صورة واحد رئيس حي (1)
الأحد:
يا فتّاح يا عليم يا رزّاق يا كريم، صبحنا
وصبح المُلك لله، يارب صبَّحنا وربَّحنا وبين عبادك ما تفضحنا، اليوم باين من
أوِّله، أوِّل ما وصلت المبنى الإداري لرئاسة الحي لقيت
الموظَّفين بيجروا يسلّموا عليَّ بمنتهى اللهفة كأني راجع من سفريّة طويلة مع إني
لِسّه سايبهم آخر النهار أوِّل اوِّل امبارح يعني من يومين ورجعت النهار ده بعد
أجازة الجُمعة والسبت، وكل واحد فيهم ما فيش على لسانه غير جُملة واحدة: "حمد الله ع
السلامة يا إكرامي بيه ..
حمد الله ع السلامة يا إكرامي بيه"!، أكونش سافرت أو اتحجزت ف المُستشفى وانا
ما اعرفش .. غريبة قوي.
بعد أن دخلت مكتبي اندفع ورائي سكرتيري
"سليمان المُنشار" وهو يلهث قائلاً:
-
حمد الله ع السلامة
يا باشا .. بركة إنّك رجعت لنا بالسلامة.
-
إنت كمان يا
"سليمان"! .. ما لكم النهار ده.
-
على الله بس يا باشا
ما يكونوش مسكوا عليك حاجة؟
-
مسكوا إيه؟! .. قصدك
إيه؟!!
-
معاليك ما قريتش
الجرايد النهار ده؟
-
يا بني ما انا لِسّه
جاي قُدّامك .. ما انت عارف إني ما باشتريش الجرانيل وباستنى لغاية ما اوْصل هنا
والاقي الساعي شاري لي كل الجرانيل والمجلّات على حساب الحي .. وباقعد ساعتين
تلاتة كل يوم الصُبح أفلّي فيهم علشان أضيّع وقت فراغي لغاية ما امضي انصراف.
-
عشان كده بقى سيادتك
ما عندكش فكرة.
-
فكرة عن إيه يا جعِر
انت؟! .. ما تتنيّل تتكلّم.
-
أصل فيه خبر نازِل ف
كُل الجرايد مكتوب فيه: "القبض على رئيس حي المنتزة وإحالته إلى النيابة
الإداريّة لارتكابه مُخالفات ماليّة وإداريّة في مجال عمله والخروج عن مُقتضيات
وظيفته واستغلال منصبه في التربُّح والاعتداء على المال العام".
-
أنا؟!!!
-
الظاهر فيه حاجة غلط
يا باشا.
-
كل دي تُهَم؟! .. ما
قالوش إيه هيَّ المُخالفات دي؟
-
لأ.
-
تكونش تراخيص البُنا
اللي بنصدرها للمقاولين بالفلوس أو بناخد فيها نِسبة م الشُقق مجاناً اتشمِّت وحَد
عرف عنها حاجة؟!
-
ما اظُنِّش يا باشا ..
معاليك عارِف إن الباشمهندس "عطيّة" حريص وما بيسيبش وراه أي هفوَة
تتمسك عليه أو علينا.
-
يمكِن قصدهم على
طرمختنا على مُخالفات المباني وعدم تنفيذ قرارات الهدم الكُلّي والإزالة الجُزئيّة
مقابل الكام ألف ملطوش اللي بنقسِّمهم على بعض؟!!
-
برضُه مش معقول ..
الباشمهندس "بدرخان" مطلّع قرارات الهدم بتاريخ قديم علشان ما تبقاش فيه
أي مُسائلة قانونيّة.
-
يبقى ما فيش غير
إنهم كشفوا العمولات اللي بناخدها على إعلانات الطُرُق والكباري.
-
الأُستاذة
"أُلفَت" مستِّفة أوْراقها كويّس وما تتخيَّرش عن "عطيّة"
و"بدرخان".
-
أومّال إيه بَس؟!!!
.. أوْعى يكون حَد بلّغ عن الرشوة اللي أخدناها من الشركة الجديدة بتاعة جمع الزبالة
علشان نمسِّكها جمع المُخلَّفات ف الحي بالأمر المُباشِر بعد ما فسخنا العقد
القديم مع الشركة اللي قبلها علشان اتأخَّرِت معانا ف دفع المعلوم الشهري رغم إننا
سايبينها تلِم فلوس م الناس من غير ما تشيل حاجة واكوام الزبالة بقت قد الجبال ف
كُل شارع؟!!!!
-
أوّلاً: الرشوة اللي
دفعها لنا المُتعهِّد الجديد بقى لها أكتر من تلات أسابيع .. ثانياً: قضايا الرشوة
دي بيبقى لها ترتيبات مخصوصة ولازم يبقى فيها تسجيل وتلبُّس .. هوَّ انا برضُه
اللي ح اقول لك يا باشا؟! .. ولَا هيَّ دي أوِّل ولّا تاني ولّا عاشر رشوة السنة
دي؟!!
-
طب اتصل لي
بـ"علوان" بيه سكرتير المُحافِظ استفهم منه عن المُصيبة دي.
-
ما انا اتَّصلت بيه
سِتّين مرّة وتليفونه كان خارج نطاق الشبكة .. شركات المحمول كُلّها بقِت زبالة ..
مع إنهم بياخدوا فلوس م المُشتركين قَد كِده .. وبيرموا لنا فتافيت رغم إننا
سايبين أبراج شبكات المحمول بتاعتهم من غير ما نحصّل منهم حق الدوْلة في الأبراج
دي.
-
طب اتَّصل بيه تاني
بَس ع الأرضي .. وسيب لي الجرانيل دول هنا اقراهم.
-
حاضر يا معالي
الباشا.
وبعد دقائق جائني "المُنشار"
وأبلغني أن "علوان" بيه على التليفون الأرضي الأزرق، رفعت السمّاعة
وتحدَّثتُ معه بصوْتٍ مُرتعِش:
-
صباح الخير يا
جنابه.
-
صباحك أبيض زي الحليب
يا "إكرامي" بيه.
-
أبيض إيه بَس يا
جنابه .. قريت الجُرنال؟
-
ههههه .. أيوه قريت
.. وسيادة المُحافظ هوَّ كمان قرا الخبر اللي تقصُده.
-
ها؟ .. وبعدين؟
-
ولا قبلين .. الخبر
ده ما يخُصَّكش خالص .. ولا يخُص محافظة "الأسكندرية" كمان.
-
إزّاي بقى مش انا
رئيس حيْ "المنتزة" اللي كاتبين عنه؟!