسلام يدعو الناس لأن يعينوا مَن لديه ميولٌ مِثْليّة (في حدود الخواطر العابرة فقط وفي نطاق الحديث مع النفس فقط) ليساعدوه في أن يجاهد نفسه ليبتعد عن الشذوذ فينتشلونه إلى بر الأمان والاستقامة.  

المعاقبة تكون فقط لمَن يكون مُصرّاً على المعصية وعازماً على الشذوذ أو ممارساً له بالفعل دون أن يشعر بالذنب ودون أن ينوي التوْبة عن تلك الفاحشة.

هل الإسلام هو الدين الوحيد الذي حرّم الشذوذ؟

بالطبع لا .. فإن الأديان السماويّة كلها قد أجمعت على تحريم الشذوذ وعلى معاقبة الشاذ (الذي يصر على فِعل تلك الفاحشة ويعيث في الأرض فساداً وإفساداً وليس فيه صلاحٌ للناس) بالموْت أيْضاَ لحماية المجتمع منه ومن شروره.

وقد ذُكِر في التوْراه (العهد القديم أو الكتاب المقدّس لليهود): "إذا اضطجع رجلٌ مع ذكرٍ اضطجاع امرأة فقد فعلا رجساً .. كلاهما أنهما يُقتلان .. دَمهما عليهما" (لاويين 20 : 13) .. وذُكِر أيْضاً: "لا تُضاجِع ذكراً مضاجعة امرأة" (لاويين 18 : 22).

كما جاء في الإنجيل (العهد الجديد أو الكتاب المقدّس للمسيحيين): "لا تضِلّوا .. لا زناة ولا عَبَدَة أوثانٍ ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور" (1كورنثوس 6 : 9-10) .. وذُكِر أيْضاً: "وكذلك الذكورُ أيْضاً تاركين استِعمال الأنثى الطبِيعِي .. اشتعلوا بِشهوتِهم بعضهم لبعض .. فاعلين الفَحشاء ذكوراً بذكور .. إن الذينَ يعمَلونَ مثلَ هذهِ يستوجِبون الموت" (رو 28 : 32).

إذا كان الشواذ يولدون شواذاً ليس لهم القدرة على تغيير ميولهم فلماذا يخلق الله الشواذ ثم يأمر بعقابهم على ذنبٍ ليس لهم يدٌ فيه؟ .. أم أنهم  يولدون كباقي الناس الطبيعيّين ثم يصابون بالشذوذ بعد ذلك كمرضٍ نفسي أو كفسادٍ أخلاقي؟ .. وهل هناك علاج لمسألة الشذوذ أم أنها قضيّةٌ خاسرة لا فكاك منها؟

لا خلاف على أن الله قد ساوى بين الناس وخَلَقهم على الفطرة السليمة وجاء في حديثٍ قدسي قوْله تعالى: "وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم" .. والأصل أن الله كاملٌ قادرٌ لا يُخطئ وكل خَلْقه حَسَنٌ في أحسن تقويم .. فهو – سبحانه وتعالى عمّا يصفون – ليس ناقصاً أو قاصراً ليخلق أشخاصاً طبيعيّين وأشخاصاً أخرى بهم عَوارٌ أو عيْب (على الرغم من أنه تعالى يخلق ذوي العاهات ليبتليهم ويبتلي أهلهم بعضهم ببعض وليجتبي الناس جميعاً مَن يشكر ومَن يكفر) .. وعلى هذا فإن مَن اختلف أو تناقض عن هذه الفطرة وصار شاذاً فربما كان ذلك بسبب ما كسبت يداه من سوء خُلُق وربما كان بتفريطٍ منه باتباعه إغراءات وخطوات الشيطان وربما كان بسبب ما يحيط به من مؤثراتٍ وعواملٍ بيئيّةٍ فاسدةٍ مُفسدة.

واسمحوا لي أن أرفض قبول رأي كل مَن يبرّر سبب الشذوذ ويُرجِعه إلى أسبابٍ قهرية ويرى أن الشواذ مغلوبون على أمرهم ويطالب برفع يدنا عن المساس بهم ومعاقبتهم عليه لأنني لو قبلتُ تلك التبريرات لقبلتُ أيضاً نفس التبريرات التي يسوقها لنا مَن يزني ومَن يسرق فلن أساير المجرمين في تبرير جرائمهم فإن تبرير سوء صنيعهم وخُبث فِعلهم ورفع العقوبات عنهم بل والتسامح معهم وإعطائهم مزيداً من الحقوق التي لا يستحقونها لهو خطأٌ فادح سوف يؤثّر تأثيراً سلبياً كبيراً على المجتمع ويمزّق أوصاله .. ودعوني أعرض حلاً لكل مبرّرٍ لكي أنفي عن الإسلام تهمة ظلم هؤلاء الشواذ:

o     لو كان الشاذ قد صار شاذاً بسبب سوء أخلاقه وانسياقه وراء وَسوَسات الشيْطان فيجب عليه أن يعلم أن الأخلاق أكثرها مُكتسَب والحل لذلك يكون بتهذيب النفس للتغلب على هذا الخُلُق الذميم والمعصية القبيحة وسلوك السُبُل الصحيحة اللازمة لترك هذا الخُلُق كالتديّن والتعمّق في معرفة صحيح الدين وتربية النفس من جديد على الخُلُق القويم .. ومن الخطأ في هذه الحالة أن نتغاضى عن الشاذ الذي لا يقوم بتهذيب نفسه ومنعها عن الوقوع في المعاصي بسبب تقصيره وانقياده لشهوات بل يجب علينا معاقبته كما نعاقب الزاني.

