خبر
أخبار ملهلبة

الفصل التاسع (1) | نهاية العالم


مذنب لامع محترق يقترب من غلاف الكرة الأرضية وتظهر مركبة فضائية أو قمر صناعي

الفصل التاسع
الجمعة 9 / 10 / 2020
غداً النهاية (1)



منذ أن أعلن العلماء عن تأكّدهم من نهاية العالم في الإثنيْن المنصرم وقوّاد الجيش الأمريكي لم ييْأسوا من إمكانيّة تدمير المذنّب "المميت" قبل اصطدامه بالأرض ولم يركنوا إلى تكهّنات علماء الفضاء التي تؤكّد فشل أيّة محاولات لتفتيت المذنّب بأي نوعٍ من أنواع الأسلحة المعروفة، وكانت حجّة العسكريّين في ذلك أنّهم يستطيعون توجيه ضرباتٍ قاصمة للمذنّب "الفتّاك" إن لم يكن بمقدورها تدميره فعلى الأقل بإمكانها زحزحته قليلاً لينحرف عن خط مساره المرسوم ويخرج عن مدار اصطدامه بكوكب الأرض فينجو العالم كما حدث بالأفلام السينمائيّة وينسب الفضل لأصحابه من الأمريكان، فضلاً عن أنه ليس لديهم ما يخسرونه فإن نجحوا فسيكسبون المجد والفخار لهم ولبلدهم وإن فشلوا فلن يكون هناك أحدٌ باقٍ على قيْد الحياة ليلومهم على مسعاهم النبيل الذي تغلّبت فيه العقليّة العسكريّة المتحدية للمستحيل على العقليّة العلميّة المنطقيّة القائمة على الحسابات، ولم يضيّع العسكريّون الأمريكيّون وقتهم هباءً فسارعوا بالإتّصال بقرنائهم الروس ذوي الخبرة العالية في شئون الفضاء والأسلحة الوفيرة المؤثّرة وبدأوا في عمل دراسةٍ وافيةٍ سريعة عن "الماحق" قبل وضع خطّتهم للهجوم عليه والنيْل منه وتدميره لإنقاذ البشريّة.

وأطلق الفريق العسكري الأمريكي المركبة الفضائيّة "فاينال إمباكت" نحو "الماحق" فاقتربت منه وأسقطت فوقه شحنةً مصمتةً من النحاس تزن حوالي الطن فأحدثت اصطداماً هائلاً نتج عنه انبعاث أبخرةٍ ضخمة في الفضاء، ثمّ قامت السفينة الفضائية المجاورة "بروشلي أبوللو" التي أطلقها الفريق العسكري الروسي بتحليل مواد الغبار والرَغام المتصاعدة منه عن قرب وذلك بغرض معرفة تركيبه الكيميائي ومدى صلابته أو هشاشته، وأسفرت كل تلك المعلومات والنتائج عن رفع إمكانيّات وتِقنيات الفريق المشترك لجميع المعلومات اللازمة وبصفة خاصة الدقة في معرفة الطريقة المثلى للوصول إلى المذنّب والمناورة حوله وتحديد نوع الأسلحة ومكان وتوْقيت إسقاطها الدقيق على "المُميت"، وخلصت هذه الدراسات إلى تعيين موعد السادسة من صباح اليوم كساعة الصفر لمهاجمة المذنّب ومحاولة تدميره لدفع أكبر خطرٍ يهدّد البشريّة بالفناء والهلاك، كما تم تزويد جميع المركبات الفضائيّة بكاميرات تتابع وتنقل للعالم أجمع هذه اللحظات التاريخيّة التي تحدّد مصير الكرة الأرضيّة ومن عليْها.

وجاءت اللحظة الحاسمة في تمام السادسة وجلس سكّان الأرض في جميع أركانها حوْل شاشات التلفاز- التي انقسمت نصفين: نصف ينقل وقائع الأحداث في الأرض ونصف ينقل ما يدور في الفضاء- ليتابعوا على الهواء انطلاق السفن والمركبات الفضائيّة المحمّلة بآلاف الأطنان من مختلف أنواع أسلحة الدمار الشامل المتّجهة إلى "المُهْلِك" فوصلته في غضون الساعة والنصف وبدأت تعليمات القوّاد العسكريّين المتواجدين في القواعد الأرضيّة تتوالى على ربابنة المركبات الفضائيّة وقائديها عبر الأثير، وفجأة فقد ربّان إحدى هذه المركبات السيْطرة عليْها نتيجة اضطراب أجهزتها بسبب المجال الكهرومغناطيسي للمذنّب فمالت السفينة وترنّحت يميناً ويساراً وسط محاولاتٍ فاشلةٍ من قائدها للتحكّم فيها ثمّ اندفعت بَغَتةً على حين غِرّة فارتطمت بالسفينة القريبة منها بشدّة فانفجرتا معاً جرّاء ما تحملانه من أسلحةٍ ومتفجّرات وتناثر حطامهما في الفضاء اللانهائي مع أشلاء من كانوا عليْها من بشرٍ جادوا بحياتهم في سبيل إنجاء العالم من قدره المكتوب، وكان الناس في هذه البرهة الرهيبة مشدوهين فاغري الفم من هوْل ما رأوْا، وبعد هنيْهة بدأ العسكريّون في الأرض والفضاء في استعادة رباطة جأشهم وثباتهم رغم ما تكبّدوه من خسائر غير متوقّعَة في بدايةٍ سيّئةٍ للمهمّة قبل أن تبدأ عمليّة الهجوم وسط حزن الرجال ودموع النساء وفزع الأطفال المتابعين لما يجري لحظةً بلحظة.

وأصدر القادة أوامرهم لملّاحي المركبات بأن يطلقوا نصف حمولتهم من الأسلحة نحو قلب "المميت" في نفس اللحظة لتحقيق أكبر قدرٍ ممكنٍ من الدمار ممّا يؤدّي إلى تفتيته وتم التنفيذ بنجاحٍ كبير؛ فما عدا بعض الصواريخ القليلة التي ضلّت طريقها إلى "الماحي" وسبحت هائمةً في الفضاء وما عدا بعض القنابل والرؤوس النوويّة التي تفجّرت من تلقاء نفسها عند وصولها إلى الغلاف المحيط "بالماحق" ذو الحرارة العالية؛ شقّت معظم الصواريخ والقنابل طريقها إلى لُب المذنّب مباشرةً، وانتظر العالم الكاتم لأنفاسه لحظاتٍ مريرة مرّت كأنّها ساعات حتّى وصلت جميع هذه الأسلحة إلى سطح "المميت" في لحظةٍ واحدة فأحدثت به انفجاراً عظيماً فتصاعدت ألسنة اللهب والنار والدخان فغطّت على جسم المذنّب فأخفته عن الأنظار تماماً فلم يعد له أثرٌ بالمرّة فاندفع كل من كان في القواعد الأرضيّة من عسكريّين ومدنيّين بالصياح وهاجوا وماجوا وتقافزوا فرحاً بتدمير المذنّب ونجاتهم، وتبعهم كل المتابعين لهم في التلفاز فارتجّت الأرض كلّها جرّاء هذه الفرحة الطاغية.

 


(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent