خبر
أخبار ملهلبة

"شيء من الخبث" | الفصل الثامن (2)


مجموعة من جنود الأمن المركزي التابع للشرطة المصرية يضربون بالعصي ويركلون بالأقدام ويخلعون ملابس فتاة تمت تعريتها وتسميتها فيما بعد بست البنات

"شيء من الخبث" | الفصل الثامن (2)

 

 

شاب آخر :

- واللهِ يا شيخ "إبراهيم" ما احتكينا بيهم ولا جينا جنبهم.. ده احنا كنّا واقفين ف أمان الله ف الساحة لقيناهم جايين علينا من الحارة دي وبيضربوا علينا قنابل دخّان وطوب ورصاص.. فاضطرينا نرد عليهم بالطوب علشان ما يدخلوش علينا الساحة.

الشيخ "إبراهيم" :

- طب ما كنتم سيبتوهم ف الأوّل.. مش احنا قلنا إن ثوْرتنا سلميّة؟

شاب :

- ما هو احنا لو سيبناهم كانوا دخلوا الميدان وموّتونا من الضرب.

"علّام" :

- طب ما هم كده برضه ضربوكم وموّتوا ناس كتير.. يبقى كان لازمته إيه بقى أنكم تعملوا كده وتحاولوا تحرقوا النقطة؟

"حمداوي" :

- ما كنّاش ح نحرق حاجة يا عم "علّام".. إنت ح تصدّقهم برضه؟.. دول بيتبلّوا علينا.. ما النقطة جنب الساحة ولو كُنا عايزين نحرقها كُنا حرقناها من زمان.. وبعدين إيش عجب ده الوقت ظبّاط الهجّانة خايفين ع النقطة وموّتوا مننا ناس ياما؟.. قال إيه بيدافعوا عنها.. طب كانوا فين قبل كده.. وما موّتوش ليه شويّة الغفر اللي عملوا مظاهرات قدّام النقطة وكانوا بيشخّوا على بوابة النقطة.. وبعد كده احتلّوا النقطة نفسها من جوّه كام يوم من غير ما حد يهوّب ناحيتهم.. دول كمان حرقوا كام أوضة ف النقطة وماحدش قال لهم تِلْت التلاتة كام.. ولا اكمن الحريقة كانت ف أوضة الاستيفا والورق اللي اتحرق كان ممكن يودّي "عتريس" ورجّالته ف ستين داهية؟

"أبوالمكارم" (وهو من رجال القرية المهذّبين والمتديّنين ولم ينضم إلى إخوان "وديع" أو جماعة "شحاته" لا لشئ إلا لأنه لا يبالي بالسياسة) :

- والبت "ست الناس" اللي سحلوها وعرّوها كانت برضه ح تحرق النقطة؟.. دول عالم كفرة.

"حسين" :

- سمعتوا عن شويّة البنات اللي الهجّانة مسكوهم وحطّوهم ف الحجز وخلّوا واحد الله أعلم إذا كان دكتور ولّا حلاق صحة يكشف عليهم ويشوف كل واحدة منهم بِكْر ولّا لأ؟

"أبو جَبْرَه" :

- لا حول ولا قوة إلّا بالله.. ليه؟

"حسين" :

- قال إيه علشان البت اللي مش بختم ربها يثبتوا عليها إنها مش بنت بنوت وما تقدرش تتبلّي عليهم إنهم عملوا فيها حاجة بطّالة.. بس ده طبعاً اللي همَّ بيقولوه.. إنما الحقيقة إنهم كانوا بيهتكوا عرض البنات دي لأجل ما يكسروا عينهم ويجيبوا دماغهم الأرض وما يطلعوش ف مظاهرات تاني.

المقدّس "عيسى" :

- إنقذني يا رب من أهل الشر.. من رَجُل الظُلم احفظني.

شاب :

- يا جماعة.. كل حاجة زي ما هي.. ما فيش حاجة إتغيّرت.. الحال على الحال والطحين على عياره.. من أيّام "عتريس" لأيّام ظبّاط الهجّانة يا قلبي لا تحزن.. ده حتّى ف لعبة الحكشة فريق "الأهالى" بيكسب و"الزمبلك" بيخسر برضه.. ما فيش فايدة.

الشيخ "إبراهيم" :

- لأ.. إن شاء الله فيه .. طول ما احنا مُصرّين ع الحق وإيد واحدة ح تبقى فيه فايدة.. إيد على إيد تودّي بعيد.. بس احنا المرّة دي بقى نثبت ف الساحة ما نمشيش منها إلا لمّا يتنفّذ كل اللي احنا عايزينه.. مش عايزين نعمل زي كل مرّة.. شوفوا احنا بقى لنا قٌد إيه ف الهم ده.. اللي تقُطُّه أحسن م اللي تمُطُّه.

وفي هذه اللحظة تصادف أن كان "وديع" و"شحاته" يمرّان بالساحة معاً وكان كل منهما في طريقه إلى سرادق الانتخابات الخاص به حيث كانت المنافسة بينهما محتدمة جداً، وكان مرورهما بالساحة غير مقصود بالمرّة لأنهما كانا قد انفصلا انفصالاً تاماً - بناءً على الأوامر الصادرة من "طهطاوي" لهما - عن أهل البلد المعتصمين بالساحة، وتفرّغ كل منهما لحملته الانتخابيّة، وبرّرا موقفهما هذا بأن الاستماتة في إجراء الانتخابات ووصولهم لمقاعد المجلس المحلّي هو الحل الأمثل لتغيير البلد للأفضل.

الشيخ "إبراهيم" :

- طب يا عم قولوا سلام عليكم منك له.