o     ولو كان الشخص الطبيعي قد أصبح شاذاً بعد إصابته بمرضٍ نفسي فعليه أن يبحث عن العلاج ويلتمس الشفاء عند الأطباء المختصين فلكل داءٍ دواء إلا الشيخوخة (كما قال رسولنا الكريم) .. ومن الخطأ في هذه الحالة أن نتغاضى عن الشاذ الذي يصر على عدم سعيه للعلاج ليعيث فساداً بل يجب علينا معاقبته كما نعاقب السارق الذي يعاني من داء السرقة ويصر على الإضرار بالناس دون أن يطرق أبواب الطبيب.

o     أمّا لو وجد الشاذ نفسه شاذاً دون أن يعرف السبب أو فشل في اكتشاف أصل مشكلته أو رأى أن شذوذه كان بسبب تنشئته تحت عوامل بيئيّة أو مجتمعيّة خارجة عن سيطرته فما عليه سوى أن يجاهد نفسه لمنعها عن الانزلاق في معصية الشذوذ ويغالب أفكاره وميوله الشاذة ولا يستسلم لشهواته ورغباته الضالّة حتى لا تتغلّب عليه وتخرج من حيّز التفكير المجرّد إلى نطاق التنفيذ الفعلي وارتكاب الفاحشة .. تماماً كما تجاهد المرأة الطبيعيّة نفسها ويغالب الرجل الطبيعي شهوته كي لا يقعا في رذيلة الزنا.

هل للشواذ الحق في الحياة أم الأجدر أن يتم لفظهم من المجتمع وإنهاء حياتهم؟

بالطبع لهم كل الحق .. فالحياة هي حقٌ أصيلٌ لكل إنسان ويُعَد من أقدس الحقوق البشريّة على الإطلاق وأوْلاها بالإثبات والحماية .. والإسلام حرَّم تحريماً مشدداً قتل النفس بغير حق فلا يجوز سلب الحياة من أي إنسان إلّا لسببٍ خطير (وهو هنا ارتكاب فاحشة الشذوذ على أرض الواقع).

هل يتمتّع الشاذ بالمساواة مع الشخص الطبيعي؟

تعد المساواة بين الناس على اختلاف الأجناس والألوان واللغات مبدأً أصيلاً وحقاً مكفولاً في الشرع الإسلامي .. وللشاذ الذي لا يجاهر بشذوذه ولا يدعو إليه ولا يمارسه كل الحقوق التي يتمتّع به الإنسان الطبيعي فلا يقع في درجةٍ أقل أو تصنيفٍ أدنى في أي مجالٍ من المجالات.

هل الشخص الطبيعي أفضل عند الله من الشاذ؟

بالعكس .. فربما كان الشاذ – عند الله – في مرتبةً أعلى من الشخص الطبيعي لأن مجاهدة الشاذ لشذوذه وكفاحه في مقاومة ميْله الجنسي المِثلي ونجاحه في البُعد عن الفواحش علاماتٌ إيجابيّةٌ على تقواه بل تُعَد من الطاعات الكبار التي يستحق عليها الثواب والأجر.

هل يُحَرَّم على الشاذ الزواج من الأساس؟ .. وإذا كان متزوّجاً زواجاً طبيعيّاً (بين رجلٍ وإمرأة) هل يتم التفريق بينه وبين زوْجه؟

لا .. لا يُحرَّم على الشاذ الزواج بل ينبغي حثّه على ذلك لعل الله تعالى يرزقه بدل الشذوذ الجنسي الذي ابتُلي به الرغبة العادية في النساء فيستقيم سلوكه ويعود إلى طبيعة أبناء جنسه.

أمّا إذا كان متزوّجاً بالفعل فلا يتم التفريق بينه وبين زوجته شرط أن يقوم بالحد الأدنى من واجباته الزوجيّة الشرعيّة وأن يؤدي لها حقها في الاستمتاع الذي هو أحد الأهداف المقصودة من الزواج.

ما هي الخطوات التي يجب على الشاذ القيام بها للتغلّب على مشكلته؟

1.    أن يتوب إلى الله توبةً صادقة ويندم على تفريطه في حق الله ويعزم على الإقلاع عن هذه المعصية.

2.    أن يشغل وقته بطاعة الله وتكرار ذِكره سبحانه وتعالى .. مع الإكثار من قراءة القرآن وأداء الصلاة والتقرّب منه عز وجل والدعاء له بالعصمة من الزلل والالتجاء إليه والانكسار أمامه .. كذلك بملء الفراغ بالنافع من العلم والعمل.

3.    أن يصاحب الصالحين ويتقرّب منهم ومن مجالسهم ويترك مخالطة أهل البطالة والسوء .. وألّا يختلي بمَن يحتمل أن يغويه أو يثيره.

4.    أن يسد المنافذ والأبواب الموصلة إلى تلك الفاحشة ويكون ذلك بغض البصر والبعد عن المثيرات من وسائل اللهو المبتذلة كالأغاني الهابطة والأفلام المخِلّة والصور الإباحيّة فإنها من أكبر أبواب الفتنة وإثارة الغريزة.

5.    أن يتذكُّر يوم الحساب والموْت وأن يزور قبور الموْتى وأن يتخيّل الشاذ نفسه وهو في عدادهم وقد فارق الدنيا وترك لذّاتها وشهواتها وفني كل ذلك وبقي الإثم والعار ففي ذلك أكبر رادعٍ عن المعصية.

6.    أن يتزوج فإن الزواج أغضّ للبصر وأحصن للفرج وإن لم يستطِع فعليه بالصوم فإنه له وجاءٌ ووقاية كما قال الرسول الهادي.

كيف يواجه الشاذ ازدراء المجتمع له ومعاملته باحتقار؟

يجب على الشخص الشاذ أن أن يتحلّى بالصبر الجميل على ما يجده من معاملة الناس له .. وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" .. بل يجب عليه أن يحاول تغيير نظرة الناس له بإظهار استقامته وصلاحه وحرصه على التحلّي بالأخلاق الحميدة وأداء مناسك العبادة على الوجه الأكمل.

ما هو الموقف الواجب علينا - كمجتمع - أن نتخذه تجاه الشواذ؟

لا يجوز معاملة الشاذ بغِلظةٍ أو ازدراءٍ على خلفيّة ميْله الجنسي لبني جنسه فقط إذا كان يجاهد نفسه ولا يتبع هوى رغباته .. فلا يجب أن نتجنّبه أو نعزله بل ينبغي علينا أن نتقرّب إليه ونعينه على الخير واجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن ونساعده على أن يتغلّب على ما بداخله من اضطرابٍ نفسي أو عضوي أو أخلاقي وألّا نتوانى عن موعظته وبَذل النُصح الصادق له ودفعه للانخراط في المجتمع لنخفّف بذلك من وطأة شعوره بالدونيّة والذنب واحتقار النفس فنكسب عضواً صالحاً في مجتمعٍ سليم.

أما إذا أصر الشاذ على أن يمارس شذوذه قوْلاً وفِعلاً وظلَّ ينشر تلك الفاحشة الكبيرة بين شركائه وضحاياه واستمر في مخالفة ما نهى الله عنه وواصل تخريبه ونخره لأساس أخلاق المجتمع وعاداته وتقاليده فيجب على المجتمع نبذه ولفظه تماماً ثم رفع أمره إلى ولي الأمر أو السلطات لتسارع بقتله (بعد التأكّد أوّلاً من جُرْمه) والتخلّص من شروره وأذاه لتحقيق مصلحة المجتمع .. تماماً كما يُقطَع أو يُبتَر عضوٌ فاسدٌ بالجسم (به غرغرينة مثلاً) لإنقاذ باقي الجسد من انتشار البلاء لتحقيق النجاة من خطر الموت المحقَّق.

هل يُعَد ما فعله "محمد أبو تريكة" (بعد أن نهى عن الدعاية لاعتبار ممارسة الشذوذ فِعلاً مألوفاً يجب التعايش معه وبعد أن نصح بعدم مجاراة دعوة الغرب لنا لقبول ممارسة الشذوذ وزواج المثليّين في المجتمع) دعوةً للكراهية والتحريض ضد شريحةٍ بالمجتمع موجودة بالفعل وتعاني الاضطهاد؟

بالتأكيد لا .. فكما قرأتم فالشرع الإسلامي لا يدعو لكراهية الشواذ (الذين لم يتعدّى شذوذهم حدود الميْل والتفكير فقط دون الممارسة الفعليّة لما حرّم الله تعالى) ولا يُحرِّض ضدهم بل يدعو لاحتوائهم والتكاتف معهم ومساعدتهم على هزيمة شذوذهم وضمّهم لصفوف المجتمع الطبيعي السليم .. لقد وضع الرجل (وأنا لست من محبينه بل من أشد المعجبين بشجاعته) الأمور في نصابها وحاول – ونجح في مسعاه – أن يدق ناقوس الخطر للالتفات لخطورة ما يحاول المثليّون ومؤيّدوهم أن يسرّبوه لعقلنا الباطن من أن "الشخص الشاذ جنسياً إنسانٌ مسكين ليس له يدٌ في شذوذه وأنه يجب علينا أن نحتضنه ونتجاوز عن ممارساته ونعترف بحقه في أن يتزوّج من نفس جنسه وأن نعترف بأن ذلك من قبيل الحريّة وحقوق الإنسان".

ربما لم تُتَح له الفرصة والمجال والوقت لأن يستعرض وجهة نظره بتفاصيلها الكاملة كما فعل العبد لله المتواضع "ابن أبي صادق" .. والله من وراء القّصد. 

google-playkhamsatmostaqltradent