"وديع" و"شحاته" في نَفَسٍ واحد :

- سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ "إبراهيم" :

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. إنتم فين يا هرّابين؟.. يعني ماحدش شافكم ف الساحة من ساعة الجمعة بتاعة الحشد بتاعتكم؟

"وديع" :

- واللهِ يا شيخنا احنا شايفين إن المظاهرات دي مش ح تخدم البلد.. بالعكس ح تخربها أكتر.. وبعدين احنا مش عايزين حد يجرجرنا لمعارك احنا مش عايزين نخوضها ده الوقت.. إحنا مركّزين ف الانتخابات أَهَم.

"البُرعي" :

- قولوا إن انتم بعتونا علشان خاطر المجلس اللي هوَّ أصلاً ما كانش وقته ده الوقت.

"شحاته" :

- بالعكس ده هو ده الوقت المناسب للانتخابات بدل ما نضيّع وقتنا ومجهودنا ف مظاهرات فاضية وما لهاش لازمة.

"البُرعي" :

- مش كنّا انتخبنا العمدة الجديد الأوّل؟

"وديع" :

- ح نرجع لموضوع البيضة ولا الفرخة؟.. إحنا ناس عاقلين وبنفكّر ف الصالح ومش عايزين شغل صغار.

الشيخ "إبراهيم" :

- والله ما صغار إلّا اللي بيدوّروا على مصلحتهم وبس.

"شحاته" :

- إحنا شايفين إن مصلحتنا ومصلحة البلد حاجة واحدة.. وبعدين الساحة ده الوقت بقت بتلّم.. عيال صغيّرة على بلطجيّة على شويّة خنافس على حريم فلتان عيارها ودايرة على حل شعرها.

الشيخ "إبراهيم" :

- إخص الله يخيّبك بقى احنا عيال صغيّرة برضه؟.. ولّا الشباب بتوع المدارس والجامعة دول بلطجيّة؟.. ولّا يمكن الشيخ "عصمت" الله يرحمه اللي استُشهِد كان خُنْفِس.. ولّا "ست الناس" المؤدّبة اللي بتصلي الوقت بوقته كانت بتدور على حَل شعرها؟.. جاك حَل وِسطك منك له.. أنت مش بتختشي على دقنك أنت وهو؟.. سايبين الناس اللي بتموت وبتنصاب والبنات اللي بيتعرّوا وبينضربوا.. ورايحين تهيّصوا ف الانتخابات؟.. ده انتم ما بقاش عندكم ريحة الدم.. يا راجل ده إن كان اخوك ف أزمة.. إمشي حافي واقلع له الجَزمة.

"وديع" :

- وهوَّ احنا نازلين لوحدنا ف الانتخابات؟.. ما فيه ناس معاكم داخلة الانتخابات.. ما هو"حمداوي" أهه مشمّع الفتلة ونازل الانتخابات برضه.. ولا هوَّ حلال لكم وحرام علينا؟

الشيخ "إبراهيم" :

- واللهِ اللي انا اعرفه إن اللي عنده دم ما ينزلش الانتخابات إلا لمّا ناخد حق الشُهدا والناس اللي اتعوّروا م المجرمين اللي عملوا كده.

"وديع" :

- الناس اللي ماتوا واتعوّروا دول يستاهلوا اللي جري لهم.. مين قال لهم يروحوا هناك ويعملوا كده؟.. كل واحد يتحمّل نتيجة غلطته بقى.

"شحاته" :

- والبنات والستات اللي انضربوا دول إيه اللي خلاهم يخرجوا من بيوتهم؟.. طالعين المظاهرات يتلزّقوا ف الرجّالة ليه؟.. وبعدين البت اللي اتعرّت دي كانت لابسة ع اللحم في عز البرد اللي احنا فيه ليه؟.. ما هي لو كانت منقّبة كانوا العساكر احترموها وما عرّوهاش.. ولّا ما كانتش تطلع من دارها أصلاً.

الشيخ "إبراهيم" :

- البنات والستات دول طالعين معانا يجيبوا حقّنا ما دام انتم البُعدا ما عندكُمش دَم.. وبعدين فيه حد يقول الكلام الفارغ ده؟.. ولّا انتم عايزين تهربوا من ضميركم وبتقولوا كده علشان ما يبقاش شكلكم وحش قدّام نفسكم وقدّام الناس؟.. وبعدين من امتي كده وانتم رايحين جايين مع بعض؟.. خلاص بقيتوا سمنة على عسل؟.. صحيح اصطلح الفار ع العِرسة.. ونسيوا الهتيكة والجُرسة.

"شحاته" مزمجراً:

- بقى احنا فار وعِرسة برضه؟.. إنت بتتنأوز على رموز الإسلام؟.. ماشي.. إحنا ح نعدّيها لك المرّة دي علشان انت راجل كبير بس.. ياللا يا "وديع" احنا مش فاضيين للجِدال والكلام الفارغ ده.. ورانا حاجات أهم.. إنتم حرّين اعملوا ما بدا لكم.. اللي بيخرّز يخرّز على وِرْكُه.. واللي بيشيل قربة مقطوعة تخُّر على راسه.

وانسحب الثنائي سويّاً وتركوا أهل البلد في الساحة - وقد كانت أعدادهم في  تناقصٍ مستمر - في حالةٍ من السُخط والغضب وقد عادوا للهتافات من جديد ضد ضبّاط الهجّانة ولكن هذه المرة أضافوا إخوان "وديع" وجماعة "شحاته" ضمن من يهتفون ضدهم.

 

 

(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent